لا تعتبر مدينة أريحا، ومخيم عقبة جبر للاجئين القريب منها، من رموز النضال المسلح الفلسطيني. في الانتفاضتين وفي فترات توتر أخرى تصرفت أريحا تقريبا بشكل منفصل عما حدث في مدن الضفة الغربية الأخرى. في فترة اتفاقات أوسلو نقلت إسرائيل للسلطة الفلسطينية في المرحلة الأولى السيطرة على أريحا كموطئ قدم أول في الضفة إلى جانب السيطرة على قطاع غزة، على افتراض أنه عند الحاجة يكون بالإمكان تطويق المدينة، ومنع خروج "الإرهاب" من داخلها.
لكن في الأيام العشرة الأخيرة وقفت المدينة الناعسة في مركز اهتمام جهاز الأمن، في أعقاب محاولة تنفيذ عملية فاشلة: فلسطيني مسلح وصل إلى مطعم إسرائيلي في مفترق الموغ جنوب أريحا، وقام بإطلاق رصاصة واحدة، وبعد ذلك هرب من المكان بسيارة مع "مخرب" آخر، بعد أن اكتشف أنه يوجد خلل في سلاحه. أظهر تحقيق "الشاباك" أن هذا الشخص هو عضو في خلية تابعة لـ"حماس"، وجد أعضاؤها ملجأ في مخيم عقبة جبر.
وحسب أقوال "الشاباك" فإنهم خططوا لتنفيذ عمليات أخرى. في نهاية الأسبوع الماضي دخلت قوة للجيش الإسرائيلي إلى المخيم، وحدث تبادل لإطلاق النار مع المسلحين، وأطلقت صواريخ مضادة للدبابات. وقد أصيب ستة فلسطينيين، لكن أعضاء الخلية نجحوا في التملص.
فجر أول من أمس كانت هناك محاولة أخرى للعثور عليهم. اقتحمت قوات من الجيش الإسرائيلي و"الشاباك" المخيم، وأثناء تبادل إطلاق النار قتل خمسة مسلحين فلسطينيين وأصيب اثنان، معظمهم كما يبدو من أعضاء الخلية. في الطرف الإسرائيلي لم يكن هناك أي مصابين. بشكل استثنائي، تنتمي القوة التي أصابت المسلحين لمنظومة حماية الحدود، وهي كتيبة مختلطة تخدم فيها مجندات أيضاً، شاركن في المعركة.
الآن ينتظرون رؤية إذا ما سيكون هناك أي رد على القتل عبر عملية من الضفة أو إطلاق الصواريخ من القطاع. وتيرة القتلى الفلسطينيين في الضفة هي أكثر من قتيل واحد في اليوم منذ بداية السنة. وفي الأسبوع الماضي ظهر تسخين على حدود القطاع شمل إطلاق القذائف والصواريخ المضادة للطائرات ونار الرشاشات. السؤال هو هل ستقرر "حماس" الرد على قتل النشطاء المتماهين معها في أريحا أم أنها سترخي الحبل لفصائل فلسطينية أخرى؟
رافعة ضغط سموتريتش
قبل بضعة أسابيع التقى الوزير بتسلئيل سموتريتش مع ممثل جهاز الموظفين العامين، البروفيسور دانييل هيرشكوفيتس، وشخصيات رفيعة أخرى في الجهاز.
على الأجندة كان طلب لسموتريتش وهو زيادة أعضاء الإدارة التي ستخدمه كوزير في وزارة الدفاع والمسؤول عن قضية الاستيطان في "المناطق".
أثناء المحادثات أوضح الوزير خطته وطموحاته في وظيفته الجديدة، التي يتولاها إلى جانب منصب وزير المالية. "في الحقيقة أجلس أربعة أيام في الأسبوع في مكتب وزارة المالية"، قال سموتريتش حسب المشاركين في المحادثات. "فقط يوم واحد أجلس في وزارة الدفاع. ولكن لا تخطئوا، المهمة الأكثر أهمية بالنسبة لي هي مهمتي في وزارة الدفاع". وقد أضاف سموتريتش إن نشاطه في وزارة الدفاع سيتم التعبير عنه بـ "أعمال استيطانية واسعة"، ستملي مستقبل الاستيطان في الضفة الغربية لسنوات قادمة.
