هناك الكثير الذي أصبح لا يطاق!

12570916_10156607157405438_2119403491_n
حجم الخط

بقلم : م. زهير الشاعر         
بالرغم من حالة التفاؤل المشوبة بالحذر حول إقتراب موعد تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، إلا أن الأفعال على الأرض تتناقض مع جوهر هذا المفهوم والحاجة لتطبيقه، حيث بات واضحاً أن الجميع ضاق ذرعاً من الواقع القائم الذي ترافقه التصريحات المجانية للرئيس الفلسطيني محمود عباس بين الحين والأخر والتي تظهره ضعيفاً من ناحية ومن ناحية أخرى وكأنه يستخف بالقيم وبالكرامة الوطنية على حساب الوضع الداخلي ومتطلباته ، فبدأت ترتفع الأصوات تباعاً بدأها اللواء جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الذي إنتقد علانية سياسة الرئيس عباس وبعد ذلك عبر عن رفضه القاطع تعيين رئيس فلسطيني ينزل بالبراشوت حسب وصفه أو من خلال سلق مؤتمر كالمؤتمر السابع مسيطر عليه في إشارة لرفض تعيين مرشح الرئيس عباس بأي حال من الأحوال كرئيس مستقبلي للشعب الفلسطيني، بعد ذلك بدأت تتعالى الأصوات تباعاً برفض سياسة التهميش لقطاع غزة وأبنائها فرفعت صوتها أمال حمد عضو اللجنة المركزية وبعد ذلك دكتور زكريا الأغا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذين انتقد  بصوت عال استهداف غزة  وحرمانها من حقوقها ،  وإنضم إليهم بعد ذلك بموقفه القوي الدكتور عبد الرحمن حمد عضو الهيئة القيادية العليا لحركة فتح في قطاع غزة خلال الانتخابات الإقليمية هناك، والذي أشار فيها بأن غزة رقم لا يمكن تجاوزه وبأنه لا يحق لأحد تهميشها أو تجاوزها وأن حرمان ابنائها من حقوقهم على مدى تسع سنوات لا يمكن الصمت عليه إلى مالا نهاية!، بعد ذلك جاء صوت أخر من أحد ضباط أمن الرئاسة المتذمرين من الوضع القائم وذلك من خلال رسالة قوية وجهها للرئيس عباس مطالباً إياه بأن يكون عادلاً إتجاه حقوق العسكرين من أبناء غزة كما أبناء الضفة، ومن ثم جاءت رسالة قوية أخرى موجهة للرئيس عباس من الموظفين المدنيين تتحدث في نفس السياق لحقت بها رسالة أخرى من صحفي فلسطيني يسأل فيها الرئيس عباس ورئيس الوزراء د. رامي الحمدالله إلى متى سيبقى موظفين غزة في طوابير النسيان؟! ، ولاحقاً جاء موقف قوي من اللواء المتقاعد سليم الوادية الذي رفع صوته عالياً أيضاً في وجه قرار استثناء ترقيات عسكريي وضباط الأمن الوطني والقوات في المحافظات الجنوبية ، ومنحها لإخوانهم في الضفة الغربية ، كل هذه الأصوات تدل على أن هناك تذمراً وحراكاً بدأ يتزايد ويدلل على أن حالة من الإستياء الشديد بدأت تعبر عن نفسها بصوت عالٍ من خلال التعبير عن هذه المواقف العفوية والمتعاقبة بشكل علني والتي لربما سيتولد عنها بلورة موقف جماعي يحمل رفضاً لسياسة الذل والمهانة التي تمارس في حق أبناء قطاع غزة على مدى تسع سنوات عجاف ذاق هؤلاء أشكال عجيبة من التحقير المتعمد لكرامتهم وتقزيم طموحاتهم وإقفال الطريق أمام تطورهم وتحسين وضعهم الوظيفي في حين أن المحسوبيات والواسطات والمزايا تذهب بشكل غير مسبوق في وضح النهار لأقارب اصحاب النفوذ من الفاسدين الذين أهدروا المال العام في غير مكانه، لدرجة أن أي مراقب للوضع الفلسطيني يستطيع أن يرى ذلك بدون أي عناء بالبحث والتمحيص عن الحقيقة،  لذلك كل المؤشرات تقول إن لم يكن هناك ربيعاً فلسطينياً قريباً فسيكون هناك صراعاً قادم لا محالة، قد يؤدي إلى صراع دموي لرفض هذه الحالة الغير مسبوقة من عدم الإستقرار نتيجة الظلم  والعبث والقمع الذي خلق  واقعاً فاسداً غير سوياً، مما أدى إلى تزايد رفع الأصوات عالية لربما تسبق حالة تمرد عامة!.                                                                                                               
 في تقديري أن المرحلة القريبة القادمة ستتصاعد فيها حدة الرفض لهذا الواقع البائس حتى تصل لحد بلورة حالة موحدة متكاملة بين كل الطيف الفلسطيني تقف يداً بيد  في وجه هذا العبث الخبيث الذي لا يعير إهتماماً لكرامة المواطنين وحقوقهم وتطلعاتهم، والتي خلقت لديهم حالة من اليأس وفقدان الأمل والتي ستدفعهم للبحث عن الحاجة الملحة للتغيير، حيث أنه كما يبدو أصبح لدى الجميع الرغبة بنفض غبار الجبن والخوف عن أنفسهم ليتحدوا بذلك حالة القهر والقمع والإستخفاف بمعاناتهم وبمستقبلهم ومستقبل أبنائهم!.                      
