الضوء الأحمر يشتعل في الضفة دون انعكاس له في رأس القيادات

lFDcS.png
حجم الخط

 بقلم : حمدي فراج

 

 

ما الذي يمكن له إشعال الضوء الأحمر في رأس القيادة الفلسطينية لكي تغير الطريق الذي سلكته قبل ثلاثين سنة تجاه فرية السلام مع إسرائيل ، أكثر من ان ترى إنبثاق بؤر مقاومة شعبية و مسلحة ، فردية و جماعية – وفق ما يتيسر – من جنين الى نابلس الى القدس الى الخليل الى رام الله وأخيرا الى أريحا ، و هل من المعقول ان تشعر جماهير الشعب بكل هذا الظلم والعسف والقمع والاضطهاد ، دون ان تشعر به القيادة ، فتتخذ الإجراءات المغايرة والملائمة.

لا داعي هنا لاستعراض الحالة التي وصلنا اليها ، بدءا من الدماء التي تسفك يوميا ، والبيوت التي تهدم كعقوبات جماعية ضد ذوي المقاومين ، و الجثث التي تحجز في الثلاجات ، والاعتقالات اليومية بالعشرات في سجون يتوعد وزيرها بتحويلها الى جحيم على رأس نازليها ، والاستيطان الذي لم يتوقف ، بل الذي سيتم تشريعه خلال بضعة أشهر ، القدس عاصمة موحدة ، الأقصى مكان مقدس لليهود أيضا ، أموال المقاصة ليست أموال فلسطينة محضة .

الفصائل المعارضة ، و على رأسها الحركة الحاكمة في غزة ، ليست بمنأى عن ان تصحو بدورها ، من أن أسرائيل سادرة في طريق ضم مناطق شاسعة من الضفة ، أي تهويدها ، كما مع مدينة القدس ، التي يجري "تطهيرها" من الفلسطينيين على قدم و ساق ، فهي ليست استثناء ، و لا تختلف من حيث العقيدة التوراتية عن نابلس والخليل و بيت لحم . ما تقوم به هذه الفصائل من ضجيج اعلامي حول المقاومة المسلحة والانتفاضة الشاملة و سيف القدس ووحدة الساحات دون ان تعلن أي منها مسؤوليتها عن أي عملية ، حتى وصل الجهل بقيادي صف اول من حماس ان يكرر ما ذكره الاعلام الإسرائيلي عن منفذ عملية النبي يعقوب "فادي عايش" وانه من القسام ، فتبين انه حي يرزق وان المنفذ شخص آخر لم يكن له أي سجل فصائلي ، كذلك الامر مع الطفل منفذ عملية سلوان ، الامر ينسحب على الغالبية العظمى من هؤلاء الصناديد الشبان والفتيان الذين تحركهم جذوتهم الوطنية في دفع الظلم المحيق بهم و بأترابهم .

لم يكن اجماع الشعب الإسرائيلي على انتخاب قيادة يمينية فاشية أمرا عابرا ، انها لحظة الحقيقة الصارخة ، التي حاولت قيادات الشعب ان تضع يديها على عينيها كي لا تراها ، فلابيد لم يستطع تشكيل حكومة بدون المتطرف جدا نفتالي بينيت ، و غانتس لم يستطع تشكيل حكومة بدون نتنياهو ، و نتنياهو قبلهما لم يستطع تشكيل حكومة بدون افغدور ليبرمان ، والآن جاء بن غافير تحت شعاره الواضح : الموت للعرب . كيف سيواجه جمهوره بعد اربع سنوات اذا لم ينفذ الحد الأدنى منه ؟؟؟؟؟

قبل عشرين سنة ، سقطت بغداد في غمرة أيام ، بذرائع كاذبة ، من كان يتوقع سقوطها على هذا الشكل المريع و المروع ، و قد كانت تصنف عند البعض بالقوة الرابعة في العالم ، اليوم ننظر فلا نرى أي عاصمة عربية دون سقوط ، إما بالحرب والحصار ، إما بالتطبيع المخزي بدون ثمن ، اما بالانهيار الاقتصادي ، و إما بالتآمر على بعضهم بعضا .