ظاهرةٌ وأسلوب حياة ليس غريباً على الشارع الفلسطيني، رغم أنّه يتسم بالمحافظة والغيرة على نسائه من الغريب، إلا أنَّ ظاهرة بيع الملابس الخاصة بالنساء من قبل الرجال تمر مرور الكرام، دون رقيب أو حسيب.
وتضطر السيدات في بعض الأحيان إلى شراء هذه الملابس الخاصة من محال يكون فيها الباعة من الرجال، وأيضاً يتعين عليهن التعاطي مع الرجال داخل تلك المحال، والأسواق العامة، وذلك لعدم وجود سيدات يقمن ببيعها بدلاً من الرجال.
مراسلة وكالة "خبر" رصدت آراء مجموعة من المواطنين في شمال قطاع غزّة حول القضية، وكان من بينهم المواطنة سناء فرحات، وهي شابة كانت تقوم بشراء كل ما يلزمها من ملابس تحضيراً لفرحها الذي سيُقام بعد شهر رمضان المبارك، فقالت بطبيعتها: "الوحدة فينا تلف على رجليها ساعات طويلة بين المحلات عشان يعجبها قطعة أو اتنين فهو إنجاز كبير، الحمد لله قربت أخلص من شراء كسوة الفرح، ضايل أشتري الملابس الخاصة والمكياج، وأجلت الأمر لآخر شي".
وبسؤالها عن سبب همها وقلقها من شراء الملابس الخاصة، فقالت: "غالبية الباعة في محلات الملابس النسائية هم من الرجال، وأنا ما لقيت أي إحراج ببيع الملابس الخارجية كتير بقدر الإحراج من شراء الملابس الخاصة من شاب، وهي ما في أي راحة بالاختيار أو اني أقترح رغبتي أو المقاس".
وفي آخر تعقيب تقول سناء: "أتمنى أن تعمل جميع المحلات على تخصيص سيدة لبيع الملابس الخاصة بالنساء، وبهيك كل ست بيكون الها الحرية في الكلام والقياس، لكن أن أبحث عن محل يوجد به سيدة وفي آخر الأمر لا أجد ما يعجبني أمر مزعج، لذلك يجب أن يتواجد في كل محل سيدة".
على النقيض تماماً، الفتاة العشرينية إيمان، لا تجد حرجاً في شراء الملابس الداخلية من الرجال، وتقول :"بالعكس الشاب أشطر من الست في بيع الملابس، حتى أنه يأخذ ويعطي في الحديث وفي المفاصلة بسعر البضاعة"، لافتةً إلى أنَّ التزاحم يكون في الغالبية على المحال التي يكون فيها الباعة من الرجال وليس النساء.
وقالت: "هناك محلات تقوم فيها السيدات ببيع الملابس الداخلية، وإذا كانت بعض الفتيات تجد أيّ إحراج من شراء القطع الخاصة من المحلات الأخرى، فلماذا لا تذهب لهذه المحلات ولن يكون هناك أيّ مشكلة".
وعن الغرف الخاصة بقياس الملابس، تقول إيمان: "المحل الذي لا يوجد فيه أي غرف للقياس إن أعجبتني أي قطعة فيه آخذها على مسؤولية صاحب المحال، وإذا اشتريتها وقمت بقياسها في البيت ولم تكن على مقاسي أقوم باستبدالها، ليس هناك أي مشكلة في هذا الأمر وغيره".
كذلك الخمسينية "أم عدي"، تتساءل: "لماذا لا تقوم الجهات المختصة، بإلزام محال بيع الملابس الخاصة بالسيدات، بتعيين باعة من النساء لمنح المرأة الخصوصية؟، فهل يُعقل أن تقف المرأة أمام الرجل وتسمع منه جملة (خذي هاي القطعة بتيجي مقاسك بالزبط)؟!، هذا طبعا بعد التفحص والتدقيق في جسدها لكي يجدوا لها قطعة تُناسب قياسها".
