تطور الساعات التي تلت انتهاء "لقاء العقبة"، بتفاهمات خرج الطرف الإسرائيلي بإعلان لها، لا يتفق كثيرا مع ما أعلنه "فريق الرئاسة الفلسطينية"، بعيدا عن "الانحياز" أيهما أكثر صدقا، لكنها أكدت بوضوح أن لا مفاجآت أبدا، في بروز جديد يمكن أن يمنح اللقاء قيمة سياسية، بل عكسه تماما.
ولعل مجزرة حوارة وما حولها، وتصريحات قادة دولة الكيان من رأس حكومتها الفاشية نتنياهو حتى الوزير قائد فرق الإرهاب الرسمية المعروف بمسمى "وزير الأمن الوطني" بن غفير، عكست ثوابتهم التي لا تحمل "التباسا"، سوى في ذهن البعض الفلسطيني محدود الذكاء السياسي، بأن الاستيطان مشروع غير قابل للمساومة أو التوقف، حتى لفترة زمنية متفق عليها، وما ذكره بيان "لقاء العقبة"، كان تضليلا واضحا، حيث سمح لما تم من قرارات مسبقة لبناء ما يقارب الـ (10) آلاف وحدة سكنية سيبدأ العمل بها، وهي تحتاج لفترة زمنية للانتهاء منها، تقارب "فترة السماح" المتفق عليها، لعدة أشهر.
والحديث عن "فترة سماح" للبناء الاستيطاني، واحدة من أخطر القضايا التي تجاهل "فريق الرئاسة الفلسطينية" الى "لقاء العقبة" تقدير جوهرها، الذي يكرس بأن "الاستيطان مسألة خلافية زمنا" وليس فعلا مرفوضا وغير قانوني ولا شرعي أبدا، وهو شكل من اشكال جرائم الحرب، عندما وافقوا على التعامل مع وقفه زمنيا باعتباره "خطوة أحادية" تقابل "خطوة أحادية" من الفلسطينيين، وهي ذات سقطة بيان مجلس الأمن الرئاسي، الذي فتح التعامل مع الاستيطان كـ "مسألة نزاعية"، وليس عمل إجرامي غير شرعي.
نص بيان "لقاء العقبة" وما تسرب عنه من "تفاهمات" لم تعلن، خاصة البعد الأمني الذي يمثل جوهر موقف حكومة الكيان العنصري، ولماذا ستقدم أمريكا، عشرات ملايين الدولارات لأجهزة الأمن والمخابرات، وما هي "العقيدة" المراد لهم أن تكون..تفاصيل كثيرة لم تعلن، لكنها لم تعد سرا كبيرا.
وتجاهلا، لما ينشر أو لم ينشر بعد، عن جوهر "التوافق"، فقد ورد في بيان "لقاء العقبة"، ان حكومة نتنياهو ملتزمة بـ "الاتفاقات الموقعة"، وخرج "فريق الرئاسة" فرحا بتلك "العبارة" وكأنها، خرق أو اختراق سياسي كبير، وكي لا يبقى الوهم مسيطرا أو محاولة تسويق" التذاكي السياسي" بديلا للحقيقة السياسية، فليقدم فريق الرئيس عباس ما يفيد وثيقة رسمية من حكومة نتنياهو، تنطلق من تلك "الاتفاقات السابقة" التي قالوا إنهم ملتزمين بها تشمل نقاطا محددة منها:
- تأكيد حكومة إسرائيل التزامها باتفاق إعلان المبادئ، بكل بنوده، وما تلاه من اتفاقات محددة
- تأكيد حكومة إسرائيل اعترافها بمنظمة التحرير الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وفق وثيقة "الاعتراف المتبادل".
- تلتزم حكومة إسرائيل بأن الضفة الغربية وقطاع غزة هي أرض فلسطينية والولاية عليها للفلسطينيين، وتبقى قضايا مفاوضات الحل الدائم الخمس (القدس، المستوطنات، اللاجئين، الحدود، العلاقات المتبادلة)، مع منع القيام بأي عمل يمس أو يجحف بتلك القضايا.. (فرق جوهري عن صيغة وقف مؤقت للاستيطان)
- التوقف الحديث عن استخدام تعبير "يهودا والسامرة" والعودة للالتزام بالحديث عن الضفة الغربية، لوقف "ثقافة التهويد"..استخدامها سيقابل باستخدام تعبير فلسطين بدل إسرائيل بشكل رسمي، حيثما يرد ذلك.
- تلتزم الحكومة الإسرائيلية بالتراجع عن إعادة عمل "الإدارة المدنية" باعتبارها أحد اشكال الاحتلال ما قبل الاتفاق، وتنشيط عمل اللجان المشتركة.
- وقف العمل بما أسمته تطبيق "القانون الإسرائيلي" على الطرقات في الضفة الغربية.
- الالتزام بكل ما تم حول القدس ومؤسساتها.
- وقف كل الأعمال في القدس التي تمس تحديد هويتها، وخاصة ما يتعلق بالنفق والحرم القدسي والبراق ساحة وجدارا، والتطهير العرقي، وتغيير طابع بلدات وأحياء.
- التأكيد، بأن الطريق الآمن بين قطاع غزة والضفة الغربية هو جزء من الاتفاق الانتقالي يتم إعادة العمل به، الى حين الوصول الى اتفاق حل دائم حول الطريق الرابط.
وهناك قضايا تفصيلية عديدة، ولكن تلك عنوانين تنبثق جميعها من الاتفاقات الموقعة رسميا بين فلسطين وحكومة إسرائيل، والتي قال وفد حكومة نتنياهو، انه ملتزم بها، ولا تشمل أي مسألة خارج تلك الاتفاقات، بما يخص إعلان دولة فلسطين وحقها في عضوية الأمم المتحدة.
إن تمكن وفد الرئاسة الفلسطينية الى "لقاء العقبة"، وقبل الذهاب الى "لقاء شرم الشيخ" التكميلي الحصول عليها، فهم حقا يبحثون مصلحة الشعب الوطنية..دون ذلك فما سيكون ليس سوى سقوط سياسي لا حامي لهم من تبعاته.
هل هناك صعوبة الحصول على وثيقة من حكومة نتنياهو بتلك العناصر "الأوسلوية"..وأن كان كذلك، فما هو هدفكم من تلك "اللقاءات"، ما لم تكن حسابات خاصة"!
لا ضرورة لأي ورقة أمريكية فيما يتعلق بذات الأسس، يكفي الآن الحصول عليها من "حكومة نتنياهو".
ملاحظة: طيب ما دام طرفي "التقاسم الوظيفي والانفصال" بينهم قنوات "حكي صامت"، ليش مخبينها عن الناس الغلابة..لازم زلات اللسان تفضح المستور..أما طلعت "حماس" نهفة بجد..شكلها قطر عاملة عمايلها!
تنويه خاص: من ثوابت "الثقافة الوطنية"، ان حق المعارضة الفلسطينية لا يكون "داخل الغرف المغلقة" وبس..بل وعليه ان يكون أكثر خارجها ، لما الأمر يكون متعلق بمصير وطن وقضية..وبلاش لغة الفهلوة التهديدية..مش زابطة خالص عليكم يا "عقبايون".