هارتس : تورُّط إسرائيل في تزوير نتائج الانتخابات في كينيا (2من2)

حجم الخط

بقلم: غور مجيدو وعومر بن يعقوب


قبل فترة قصيرة على الإعلان وقف أربعة من بين الاعضاء السبعة في لجنة الانتخابات على العشب الاخضر في احد الفنادق في نيروبي، واعلنوا بشكل غير مهذب بأنه لا يمكنهم الوقوف خلف النتائج التي سيتم نشرها.
قرأ الرئيس النتائج النهائية للانتخابات والتي بحسبها فاز اودنغا بـ 6.9 مليون صوت، 48.85 في المئة من الأصوات. في حين أن روتو فاز بـ 7.2 مليون صوت، 50.49 في المئة من الأصوات. وقال إن المرشحين الآخرين فازا بـ 0.67 في المئة من الأصوات.
في اليوم التالي قدم أعضاء اللجنة الأربعة بالتفصيل الادعاءات في مؤتمر صحافي. تناول أحد هذه الادعاءات "سخافة وعدم معقولية الحساب"، أنه في النتائج التي قرأها رئيس لجنة الانتخابات، الارقام التي عرضها (بالنسبة المئوية) تصل إلى 100.01 في المئة، أي اكثر من 100 في المئة. كان هذا ادعاء غريبا اذا أخذنا في الحسبان أن الرئيس عرض عدد المصوتين الدقيق الذي حصل عليه كل مرشح وسمح لكل من معه هاتف ذكي بحساب النسبة الدقيقة.
هكذا، رفضت المحكمة العليا في كينيا الادعاءات. "لم يقدم أعضاء اللجنة الاربعة للمحكمة أي معلومات أو وثائق تدل على المس بطهارة الانتخابات، أو على أن النتائج الحقيقية تختلف بشكل جوهري عن النتائج التي اعلن عنها رئيس لجنة الانتخابات".
بعد القرار أعلن اعضاء اللجنة الأربعة، المعارضون، أنهم يقفون الآن خلف النتائج ويعترفون بروتو رئيسا شرعيا لكينيا. ولكن التحفظ المؤقت والغريب لمعظم اعضاء اللجنة كان لا يزال فقط بداية الحملة للمس بشرعية نتائج الانتخابات. في المرحلة التالية تم وضع ضحايا الاختراق لحنان وسط الساحة.
جون جيتونغو شخص معروف جدا في كينيا، وهو الصحافي والباحث السابق الذي تم تعيينه في بداية سنوات الالفين مستشارا لمنع الفساد في حكومة الرئيس السابق، موئي كبكي، واطلع في اطار وظيفته على عدة صفقات فساد. ازاء هذه المكتشفات قام بعمل نادر جدا بمفاهيم افريقية، حيث سجل جيتونغو بالسر محادثات اجراها مع زملائه في الحكم، من بينهم وزراء في حكومة كبكي، وهكذا أدى الى كشف قضية فساد كبيرة مست صفقات حكومية.
بسبب هذه القضية اضطر جيتونغو للذهاب الى المنفى في لندن بضع سنوات. التسجيلات التي نشرها والثمن الشخصي الذي دفعه في اعقاب ذلك، جعلته شخصا مقدرا، ليس فقط في وطنه الذي عاد إليه فيما بعد.
بعد ثلاثة ايام على اعلان فوز روتو في انتخابات 2022، وعندما كان جيتونغو يوجد في فندق في نيروبي، توجه اليه أحد معارفه وطلب منه أن يعرفه على مصدر سري. بعد ذلك، روى الشاب المتحمس الذي تم عرضه على جيتونغو على أنه مهندس في البرمجة، للمرة الاولى قصة أثارت عاصفة: نتائج الانتخابات مزيفة، ولا تعكس رأي الشعب، والمصدر يعرف ذلك لأنه كان هو نفسه جزءاً من هذه المؤامرة.
حاول جيتونغو في البداية اقناع هذا المصدر بالاعلان عن أعماله أو توفير ادلة على تنفيذها. ولكن المصدر صمم على أن هذا سيعرض حياته للخطر. البديل الذي اتفق عليه هو أنهم سيدخلون الى غرفة في الفندق، ويصوروا محادثة بينهم لا تكشف عن هويته أو هوية المصدر، وهذا الفيلم سيتم تقديمه للمحكمة، وهذا ما فعلوه.
