التحريض ضد الشيخ عكرمة صبري وتصعيد المساس بمكانة الأقصى

تنزيل (16).jpg
حجم الخط

بقلم: المحامي زياد أبو زياد

 

كان بودي أن أكتب عن زيارة وزير الخارجية الأمريكية بلينكن أو عن التنسيق الأمني أو الوضع العام المتدهور في الأراضي الفلسطينية بشكل مضطرد ولكنني وجدت نفسي أمام حالة تتعلق بحياة أنسان، أو بعبارة أدق هدر دم انسان والتحريض عليه، في ظروف خصبة لتتلقف هذا التحريض وتنفذه ، وهذا الإنسان ليس إلا فضيلة الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا وأحد أبرز الشخصيات الدينية الإسلامية ليس في فلسطين فحسب بل في العالم الاسلامي ، وأرى لزاما ً علينا أن نتصدى لهذه الحالة لكي لا تحقق الهدف الذي تسعى اليه وهو إسكات ذلك الصوت وإلى الأبد.


لقد نشرت صحيفة "معاريب" عنوانا عريضا على صفحتها الأولى وتقريرا ً مطولا ً على الصفحات الداخلية تسخر فيه من قول القياديين الإسرائيليين بأنهم يريدون تطبيق حكم القانون الإسرائيلي، وتعرض أمامهم تقريرا مطولا عن الشيخ عكرمة صبري تستعرض فيه حياته ونشاطاته وزياراته للعائلات الثكلى وخطبه يوم الجمعة وتصريحاته في القدس، وتصفه بأنه من كبار المؤثرين المسلمين في كل ما يتعلق بالقدس ومن كبار المحرضين الذين يتجولون بالمدينة، وتتساءل لماذا لا يزال هذا الشخص حرا ً.


و"معاريب" لا تتهم الشيخ عكرمة بالنشاط السياسي المتطرف الذي يمكن أن يكون أمر التعامل معه من اختصاص الجهات الرسمية، وإنما تتهمه بالتحريض ضد اليهود والتحريض على قتل اليهود وبالتالي فإنها تحيل أمره الى كل يهودي وليس الى من يمثلون القانون بإسرائيل.


ولكي أضع القارئ أمام مدى خطورة هذا التقرير فإنني أنقل هنا حرفيا ً المقدمة التي وضعتها الصحيفة لتقريرها المطول والذي عنوانه: "الدولة التي تسمح لهذا الرجل بأن يتنقل بحرية هي دولة مجنونة".

 

 وتصدرت التقرير صورة يجلس فيها الشيخ عكرمة متوسطا ً الشيخ رائد صلاح والأرشمندريت عطالله حنا، وهذه الصورة بحد ذاتها هي تحريض ضد الشيخ عكرمة والأرشمندريت عطا الله حنا لأن الإعلام والقضاء والجهات الرسمية الإسرائيلية وصمت الشيخ رائد صلاح بالتحريض واغتالته معنويا وصنعت له صورة نمطية سلبية في أذهان الإسرائيليين. ووجود هذين الرجلين معه في نفس الصورة هو لربطها بالصورة النمطية التي نجحوا في رسمها للشيخ صلاح للتحريض ضدهما.


وتقول مقدمة مقال معاريب:
"الشيخ عكرمة صبري، سابقا ً مفتي القدس، هو أحد ماكينات التحريض الضخمة ضد اليهود. وهو يؤيد ويدعم العمليات الانتحارية، وهو يدعو المسلمين لأن يكونوا شهداء، وهو يشارك في كل مناسبات حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله، وهو يقف مسبقا ًوراء كل الاقتحامات والأنشطة العربية العنيفة في "جبل الهيكل" أي الأقصى، فهل يستطيع أحد أن يفسر لنا كيف تستطيع دولة ذات عقل أن تسمح لمثل هذا الشخص أن يتنقل ويتجول بحرية ؟"


واستهلت الصحيفة تقريرها بالقول:" أسبوع من العمليات القاسية بالقدس .... سمعنا الكثير من الكلام في الأيام الأخيرة في أعقاب الدم المسفوح عن ضرورة محاربة الإرهاب ومحاربة التحريض في شرقي القدس، ولكن يكفي متابعة وتفحص حالة واحدة لكي نفهم حجم التقصير في هذين المجالين، والحالة التي أقصد أن نتفحصها اسمها "عكرمة صبري".


التقرير يحمل في طياته اتهامات وتصريحات منسوبة للشيخ عكرمة لا يمكن أن تمر بهدوء على أذن القارئ اليهودي، وهي اغتيال معنوي للشيخ الجليل يمهد للاغتيال الجسدي كما جرى في حالات سابقة أبرزها اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اسحق رابين في أعقاب رفع صورته في مظاهرات اليمين وهو بملابس نازية، أي أننا أمام تحريض سافر للمتطرفين اليهود ليعتدوا على فضيلته ، وهو تهديد لحياته بكل معنى الكلمة.


الكل يعرف ويقرأ في الصحف ويسمع في الأخبار عن استدعاءات للشيخ الى دوائر الشرطة للتحقيق وبشكل مستمر، مع أن الشيخ عكرمة قد تجاوز الرابعة والثمانين من شيخوخته، وهو في عمر متقدم لا يحتمل الأعباء الجسدية وفي مكانة دينية مرموقة لا يجوز المساس بها.


الشيخ عكرمة صبري هو شخصية اعتبارية ومرجعية دينية عالمية. والمساس به هو مساس برمز مقدسي وإسلامي واستفزاز لمشاعر المسلمين في كل مكان.


إنني أنظر بقلق بالغ الى حملة التحريض الإعلامية ضد فضيلته وأرى في تقرير صحيفة معاريب أمرا ً خطيرا ً لا يجوز الاستهانة به أو السكوت عليه، وآمل أن تقوم الجهات الرسمية وغير الرسمية الفلسطينية والأردنية بشكل خاص والعربية والإسلامية والجهات الدولية بشكل عام بكل ما يترتب عليها من واجب حماية فضيلة الشيخ عكرمة وضمان احترام مكانته الدينية وسلامته الشخصية، وأؤكد بأن محاولات المساس بفضيلته هي جزء لا يتجزأ من مخطط مُعد ومدروس للمساس بالأقصى بدأ تنفيذه ودخل مرحلة التصعيد.