عادت غزة الى الواجهة عصر الجمعة الموافق ٢٤ من شباط للعام ٢٠٢٣ عندما تقدم عشرات المتظاهرين الفلسطينيين الى السياج الحدودية التي وضعتها اسرائيل لتمنعهم من الوصول الى الضفة فارضة حصارا خانقا منذ العام ٢٠٠٦ وحتى اليوم ..
أشعل المتظاهرون الغاضبون ردا على مجزرة اسرائيل الاخيرة في نابلس الاطارات ورشقوا الحجارة التي لم تصل الى الجنود الاسرائيليين الذين ردوا باطلاق الرصاص فاصابوا شابا بجروح خطيرة كما تسببت قنابل الغاز المسيل للدموع باختناقات واصابات عديدة ..
كان المشهد الغزي مألوفًا واعاد الذاكرة الى مسيرات العودة التي انطلقت في الثلاثين من اذار مارس العام ٢٠١٨ في ذكرى يوم الارض ولانتزاع حق عودة الفلسطينيين الى اراضيهم وانذاك ارتقى اكثر من ١١١ فلسطينيا واصيب اكثر من ١٢ الف اخرين بجروح في الفترة من ٣٠ اذار (مارس) ٢٠١٨ لغاية ٢٧ كانون الاول (ديسمبر ) ٢٠١٩ …
نوع الفلسطينيون مظاهراتهم ومسيراتهم السلمية واطلقوا عليها عناوين مهمة مثل جمعة الكاوتشوك وجمعة انتفاضة الاقصى ووصلت المسيرات الى نقطة محدودة تدخلت على اثرها مرجعيات دولية عديدة فتوقفت مرحليا تاركة المجال لحوار غير مباشر بين المقاومة وإسرائيل لكن بدون اي نتائج تذكر فالهدوء الذي ساد قطاع غزة في الاونة الاخيرة كان مرحليا لان شعلة النيران جاهزة للاشتعال مجددا في ظل الاقتحامات المتتالية للجيش الاسرائيلي للضفة الغربية وحملات الاعتقال والمداهمة التي يقوم بها وارتكابه مجازر عديدة خصوصا في نابلس ومخيم جنين الامر الذي دفع فصائل المقاومة لتوجيه انذارات لاسرائيل بوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني والا ستعود لغة الصواريخ لتستهدف المستوطنات الاسرائيلية في غلاف غزة …
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل تنجح المظاهرات والتحركات الاخيرة باشعال جبهة الجنوب مجددا لا سيما اذا شهدت مزيدا من التوتر والتصعيد خلال الايام القادمة وتحولت الى ما يشبه الوضع خلال مسيرات العودة وتوسعت قاعدتها الجماهيرية ام انها تعتبر انذارا فلسطينيا فقط من القطاع حول قدرة المقاومة الفلسطينية على خوض تحديات جديدة ميدانية بالتظاهر من قبل الجماهير واطلاق الصواريخ من قبل القيادة العسكرية للفت نظر اسرائيل والمجتمع الدولي ايضا بضرورة ان يحيا الفلسطيني بكرامة وكبرياء بعيدا عن لغة القتل التي تصر اسرائيل على تنفيذها يوميا ؟
دبلوماسيا اظهرت نتائج المفاوضات المتواصلة رغبة عند الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي عبر الوسطاء بعدم جر قطاع غزة الى مواجهة جديدة لا تحمد عقباها لا سيما وانها ستكون كارثية وستترك خلفها دمارا اقتصاديا وماديا واجتماعيا كبيرا على مواطني غزة ولكن مع نغمة التهديد الصادرة من فصائل المقاومة في قطاع غزة بعدم ترك الضفة الغربية لوحدها وضرورة الرد على اعتداءات اسرائيل نجد ان مصر تلعب دورا هائلا وكبيرا في محاولة لاقناع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بعدم جر ساحة غزة الى حرب جديدة وهذا ما تسعى الولايات المتحدة ايضا للقيام به …فهل تنجح الدبلوماسية مجددا بتجنيب قطاع غزة مزيدا من الجروح رغم الكبرياء الكبير الذي تحياه ؟
