رُغم الخلافات الظاهرة بين الحكومة الائتلافية ذات اليمين المتشدد بقيادة نتنياهو والمعارضة اليمينية إلا أنهم اتفقوا على المصادقة لصالح قانون سحب الجنسية والإقامة من الأسرى الفلسطينيين من داخل الخط الاخضر والقدس المحتلة ممن تتهمهم اسرائيل بتنفيذ عمليات ضد اسرائيليين وتتلقى عائلاتهم مستحقات مالية من السلطة الفلسطينية ويُنص القانون على إلغاء الوضع القانوني لأسرى الداخل الفلسطيني والقدس وإبعادهم فور انتهاء محكوميتهم إلى مناطق السلطة الفلسطينية.
ولكن إذا دققنا في إقامة بالتحديد الأسرى المقدسيين وعائلاتهم نرى أن أغلبهم يمتلكون الجواز الأردني إما المؤقت أو الدائم وهذا الأمر أن الاحتلال يعمل ضمن المُخطط التهجير الأولي من مناطق الاحتلال إلى الأردن وإن كان نص الإبعاد إلى أماكن السلطة الفلسطينية.
إن القرارات التي تصدر وبشكل سريع من قبل الكنيست الاسرائيلي تعكس مدى التوافق بين المعارضة والحكومة الائتلافية مهما كانت شدة الخلافات، وان جرأة الاحتلال في نص مثل تلك القوانين سيُشجعه على سن قوانين أخرى ليقينه أن الضغوطات الامريكية بوقف الاجراءات الأحادية تأثيرها عدمي أمام الاستمرار في سياسة الاحتلال في تفريغ الأرض بأكبر عدد ممكن من الفلسطينيين وتهويدها قدر المستطاع إما مرحليا او حسب خطة القفز السريع حسب مدى تسارع او تباطؤ مقاومة هذه المخططات.
ناهيك عن يقين الاحتلال ان العالم العربي لم يعد باستطاعته وقف اي اجراء احلالي بسبب حالة الحروب والكوارث التي تشهدها الدول العربية، ناهيك عن الاقتصاد المنهار في اغلب الدول العربية وتماشي بعض الدول مع مسار التطبيع الذي بات قريباً للعديد من الدول الخليجية التي لم تتضرر من مخطط الفوضى الخلاقة وهي فقط مسألة وقت للسير في هذا المسار واستكمال المشروع الابراهيمي والسلام الاقليمي الاقتصادي.
ان استمرار سن القوانين الاحلالية التي ابتدأت في القدس ما هي الا انعكاس طبيعة القوانين التي سيتم سنها في المستقبل والتي تُنذر بالتهجير القسري ناهيك عن التهجير الطوعي بسبب الاستمرار في سن القوانين التعجيزية للمواطنين العرب في الداخل المحتل والتي تعتبرهم دولة الاحتلال مقيمين مؤقتين الى حين التهجير القسري.
وبعد سنها في الداخل المحتل سيتم فرض قوانين في الضفة الغربية وبالتحديد في المناطق المصنفة "ج" بسن قانون رسمي من قبل الكنيست بنقل الادارة المدنية من مهام الجيش الى ادارة سموتريتش حينها سيتم الضم الفعلي للارض وطرد الفلسطيني من خلال هدم المنازل غير المُرخصة وابعاد الاخرين الى المناطق المصنفة "ب" و"أ" وبعد الانتهاء من سن القوانين لمناطق "ج" سيتم التفرغ لمناطق "ب" و"أ" التي سيتم تقسيمها مناطق حمراء وخضراء.
وهذا تم بالعمل به فعلياً ب2018 حيث تمت ازالة اليافطات في الضفة الغربية التي تشير الى دخول مناطق السلطة الفلسطينية واستبدالها بيافطات تشير الى دخول مناطق "أ" و"ب" من قبل الاحتلال والذي يدل الى ان الاحتلال بدأ فعلياً عملية الضم، الا ان الاحتلال حاليا سيتم تقسيم مناطق "ا" و "ب" الى مناطق باردة وملونة باللون الاخضر ومميزاتها انها لم يخرج منها مقاوميين ومناطق ساخنة حمراء يخرج منها المقاوميين وهذا لارساء قوانين مستقبلية تُعزز العقوبات الجماعية ومحاصرتها الى حين التغيير الديمغرافي لتلك المناطق بشكل تدريجي بفعل التفنن في اقرار القوانين العنصرية القادمة والتي لن يردعها الواقع الفلسطيني المحلي لضعف الفصائل وعدم وحدتها لمواجهة المستقبل القريب وان تباطأ سن القوانين الاحلالية بفعل العمليات الفردية الا انها لن توقف سن تلك القوانين نظراً ان هذه العمليات ليست مستمرة بشكل متواصل ناهيك ان الضغط الشعبي لم يصل الى حد الانفجار ليصل الى انتفاضة رغم عناصر الانفجار تتراكم وتراكمه سينقلب على السلطة وهذا ما نراه بالاضرابات المُتكررة من قبل المعلمين وغيرهم وهذا حقهم لاخذ حقوقهم الطبيعية بدمقرطة اتحادهم وهو غير مُكلف مادياً ومطالبة الامور المالية المستحقة، ناهيك عن غياب حالة الديمقراطية الشمولية التي غابت عن الحال الفلسطيني والتي زعزعت ثقة الشارع بالسلطة واضعفت بوادر تشكيل دولة وبالتحديد ان ادارة الدول تبدأ بتشكيل المؤسسات والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وفصل السلطات بينها الى حين تاسيس هيكل عام بمؤسسات تنظيمية ادارية ضمن دستور وقانون ونظام .
ان غياب بوادر تشكيل دولة والابقاء على ادارة ذاتية انعكس على الواقع الاقتصادي بان السلطة لن تستطع تقديم الرواتب للموظفين بشكل سلس بسبب الكثير من الاسباب اولها قرصنة جزء من المقاصة وغيرها، صحيح ان الاحتلال ساهم في ايصال حال السلطة الى ذلك لكنها تستطيع تغيير الواقع الحالي على الاقل شرعنة ودمقرطة الحال الفلسطيني على الاقل اعادة ثقة الشارع بها بدل الانفجار في وجهها وهو ما يريده الاحتلال فعلا وهو الضغط الشعبي تجاه السلطة بدل مواجهة الاحتلال.
ان اولى تقوية السلطة اعادة هياكل المؤسسات الضعيفة واعادة شرعيتها الى الشارع الفلسطيني على الاقل تثبيت صمود الشارع الفلسطيني على ارضه قبل التعامل مع شخصيات ومؤسسات المجتمع المدني من قبل الاحتلال بعيداً عن السلطة لخلق قيادة بديلة في الضفة الغربية تنوب عن السلطة والعودة الى عهد المخاتير وروابط القرى ومن ثم اقرار السيادة الاسرائيلية الكلية وتطبيق القانون الاسرائيلي على ارض الواقع والاستمرار في سن القوانين التهجيرية من القدس الى المحطة النهائية وهي الاردن وهذا المشروع ما زال قائماً في افكار نتنياهو والتي طرحها في 2018 ولم تُستكمل وهاهو الوقت حان بعد اكتمال حكومته بأفراد متطرفين هو يُريدهم لاستكمال المشروع الإحلالي من والى.