السؤال هنا مركب وهو، ما الذي ينتظره شباب ضاعت أجمل أيام أعمارهم ليقبلوا بإستمرار هذا الذل وهذا الهوان ، الم يحن الوقت لرفع الصوت عالياً في وجه السجان الذي صادر احلامهم وطموحاتهم، وما الذي يخشونه، وماذا تبقى لهم ليخسرونه ، الم يعلموا بأن الله لا يغير ما  بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فالحقوق ليس منة من أحد بل هي حق إن لم يتم أخذها في إطارها الطبيعي ، يجب إنتزاعها إنتزاع وإلا حياة تستكمل أيامها بذلٍ وإنكسار، فهل هذا أصبح هو خيارهم؟!.                                                                       
كما أتوجه للرئيس محمود عباس بالقول،  الم يحن الوقت لكم لكي تتفكروا الأمور أكثر وأكثر ، ألم يحن الوقت لإعادة الحقوق لأصحابها، ألم يكفيكم ما حصل من خراب بيوت في عهدكم ، ألم يكفيكم الفشل الذريع الذي اتيتم به لشعب إنتظركم أعوام طويلة على حساب أعمار أبنائه بدون أن تحققوا له  شيئاً، ألم يكفيكم حالة الذل التي وصلتم للحديث بها وأنتم تستجدون الأخرين الذين يتجاهلون طلباتكم ويرفضون أن يتحدثوا إليكم؟!. 
سيادة الرئيس وأنا أحب لكم الخير كما شعبكم يحب لكم الخير، وكرامتكم هي جزء من كرامة شعبكم، لذلك أقول لكم،  لن يقف إلى جانبكم أحد في ظل إستمرار هذا الوضع البائس والظالم في حال إختلفت الموازين وتغيرت المعايير، وهذا ما لا نتمناه لكم بالرغم من أنه أصبح ليس ببعيد!، فالظالم سيقول بأن الرئيس هو من أمرني ، والسارق سيقول أن الرئيس هو من أعطاني الضوء الأخضر، والخائن الذي يبيع الوطن سيقول أن الرئيس يريد ذلك ، وهذا وذاك يظلمون ويعربدون ويسرقون ويأخذون المزايا لهم ولأولادهم ولأقاربهم بإسم الرئيس، يسرقون لقمة العيش من أفواه الأطفال الأبرياء كقطاع الطرق وهم يتلذذون بمعاناتهم، متناسين أنه جاء بهم الرئيس ليضعهم في مراكز رجال دولة! ، والناس تعبت والكثير منهم أصبحوا جائعين وأقفلت بيوتهم ، فهل أنتم تعون ماذا يفعل هؤلاء الملاعين أم أنكم تكابرون حتى يأتي يوم معلوم،  يوم لا ريب فيه ، يوم لا يعرف فيه الأخ أخيه،  وتجد نفسك وحيداً في مواجهة شعب هائج يرفض الظلم ويرفض أن يكون من العبيد أو كقطيع من الأغنام كما يريد هؤلاء الذين يفعلون بإسم الرئيس الكثير الذي أصبح لا يطاق!.
كاتب ومحلل سياسي 
 zalsh043@gmail.com