الألم والحزن والغضب، هي المشاعر التي انتابت الانسان على هذا الكوكب، وهو يشاهد أثار الموت الأسود في سوريا وتركيا جراء الزلزال الذي ضربهما قبل خمسة أيام، أبرياء نائمون في منازلهم ساعات الفجر، في مثل هذه البرودة التي قيل انها وصلت ثلاث درجات تحت الصفر .
لكن أميركا بشكل خاص والغرب الاوروبي بشكل عام، أبى الا ان يزيد المشاعر أعلاه ، بشعور الاشمئزاز والتقزز، جراء الموقف الذي جسدوه بعدم ارسال المساعدات الى سوريا لمعاقبة بشار الأسد، لا يمكن للإنسان أيا كانت مقدرته على الصياغة ان يجد المفردات المناسبة لوصف هذا السلوك الذي اقل ما يمكن فيه ان ينحدر للسلوك المجافي للسلوك الآدمي.
لكن هذا قد يدفع المغشوشين بحضارة هذه الدول ورقيها، الى نزع ما يغطي على اعينهم وأدمغتهم، ويتذكروا التمييز العنصري ضد السود في شوارعهم، وكيف ربض شرطي ابيض على رقبة جورج فلويد سبع دقائق حتى فارقت روحه الحياة ، كيف تمت محاصرة العراق اثنتي عشر سنة وعانى من اطفاله موتا وتيتيما نحو مليون طفل بدعوى معاقبة صدام حسين واسلحة الدمار الشامل، وكيف تجرأت أميركا قبل نحو سبعين سنة على قصف مدن يابانية بالقنابل الذرية، وكيف تدعم أميركا دولة احتلال لشعب كامل اكثر من سبعين سنة دون ان تقدم أي مبادرات جادة لانهاء هذا الصراع ، وكيف ان بريطانيا احتلت الهند وقامت بضمها اليها لعدة قرون ، وكيف انها اسميت بالدولة التي لا تغيب عن مستعمراتها الشمس، وكيف تآمرت مع فرنسا لتقسيم الوطن العربي على هذه الشاكلة فيصبح "٢٢" دولة قابلة للزيادة في السودان وفلسطين واليمن .
اليوم ، وبعد هذا الموقف المتوحش من ضحايا زلزال سوريا، نستطيع الفهم لماذا أسبغ العلماء هذه اللفظة على هذا الغرب الرأسمالي المتوحش، انه هنا والآن قد رفض تقديم المساعدات، وفي نفس الوقت منع الآخرين من تقديمها، بمن فيهم دول عربية شقيقة و جارة سلوك لسوريا .
لن تمر المسألة مرور الكرام ، لا في أميركا ولا في أوروبا، ولسوف يشكل هذا السلوك الوحشي، تقويضا للبنات بنائه، التي بدأت بالانهيار لبنة وراء اخرى ، ستكون لبنة سوريا لا تقل أهمية عن لبنة أوكرانيا ، ولا عن لبنة إسرائيل التي بدأت بالتزعزع .
قبل حوالي سنتين ، في وقت الكورونا، هبت الصين وروسيا وكوبا لتقديم المساعدات لإيطاليا ، وخرج الايطاليون من شبابيك منازلهم يهتفون ويغنون للصين ولكوبا الشيوعيتان، واكتشف الشعب الإيطالي ومعه بقية شعوب أوروبا، ان الصين وكوبا اقرب اليه من الاتحاد الأوروبي واقرب الى نبضه الاخوي والإنساني من كل هذا النظام الذي لا يمت للاخوة او الإنسانية بصلة . أما سوريا الشقيقة فما عليها الا ان تنفض غبارها وتقوم من تحت الردم والرماد .