"ما بعد عباس"..وإعلان دولة فلسطين!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور 

عاد الحديث مجددا عن ملف "ما بعد عباس" ليحتل مكانه في "أجندة" وسائل إعلام بعضها ربما بشكل "بحثي – أكاديمي"، وغالبها بشكل يحمل شبهة "سياسية خبيثة" صريحة جدا، لا تحتاج جهدا لمعرفة الأمر.

السؤال بذاته لم يصبح جزءا من "الجدل الوطني" الفلسطيني خلافا لما يحدث بالإعلام العبري وبعض الدولي، ليس لأنه ليس هاما للشعب وكيانه الرسمية القائم، ولكن لعل الغالبية الفلسطينية تدرك أن الحديث لا ينطلق من حرص او مصلحة على القضية الوطنية، بل ربما عكسها، ولذا لم تنجح بعد دولة الكيان بنقل "رغبتها" بأن يصبح النقاش الداخلي منطلقا من "ما بعد عباس"، رغم بعض اختراقات من خلال مراكز مجبرة على ذلك بحكم التمويل و"التمايز السلبي".

مبدئيا، يجب التوضيح، ان الرئيس محمود عباس لم يعد يتعامل بأنه رئيسا لسلطة بل رئيسا لدولة فلسطين، بدأ الاستخدام بها ما بعد اتفاق القاهرة بين مختلف الفصائل، فبراير 2021، عامين من اليوم، وأكده رسميا من خلال المجلس المركزي 2022 الذي أعلن عن إعادة انتخابه رئيسا لدولة فلسطين، واختفى كليا تعبير "رئيس السلطة" من الأدبيات الرسمية.

التغيير يحمل مؤشرا سياسيا هاما، وإن كان بطريقة التفافية، بالذهاب نحو الانتقال بالحالة الكيانية من "سلطة الى دولة"، ضمن حسابات عدم فتح معركة مع الإدارة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، ورد فعل الكيان الاحتلالي، رغم انها "حسابات مرتعشة" لن تنتج عقوبات أكثر مما حدث سابقا، ويحدث راهنا.

إعلان دولة فلسطين كدولة تحت الاحتلال وفقا لقرار 19/67 لعام 2012، سيفرض معادلة جوهرية جديدة، وواقع جديد، ويقطع الطريق على الكثير مما يمكن أن يكون تآمرا بعضه بدأ يطل براسه، بتحضير "بديل ممكن" ضمن "صفقة ممكنة" لـ "حل ممكن"، والرد الإسرائيلي في حال القيام بتلك الخطوة لن يكون أكثر مما هو قائم، حيث دولة الاحتلال وحكومتها الفاشية لا تعترف بالرئيس عباس ولا بالحكومة وبالطبع لا تعترف بالسلطة وكيانها وقبلهما منظمة التحرير، والخسائر لن تكون سوى امتيازات للبعض وخطوات لن تفوق ما هو قائم موجود، ولن تكسر العامود الكياني الجديد.

 فيما الإدارة الأمريكية لم تغير موقفها جوهريا عما حدث خلال فترة ترامب، بعد اغلاق مكتب منظمة التحرير وعدم فتح قنصلية القدس واستبدالها بعملية "البريد الزاجل"، ومسمى ورقي للشؤون الفلسطينية لا يجد له مكانا في أرض فلسطين (يحتاج كرفان محمول)، كإشارة لمدى ارتباط الموقف الأمريكي بالموقف الإسرائيلي، بعيدا عن "لقاءات تلفزيونية" هدفها احتواء رد فعل فلسطيني على جرائم حرب الفاشية اليهودية المستحدثة.

إعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال فوائده السياسية متعددة، منها تغيير طابع العلاقة مع دولة الكيان، وإعلان رسمي بانتهاء المرحلة الانتقالية التي طالت جدا، وتصويب مسار التفكير السياسي الفلسطيني، وتفعيل طلب الحماية الدولية ضمن البند السابع في ميثاق الأمم المتحدة، وسيكون تصويبا للحالة الالتباسية حول ماهية الكيان الفلسطيني وطبيعته، وقانونه، خاصة بعد قرار حل المجلس التشريعي، دون تقديم "البديل الواضح" للجسم القانوني الفلسطيني، مكتفيا بالبعد السلبي من المشهد.

إعلان دولة فلسطين، سيكون موضوعيا إعادة الاعتبار للمؤسسة البرلمانية القائمة "المجلس المركزي" كبرلمان مؤقت يمتلك صلاحيات تشريعية كاملة، وهنا تعود عملية الربط القانوني قبل السياسي بين فلسطيني "بقايا الوطن" في الضفة والقدس وقطاع غزة، وفلسطيني الخارج، والخلاص من حلقة "الفراغ" أو "الكسر" الذي أصاب تلك العلاقة، خاصة منذ عام 2005.

إعلان دولة فلسطين سيعيد جدولة النقاش الوطني الى المسار الحقيقي، من نقاش ثانوي حول "ماذا بعد عباس" وفتح "معارك وهمية" تخدم المشروع الاحتلالي، و"البديل الممكن" ضمن حسابات مشروع المحميات والنتوء، الى نقاش حول كيفية العمل على حماية المشروع الكياني الوطني الفلسطيني، محليا وإقليميا ودوليا، وتطوير آليات العمل نحو مفهوم الحماية الدولية، بالتوازي مع مسار "المحكمة الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".

إعلان دولة فلسطين، سيكون اختبارا وطنيا للبعض الفصائلي وخياراتهم الحقيقية، خاصة وأنها ستكون كيان رأس حربة مواجهة شاملة للمشروع التهويدي، ما قد يفتح حربا أو مواجهة كبرى، يصبح الحياد بها مظهرا من مظاهر التآمر الوطني.

إعلان دولة فلسطين يحاصر كثيرا مناورة دولة الكيان حول ما تسميه مرحلة "ما بعد عباس"، لأن القانون الأساسي لمنظمة التحرير هو "دستور دولة فلسطين المؤقت" وفقا لإعلان الاستقلال عام 1988 بالجزائر، ما يمثل "حصنا سياسيا – قانونيا" لقطع الطريق على أي مناورة استغلالية للضباب القانوني.

على حركة فتح أن تكسر التباس موقفها ورماديته الذي لا تستقيم مع مكانتها ودورها التاريخي، والذهاب الى العمل لردم مرحلة انتقالية والذهاب الى "الدائم الممكن"، الى حين ترسيخ معادلة "دولة الى جانب دولة"، بديلا لشعار الزيف "حل الدولتين".

ملاحظة: رئيسة بلدية برشلونة جمدت كافة العلاقات المؤسسية مع إسرائيل، بما في ذلك إلغاء اتفاقية التوأمة مع تل أبيب، ردا على ارتكاب إسرائيل جرائم بحق الفلسطينيين..خبر للبعض العربي الذي لم تهتز لهم شعرة رغم جرائم العدو..شكرا يا "آدا" ففلسطين تحفر في ذاكرتها كل نبيل وتلفظ منها كل خسيس!

تنويه خاص: أخبار بريطانيا "البلد العجوز جدا" تتلخص في كوارث بالداخل واضرابات ولعنة والدين على حال الغلابة..ومعها حرب لدعم أوكرانيا..اللي مش قادر يواجه عمال مضربين ويحل أزمتهم.. قال بده يهزم روسيا وينصر الممثل" اليهودي"...طلعت "تنك" يا سنك"!