في جهاز الأمن تولد الانطباع بأنه يوجد في يد سموتريتش وسائل لضمان التعاون معه: بصفته وزير المالية فهو الشخص الذي يوجد في يده صنبور الميزانية. قبل بضعة أيام في صفحته في تويتر نشر سموتريتش صورة وثق فيها جلسة له مع شخصيات رفيعة في وزارته في منتصف الليل. قام المتابعون بتكبير الصورة، واكتشفوا ما تم تسجيله على اللوح القابل للمسح في الوزارة أمام سموتريتش: "إضافات رئيس الأركان". ينتظر الجيش الإسرائيلي منذ فترة طويلة مساعدة وزارة المالية لتسوية الزيادة في مخصصات التقاعد للضباط المسرحين من الخدمة الدائمة. من المشكوك فيه إذا كان نشر الصورة جاء بالصدفة.
بدأ رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ولايته الحالية بهجوم تشريعي، هدفه إحداث انقلاب قضائي في إسرائيل. تتم الأمور بشكل سريع ومتطرف في الوقت الذي ما زالت فيه المعارضة وجهاز القضاء يحاولون استيعاب نواياه. ولكن من أجل تجسيد خطته وإنقاذ نفسه من الإدانة في المحاكمة الجنائية ضده فإن نتنياهو بحاجة إلى مساعدة شركائه في الائتلاف، الذين كل واحد منهم له أجندة سياسية ومصالح خاصة به. نتنياهو يجب عليه المناورة بينهم، وأن يوازن بين عدة أهداف، يحاول دفعها قدماً في موازاة ذلك.
إذا تصالح نتنياهو مع النيابة العامة والقضاة والمتظاهرين، وطلب إجراء حوار حقيقي حول المساومة (ليس المساومة الوهمية التي يدفعها قدما من قبله رئيس الدولة اسحق هرتسوغ) فسيضطر إلى كبح وزير العدل، ياريف لفين، الذي يمكن أن يقدم استقالته إذا شعر بأنهم لا يعطونه كل طلباته. إذا واصل إلى الأمام بكل القوة فإنه سيضطر إلى أن يطبق في المقابل وعوده لسموتريتش ووزير الأمن الوطني، إيتمار بن غفير.
لكن الدفع قدماً بالخطوات التي يقودها نتنياهو ولفين يمكن أن يكلف نتنياهو المواجهة مع الإدارة الأميركية وازدياد حدة التوتر في "المناطق". من الواضح لجهاز الأمن أن سموتريتش يريد العمل بسرعة. هكذا، جرت استعدادات لعقد جلسة أولى لمجلس التخطيط الأعلى في الضفة، وحسب التقديرات توجد على الأجندة المصادقة على بناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة، وهي الخطوة التي ستعقد العلاقات بالتأكيد مع الولايات المتحدة.
حقيقة أن الإدارة الأميركية لا تثق بوعود نتنياهو واضحة أيضا من الخطوة الاستثنائية التي اتخذها وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، الذي قرر بعد زيارته إسرائيل والضفة، الأسبوع الماضي، أن يبقي هنا شخصا رفيعا في وزارته وهي بربارة ليف من أجل الرقابة على خطوات الطرفين. نتنياهو، رغم الحكومة المتطرفة التي قام بتشكيلها، يستمر في اتباع خط منضبط في الساحة الفلسطينية، بعيداً عن مواقف شركائه.
في جميع القضايا التي توجد على جدول الأعمال في الفترة الأخيرة، مثل منع التصعيد في القطاع بعد إطلاق الصواريخ والتوتر في أوساط السجناء الأمنيين وإخلاء بؤرة أور حاييم الاستيطانية وتأجيل إجلاء القرية البدوية الخان الأحمر، هو اختار العملية المنضبطة أكثر.
في المقابل، أراد بن غفير تأجيج النفوس: زيارته كوزير للأمن الوطني للحرم، ومطالبة مصلحة السجون تشديد ظروف السجناء الأمنيين، وهدم البناء غير القانوني في القدس، والاستفزاز الدائم للعرب في إسرائيل.
تفاخر بن غفير بأنه منع السجناء الفلسطينيين من إعداد خبزهم بأنفسهم، حتى أنه نشر، أول من أمس، فيلم فيديو يظهر فيه وهو يحتفل بتناول رغيف خبز ويشرح بأن "الإرهابيين" في السجون لن يتمتعوا بمثل هذا الامتياز.
