لا يحتاج ابدا الدخول في حيثيات و تفاصيل رغبة وزير المالية الإسرائيلي سموترتش بمحو قرية حوارة حتى بعد ان رآها محترقة و مدمرة ، فوزير آخر عبر عن سعادته أثناء احتراقها حين قال انا سعيد ان اراها مطوقة و محترقة ، وبالطبع ما قبل احتراقها ، فلم يحضر مئات العتاة من المستوطنين مصطحبين معهم أدوات الحرق على الشاكلة التي رأينا دون ان يكون هناك دعوات سرية و علنية لتنفيذ هذه الرغبة .
رغبة احراق "حوارة" التي يمتد عمرها في التاريخ الى نحو أربعة آلاف سنة ، هي رغبة "الرب" الذي خاطب سيدنا إبراهيم وفق الرواية التلمودية بضرورة ان يذهب الى ارض كنعان و يبيدهم و يحرق زرعهم و يجفف ضرعهم و يأخذ ارضهم ، له و لنسله من بعده ، رغم انه لم يكن له نسل بعد وقد ناهز الخامسة والسبعين من عمره .
هل تكون رغبة سموترتش بمحو "حوارة" مقتصرة على حوارة و هل من المعقول ان تكون رغبته في محوها أكثر من رغبته في محو مخيم جنين او بلاطة في نابلس او الدهيشة في بيت لحم او عقبة جبر في اريحا او العروب في الخليل او شعفاط في القدس . انه يدرك ان هذه مجرد مخيمات تجمعات لا يتعدى عمرها اكثر من سبعين سنة ، ستنمحي بمجرد حل الوكالة الدولية التي ترعاهم "الاونروا" ، و قد أقدم الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب على حلها بالفعل.
هل من المعقول ان تكون هذه رغبة وزير مهم ونحن نعيش مرحلة سلام عمرها ثلاثين سنة ، اعترفنا بهم خلالها كدولة على نحو 80% من ارضنا والقدس الغربية عاصمة لهم ، و ان تقتصر عودة سبعة ملايين لاجيء الى الدولة الجديدة والمخيمات تتحول الى قرى و بلدات و لا بأس الى مدن ، اما المستوطنات ، فنستبدل ارضها باراضي مساوية في المساحة والقيمة وفق المرحوم صائب عريقات ، اما الاسرى فيخرجون جثثا ، لا بأس ، ولكن الا تسلمون جثثهم لذويهم كما مع ناصر أبو حميد . يائير لابيد هو من احتجز الجثمان ، لكن بن غفير يشرع قانونا جديدا باعدامهم .
و هل اقتصرت الرغبة في محو حوارة على سموترتش و بن غفير ، هل نتنياهو لا يريد محو حوارة ؟ اذا كان فعليا لا يريد ، لماذا يقبل تشكيل حكومة معظم قوامها من أمثال سموترتش وبن غفير و درعي ، واذا تذرع انه لم يكن يعرف ، فها هو الآن يعرف ، فقد صدمت التصريحات الاذن الامريكية حد "التقزز والاشمئزاز" ، هو نفسه "التقزز والاشمئزاز" الذي ضرب في العالم قاطبة جراء الموقف الأمريكي من قنص الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة على يد جندي إسرائيلي وذهب دمها هدرا ، يومها صرح بن غفير الذي لم يكن قد اعتلى صهوة الدولة بعد انها أي شيرين تعيق عمل الجيش فمن الجيد تحييدها ، سكوت أمريكا عن "تحييد" صحفية ، أدى فيما بعد الى تحييد حوارة ، او بالادق محوها ، و سيتم محو بلدات و قرى أخرى ، فالمستوطنات أقيمت من اجل هذا الغرض .