وعن رأي الرجال في هذا الجانب، يقول أسعد رمضان: "لا يُعقل كمية الاستخفاف بالدين والعادات والتقاليد، فما نُشاهده في الشارع والمحلات ومزاحمة النساء للرجال في الشوارع هو من علامات يوم القيامة، فتجد السيدة تُفاصل وتُجادل البائع في شراء الملابس الخاصة بها، في حين أنها عندما تقوم بلبسها لزوجها في البيت تكون خجولة"، مُضيفاً: "كمية التناقض في المجتمع تُحتم على ولاة الأمر في البيوت من الأزواج والآباء بمنع زوجاتهم من التوجه لمحلات بيع الملابس الخاصة بهن لوحدهن، أو الاشتراط عليهن بشراء ملابسهن من المحلات التي تبيع فيها السيدات فقط غير ذلك لا".
صاحب محل لبيع الملابس الداخلية للنساء، عصام، يقول: "أحرص دائماً على إرضاء الزبائن من النساء والفتيات حتى يشتروا ملابسهن المناسبة وأترك الحرية لهن للتشاور فيما يريدون"، مُوضحاً أنَّ لدى معرضه عدد من غرف الغيار الخاصة بالسيدات.
وعن وجود عاملات من النساء لديه في المعرض بدلاً من الشباب، أشار إلى أنَّ المجتمع بطبيعته لا يتقبل وجود النساء في المحل أو داخل الأسواق المزدحمة، وهذا ليس خطأ، والمرأة مُخيرة بالشراء من معرضه وليست مجبرة، مُستدركاً: "الشباب الذين يعملون في المحل محترمون ويراعوا الله في خصوصية النساء ويعتبرونهم مثل أخواتهم تماماً".
الحلال بَيِّنْ والحرام بَيِّنْ
ولأنَّ الدين الإسلامي واضح فيما يتعلق بالقواعد وتعاليم الله في الأرض، أوضح الشيخ محمد المقوسي، وهو أحد الدعاة والوعاظ في شمال قطاع غزّة، أنّه ليس من الأخلاق والآداب والعادات أنّ يبيع الرجل في محل لبيع ملابس النساء الداخلية.
وقال المقوسي، في حديثٍ هاتفي مع مراسلة "خبر": "يُحرم على الرجل أنّ يتحدث حول هذه الملابس مع المرأة عندما تُقدم على الشراء سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فمثلاً أنّ يقول لها إنّ هذه الملابس مناسبة ومريحة لجسدها، وإنّها ستكون أميرة حين ترتديها وغيره من الكلام الذي حرمه الإسلام على الأجنبي أن يقوله للمرأة".
وأكّد المقوسي، على عدم جواز قياس المرأة الملابس الداخلية داخل المحل مهما كانت الظروف حتى وإن كان الذين يبيعون فيه من النساء، نظراً لكونه يُعرض المرأة لمخاطر ومحاذير، لأنّه أحياناً تكون المرأة التي تبيع أخطر من الرجل نفسه، بالإضافة لوجود كاميرات المراقبة داخل المحال، ولا يُعقل أنّ تؤمن المرأة على نفسها مهما كانت درجة معرفتها بالقائمين على المحل أو المعرض".
ودعا المقوسي جميع النساء اللواتي يشترين حاجياتهن من محلات يبيع فيها رجال، إلى أنّ يتقين الله في أنفسهن، ولا داعي للتوجه لتلك المحلات، فإذا وجد صاحب المحل بعد وقت أنّ النساء لا يشترين منه سيضطر بعدها لجلب امرأة لتبيعهن، بالإضافة إلى أنّه عندما تذهب المرأة لشراء حاجياتها الخاصة، فعلى زوجها أنّ يرافقها تجنباً لسماع بعض العبارات من البائعين عند عملية الشراء، وليحمي جسد زوجته من النظرة الحرام من قبل البائع حين يبيعها الملابس المناسبة لمقاس جسدها".
وختم المقوسي حديثه، بالقول: "الحلال بَيِّن والحرام بَيِّنْ ، فلا تخلطوا بين الحلال والحرام، لكي لا تقع الكارثة على زوجات وبنات قطاع غزّة المحافظ".