لكن في الخلفية توجد توترات أشد – حول توزيع كبار السجناء بين السجون ومعاقبة الأسيرات اللواتي عبرن عن السرور للعملية الدموية في نفيه يعقوب في القدس.
مؤخراً هدأت النفوش قليلاً في السجون. نفى الوزير ومصلحة السجون بأنه تم التوصل إلى تفاهمات مع السجناء. استناداً إلى تجربة الماضي فإنه يمكن الافتراض بأنه أيضا في هذه المرة دخلت المخابرات المصرية إلى الصورة، وأن كبار رجال "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في السجون حصلوا على رسائل مطمئنة تم تنسيقها مع إسرائيل.
في الأردن، رغم الزيارة الإيجابية نسبيا لنتنياهو لدى الملك عبد الله (العلاقات بينهما غير جيدة)، فإنهم قلقون مما يحدث في الحرم، وبالأساس من استفزاز بن غفير.
في زيارته للمنطقة ذكر بلينكن إمكانية أن يزور نتنياهو واشنطن قبل بداية رمضان في 22 آذار القادم (كان نتنياهو يأمل تسلم دعوة أبكر من ذلك، قبل نهاية شباط؛ ربما أن الأميركيين قد أجلوا اللقاء على خلفية معارضتهم للانقلاب القضائي). في الولايات المتحدة والأردن ومصر قلقون من إمكانية الاشتعال في القدس وفي "المناطق" في رمضان.
في محادثاته في رام الله كرس وزير الخارجية الأميركي معظم وقته لمخاوف الإدارة من تداعيات الإضعاف المستمر للسلطة الفلسطينية. حاول بلينكن التوسل لرئيس السلطة الفلسطينية كي ينشر الأجهزة الأمنية الفلسطينية للقيام بنشاطات جديدة في جنين ونابلس.
إن إعلان السلطة عن وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل رداً على عملية الجيش الإسرائيلي في جنين، التي قتل فيها عشرة فلسطينيين في نهاية كانون الثاني، لم يتحقق بالفعل.
الطرفان حتى الآن يجريان الاتصالات في قضايا ملحة، لكن القطيعة السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تقريبا كاملة. لا يوجد الآن أي بديل للقناة التي أدارها وزير الدفاع السابق، بني غانتس، مع الرئيس محمود عباس. معظم الرسائل تنقل للسلطة الفلسطينية بوساطة منسق أعمال الحكومة في "المناطق" و"الشاباك".
كتب ناحوم برنياع في نهاية الأسبوع في "يديعوت" أن الإدارة الأميركية، التي تخشى الاشتعال في "المناطق"، والتي تريد وقف الانقلاب القضائي في إسرائيل تتحسس مع نتنياهو بحثا عن صفقة.
سيضمن الأميركيون لرئيس الحكومة الدفع قدما بالضغط والخطط الهجومية ضد المشروع النووي الإيراني، وسيساعدونه في طريقه لتحقيق حلمه، تحقيق اتفاق تطبيع مع السعودية، وهو في المقابل سيكبح خططه في المجالات الأخرى.
التغيير في المقاربة الأميركية واضح أيضا في المناورة المشتركة مع الجيش الإسرائيلي، "جونفر أوك" التي جرت في الشهر الماضي والتي تقاسم فيها الطرفان أهداف هجوم في مناورة بصورة تذكر بهجوم مشترك في إيران. استخدم نتنياهو أيضا إيران حجة، وربما ذريعة، في محادثاته مع شركائه في اليمين. هم حسب رأيه يجب أن يأخذوه في الحسبان في "المناطق" كي لا يشوشوا الاستعدادات لهجوم في إيران. ولكن منذ عقد تقريبا يلوح رئيس الحكومة بالورقة الإيرانية لأغراض داخلية. من غير المؤكد أن شركاءه سيقتنعون بذلك بسهولة. على الأجندة، يجب التذكر، ما زالت توجد إمكانية حدوث انتقام إيراني على هجوم الحوامات الذي نسب لإسرائيل في أصفهان، الأسبوع الماضي.
عن "هآرتس"
4 إصابات باعتداءات للمستوطنين في نبع العوجا شمال أريحا
01 ابريل 2025