ظاهرة استهداف الإسلام والفلسطينيين في الغرب

d5ac27ef3d43cab70774aacef4bb6ff7.jpg
حجم الخط

بقلم:د. أحمد يوسف

 

لم تتوقف إسرائيل والحركة الصهيونية عن رؤية الإسلام والحركة الإسلامية كخطر يتهدد مستقبل وجودها، لذلك لم تترك سبيلاً للتحريض وتشويه صورة المسلمين إلا وسلكته، وربما وجدت في الحواضر الغربية التي تنامى فيها انتشار الإسلام بيئة مناسبة لإطلاق حملاتها التشهيرية بالإسلام والمسلمين، وخاصة في بلدان أوروبية يحظى فيها اليمين المتطرف والصهيونية الدينية بمكانة سياسية في الحكومة أو البرلمان.

لا شك أن أمريكا وبعض الدول الأوروبية تجد فيها إسرائيل وأذرعها السياسية والإعلامية والدينية مدخلاً لاستهداف الإسلام والحركات الإسلامية والنشطاء الفلسطينيين في حواضر تلك الدول واتهامهم بالتطرف والإرهاب حيناً وبمعاداة السامية حيناً آخر، إذ يشكل هذا التواجد المتنامي للمسلمين كصوت انتخابي خطراً على مستقبل النفوذ الذي تتمتع به إسرائيل ولوبياتها هناك، كما أنَّه سيحد من قدراتها في التأثير على سياسات تلك الدول تجاه بلدان منطقة الشرق الأوسط، وتحجيم مواقفها تجاه ما يحدث فيها من صراعات تحاول إسرائيل أن تكون المستفيد الأول منها.

اليوم، الإسلاموفوبيا هي حملة ممنهجة لاستبقاء حالة الخوف والتوجس من المسلمين حاضرة في الذهنية الغربية لا تغيب، وتهدف للتضيق على الحضور الإسلامي المتنامي في الغرب، والتحريض على الجمعيات ونشطاء العمل الاسلامي، وقطع الطريق أمام أي جهود للمسلمين في الغرب لنصرة القضية الفلسطينية، والوقوف في وجه السياسات الإسرائيلية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني.

الإسلاموفوبيا في الغرب اليوم هي جريمة بلا عقاب، برغم التحذير من مخاطرها على النسيج الثقافي الغربي، والتأثير السلبي على صور التعايش والتسامح القائم بين شعوب الدول الغربية المتعددة الأعراف والديانات.

إن التحذيرات الكثيرة لمخاطر ظاهرة (الإسلاموفوبيا) قد خرجت من داخل الاتحاد الأوروبي، وهي تندد بهذه السلوكيات السلبية تجاه مسلمي الغرب؛ كونها تشكل تهديداً على الأمن والاستقرار في دول الاتحاد، كما تمَّت الاشارة إلى أن كثيراً من صور هذا التحريض تأتي - وأسفاه - من جهات رسمية عربية ما تزال هي الأخرى تجد في تنامي ظاهرة الإسلام السياسي في بلدانها خطراً يتهدد عروشها. وبحسب ما أوردته إحدى المجلات الغربية، فإن الأنظمة العربية القمعية هم من أكثر مروجي "الإسلاموفوبيا" في الغرب، فالحكومات العربية والمسلمة المستبدة تعمل – مع الأسف - على تذكية الكراهية الموجهة ضد المسلمين كجزء من حملاتها التي تشنها ضد المعارضين لها في الداخل والخارج، بل إن بعضها قد ذهبت في سعيها لتبرير القمع الذي تمارسه باسترضاء الغربيين، عبر إبرام تحالفات غير رسمية مع المجموعات والشخصيات المحافظة واليمينية في الغرب، والتي لا شغل لها سوى نشر العنصرية والكراهية ضد الإسلام والمسلمين. وتنفق هذه الأنظمة العربية ملايين الدولارات على مراكز البحث والتفكير وعلى المعاهد الأكاديمية وعلى شركات اللوبي والضغط السياسي، بهدف التأثير على التفكير داخل دوائر صناعة القرار في العواصم الغربية تجاه النشطاء السياسيين المعارضين لحكم هذه الأنظمة، والذين يغلب عليهم طابع الالتزام الديني.

لا شك أن ظاهرة الإسلاموفوبيا سوف تنتهي في الغرب؛ لأن المسلمين تاريخياً لهم الكثير من الإسهامات في الحضارة الغربية، وهم اليوم أصبحوا جزءاً من الخريطة المجتمعية والدينية والنسيج الثقافي في الغرب، وأن التحريض ومحاولات التشهير والتشويه هي سياسات وحملات خاطئة، وتلقى اليوم انتقادات لها داخل البرلمان الأوروبي، وربما نشهد وضع قوانين مشابهة لتلك التي جرَّمت "معاداة السامية"، وأن حظر تلك السلوكيات المعادية للمسلمين في الغرب هي فقط مسألة وقت.

وكما نجحت الجالية المسلمة في ولاية مِنسوتا الأمريكية باستصدار التشريع الذي يسمح لها برفع الأذان من فوق مسجدها كحق من حقوقها، فإن تشريعات اخرى ستجد طريقها إلى التطبيق مثل حظر "الإسلاموفوبيا".

ختاماً.. إن الإرهاب غدا سلوكاً منبوذاً عند الجميع، ولا يجد لمنطقه – اليوم - قبولاً حتى في بلاد العرب والمسلمين، وإن دعم الإسلام المعتدل الذي يمثل التيار الوسطي هو ما سيؤدي إلى تجفيف منابع الغلو والتطرف، والتعجيل بالقضاء على الإرهاب المنفلت من عقاله، وتحجيم شعبية مناصريه.

لا شكَّ بأن الاعتدال في المشهد الحركي الإسلامي سيقطع الطريق أمام دعاة الإسلاموفوبيا من الصهاينة واليمين المتطرف في الغرب، وستخرج من القوانين التي تحظر الترويج لمثل هذه الثقافة السلبية التي تولِّد العداء والكراهية في الدول الغربية، فالإسلام لم يعد طارئاً على الغرب، بل هو اليوم مكون أساس داخل نسيجه الاجتماعي، ولا يبتعد كثيراً في سياقه الثقافي، حيث المساحات الفضفاضة التي تمنحها الديمقراطيات الغربية للأقليات العرقية والدينية في بلدانها، والمسلمون -اليوم- هم من أسرع هذه الجاليات عدداً وتأثيراً