كان الرجل يضع قبعة على رأسه، ويرتدي قفازات بيضاء لإخفاء هويته. في الوقت الذي وثقته الكاميرا من الخلف وصف بالتفصيل قصة تثير القشعريرة عن "عملية السايبر لسرقة الاتخابات".
وقد قال إنه كان أحد اعضاء مجموعة تتكون من 56 شخصا أنزلت من الموقع المخترق للجنة الانتخابات نماذج التقرير عن نتائج فوز الاصوات في صناديق الاقتراع (نماذج أُعطيت الرمز 34أ)، غيروا "زوروا" البيانات في النماذج من خلال رفع عدد المؤيدين للمرشح روتو على حساب خصمه، وأعادوا زرع النماذج المزورة في حواسيب اللجنة.
عندما سئل من قبل جيتونغو من هم المسؤولون عنه، ذكر اسمين لشخصين رفيعين في مقر الحملة الانتخابية لروتو. وهما الشخصان اللذان تعامل معهما حنان في الحسابات المخترقة أمام ناظرينا قبل ثلاثة أيام فقط: اتومبي وتشرتشر. هما، قال المصدر، لم يخترقا المنظومة، بل فقط قاما بتشغيل طاقم المخترقين.
جيتونغو، المواطن المخلص، لم يبق غير مبال امام التفاصيل التي قالها له المصدر. في 21 آب وقع على تصريح استخدم كأساس للالتماس الذي تم تقديمه لالغاء الانتخابات، الذي قدمه المعسكر برئاسة المرشح الخاسر اودنغا. في هذا التصريح ذكر جيتونغو قصة توجه الشاب له، وأرفق فيلم الفيديو واضاف دليلا من ادلة الطب الشرعي كما يبدو: نسخة عن الشعارات (ملفات لوغ أو يوميات لنشاط الخادم)، التي حصل عليها من المصدر السري، والتي تدل على ادعاء المصدر بشأن عمليات الاختراق والتزوير التي وصفها.
لم تقتنع المحكمة العليا في كينيا بادعاءات جيتونغو، ولم تقتنع بدليل الطب الشرعي الذي قدمه المصدر. اثناء الاجراءات القانونية تبين للمحكمة أن الشعارات ليست إلا تزويرا يستند في جزء منه الى وثيقة اخرى مصدرها الحملة الانتخابية السابقة في كينيا في 2017.
في ايلول 2022 صادقت المحكمة العليا نهائيا على نتائج الانتخابات، وقررت أن "فحص جزء من الشعارات التي تم عرضها كدلائل اظهر بأن الامر يتعلق بأحد أمرين: إما شعارات من الانتخابات الرئاسية في 2017 وإما تزوير". جيتونغو نفسه قال مؤخرا لأحد المراسلين بأن اصالة الشهادات التي سمعها ليست واضحة له في هذه المرحلة.
لم يضع قرار الحكم حدا للادعاءات حول تزوير الانتخابات، التي تستمر في الوقوف في مركز النقاش العام في كينيا وتواصل اشعال الدولة، بل تواصل اخراج الجمهور الى الشوارع. منذ الانتخابات توجهت مصادر سرية مجهولة من خلال حسابات بريد الكتروني مجهولة لعدد من الصحافيين في ارجاء العالم، وعرضت معلومات أو وثائق تدل كما يبدو على تزوير الانتخابات. عمليا، ثلاثة من الصحافيين الاعضاء في الاتحاد الذي ينشر التقرير حصلوا على رسائل مجهولة كهذه في البريد الالكتروني.
في بداية كانون الثاني الماضي نشر جيفري سميث، مؤسس منظمة "فانغارد افريقيا فاونديشن"، مقالاً ارتكز حسب قوله الى وثائق حصل عليها من "كاشف الفساد في لجنة الانتخابات".
وقال، بلهجة معتدلة وغير هجومية واستنادا الى الوثائق التي عرضت عليه حسب قوله من قبل كاشف الفساد المجهول، بأن "التناقضات الواضحة هي التي لا تسمح لنا بالتقرير من هو الفائز. وهي تكفي من أجل التشكيك بالنتائج النهائية التي نشرتها لجنة الانتخابات". الوثائق نفسها لم ينشرها، وهذا ليس مشكلة الشفافية الوحيدة فيما يتعلق بالنشر.

عن "هآرتس"