"تحولت بلدة حوارة والقرى المجاورة لها، جنوب نابلس، ليلة أمس، إلى غمامة سوداء نتيجة الحرائق التي تسبب بها المستوطنين بحراسة جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ للمركبات والمحال التجارية والمنازل؛ للانتقام من سكانها بعد العملية الفدائية في البلدة والتي أدت إلى مقتل مستوطنين اثنين"، هكذا وصف المشهد أحد سكان حوارة ومدير جريدة الحياة الجديدة هناك، رومل السويطي.
مشهد من حوارة.. المستوطن والجندي توزيع أدوار
يروى السويطي لـ"وكالة خبر" ما عايشه ليلة أمس، بالقول: "كانت ليلة طويلة، امتدت اعتداءات المستوطنين من السادسة مساءً حتى الثانية عشر ليلاً، كان كل سكان البلدة والقرى المجاورة لها في حالة اشتباك مع المستوطنين لحماية أنفسهم وممتلكاتهم".
وأضاف: "الحمد الله في الفلوس ولا في النفوس، تعرض المشطاب- عبارة عن ساحة هياكل سيارات غير مرخصة تستخدم كقطع سيارات- المجاور المنزل أخى لحريق كامل؛ وكانت هناك خشية من امتداد الحريق لمنزله".
وأكمل: "شاهدت من أعلى منزلي، مجموعات المستوطنين- ما يقارب من 700 مستوطن هاجموا حوارة ليلة أمس- تحضر إطارات السيارات أمام منزل جارنا لإشعاله؛ وبجانبهم الجنود يضحكون معهم". ويؤكد بحزم: "ما جرى ليلة أمس، توزيع أدوار بين الجنود والمستوطنين؛ خاصةً بعد إعطاء الضوء الأخضر لهم من حكومة الاحتلال".
ولا يستبعد، السويطى، تكرار ما جرى ليله أمس، في أي وقت، كنتيجة لتشجيع حكومة الاحتلال لهم على القتل والتدمير؛ داعياً في ذات الوقت الحكومة الفلسطينية إلى دعم صمود مواطني حوارة؛ وتوفير الحراسة لمنازلهم بشبابيك حماية وبوابات حديدية وكذلك إطفاءات لمواجهة أيّ حرائق.
كما طالب وزير الصحة، د. مي كيلة، بإنشاء مستشفى يخدم جنوب نابلس-سيُقدم خدمة لـ150 ألف مواطن- حيث تبرع الأهالي بـ8 ملايين دولار أمريكي لإنشاء المستشفى؛ لكِن الحكومة قامت بتحويله إلى كلية تمريض.
حصيلة أولية.. إحراق 35 منزلاً ومنات السيارات
بدورها، أكّدت العضو في مجلس بلدية حوارة، رنا أبو هنية، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، على أنَّه تم حرق نحو 35 منزلاً بشكل جزئي، بينما تعرض منزل واحد للحرق بشكلٍ كامل وتعود ملكيته للمواطن عبد الله الحواري، كما تم إحراق 50 سيارة ملاكي بشكلٍ كامل، وحرق مئات السيارات المشطوبة".
وأشارت إلى تعرض آلاف المواطنين للإصابات بشكلٍ مباشر، بينما تعرض عدد آخر للاختناق بالغاز، نتيجة اعتداء المستوطنين على حوارة.
وجاء حريق حوارة، في نفس الليلة التي ختمت بها قمة العقبة، بحضور السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية ومصر والأردن، ودعت إلى تقييد الاستيطان في الضفة الغربية؛ لكن ما جرى من اعتداءات المستوطنين يؤكد فشل القمة في وقف اعتداءات الاحتلال.
ووفقًا لتقرير معهد الأبحاث التطبيقية الفلسطيني، للعام 2022، فإنَّ عدد المستوطنين في الضفة الغربية وصل إلى مليون مستوطن، مُشيراً إلى أنَّ المستوطنات القائمة حالياً في الضفة تحتل ما يزيد على 6% من مساحتها.
ويتوزع الفلسطينيون في دولة فلسطين بواقع 3.2 مليون فرداً في الضفة الغربية (59.5%)، و2.2 مليون فرداً (40.5%) في قطاع غزة نهاية عام 2022، حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
جريمة حرب متكاملة الأركان
أما الناشط الحقوقي، من مدينة نابلس، رأفت أبو خضر، فقد رأى أنَّ ما جرى ليلة أمس، في بلدة حوارة، يُعتبر جريمة حرب مكتملة الأركان، بينما كان أهالي حوارة يُدافعون عن أنفسهم؛ كحق أساسي كفلته الشرائع والقوانين الدولية.
ودعا أبو خضر، في حديثه لوكالة "خبر"، أهالي حوارة والقرى المجاورة؛ لمساعدة الجهات الحقوقية لتوثيق الاعتداءات؛ لتقديمها للجنائية الدولية؛ مُحذّراً في الوقت ذاته من تكرار جريمة إحراق عائلة دوابشة، بعد تشجيع وزير الأمن القومي للاحتلال إيتمار بن غفير، المستوطنين على حمل السلاح ودعوتهم لقتل ومصادرة أراضى الفلسطينيين.
مستوطنو جنوب نابلس.. شبيبة التلال وتدفيع الثمن
بدوره، قال مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في شمال الضفة الغربية، مراد اشتيوي: "إنَّ خطورة ما يجرى بلدة حوارة وقرى جنوب نابلس، أنَّ هذه الاعتداءات تأتي من غلاة المستوطينين المتمثلة في شبيبة التلال وتدفيع الثمن"، لافتاً إلى أنَّ العصابات التي نفذت جريمة إحراق دوابشة من هذه المجموعات سابقة الذكر.
وأكّد اشتيوى، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، على أنَّ العناية الإلهية، ليلة أمس، حالت دون تكرار مجزرة عائلة دوابشة، وكذلك يقظة وتصدى أهالي حوارة والقرى المجاورة للمستوطنين.
وخلص اشتيوي، إلى أنَّ "اعتداءات أمس، جاءت نتيجة تحريض حكومة الاحتلال القائمة، بتوفير الحماية للمستوطنين وتشجيعهم على القتل".