يديعوت : المجتمع الإسرائيلي.. يتفكك

حجم الخط

بقلم: عوفر شيلح

 

 


قال مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي، هذا الأسبوع: "نقف أمام أزمة الاحتياط الأخطر منذ 1973".
كان مسؤولون كبار في الجيش أطفالاً في عهد حرب "يوم الغفران"، والتي حولت فيها قوات الاحتياط وجه المعركة، وأنقذت هضبة الجولان، واجتازت قناة السويس، وبعد ذلك قاد الكثيرون منهم، كمواطنين تحرروا من الخدمة، الاحتجاج الذي انتهى باستقالة حكومة غولدا مائير.
لم تكن هذه أزمة في الاحتياط، بل شرخ شعر به مواطنون نزعوا بزاتهم بسبب إخفاقات القيادة.
يجدر بالقادة أن يتذكروا أزمة أكبر، أكثر صلة مقارنة باليوم، وقعت بين رجال الاحتياط بعد عقد من ذلك، عقب حرب لبنان الأولى. في حينه احتج رجال الاحتياط ليس على قصور استخباري أو سياسي، بل على ما اعتبروه خرقاً أعلى في درجته للعقد بين الدولة والمواطن – حرب ضلال خرجت إليها حكومة بيغن بإعلان عابث.
في حينه أيضا سمعت أقوال عن رفض الخدمة في لبنان، غير أنها لم تخرج أبدا من رفض الأفراد.
قضية "اللواء الذي لم يجند" في 1982 لم تكن رفضا للتجند بل العكس تقريبا: وصف كاذب على لسان رئيس الأركان، رفائيل إيتان، للملابسات التي لم يجند فيها لواء مظليين في الاحتياط.
ما يجري منذ أعلنت خطة نتنياهو – لفين لتغيير التوازن بين السلطات في إسرائيل شيء آخر، يعكس ما حصل منذئذ للمجتمع الإسرائيلي وللاحتياط في واحدة من المظاهر الخاصة التي ميزته في الماضي.
منذ عقود يرى رجال الاحتياط الذين يخدمون بالفعل – ويجد عددهم النسبي تعبيره في نسب قليلة من ملزمي الخدمة – أنفسهم متطوعين، يحملون عبئا نسبيا أثقل مما مضى ولا يحظون باعتراف مناسب.
ومنذ عقود لا يرى المجتمع الإسرائيلي، الذي يتفكك إلى قبائل تناكف الواحدة الأخرى، في كل أمر يرتبط بالدولة – من الحفاظ على القانون وحتى الخدمة في الجيش – قيمة جماعية، بل تضحية من الفرد من أجل العموم ناكر الجميل، يمنحه حقوقا زائدة في الجدال الآخذ بالاحتدام على صورتنا.
من كتب الإخطار للخادمين في وحدات مختلفة تتضح جملة مبررات لإمكانية الرفض: يعبّر الطيارون عن الخوف من أن يقدموا إلى المحاكمة خارج البلاد بينما يتحدث آخرون عن الصعوبة في خدمة نظام غير ديمقراطي، أو عن خطر أوامر غير قانونية أثناء الخدمة في "المناطق".
يمكن تفكيك هذه الحجج إلى عناصرها والوقوف ضدها، ويمكن النبش في بواطن كل من وقع وسأل كم هو بالفعل مشارك في أمور يعرب عن تخوفه منها، أو لماذا لم يخرج ضدها حتى اليوم، ولكن عمل ذلك معناه تفويت الصورة الكبرى.
لا تحصل الأمور، بالطبع، في فراغ. في الاتفاقات الائتلافية يوجد التزام بالقانون الأساس لتعلم التوراة، حيث ينص على الإعفاء من الخدمة للحريديم، ويقرر قيمة متساوية للخدمة العسكرية بل أعلى منها.
إضافة إلى ذلك، منذ سنين لا يستجيب القيادة السياسية والجيش الإسرائيلي للإخطارات بشأن الحاجة لتصميم نموذج احتياط آخر يعترف بالواقع القائم، ويمنح مكانة خاصة للقلة الذين يخدمون خدمة مهمة وطويلة، ويوضح لهم أساسا بأن هناك حاجة حقيقية لهم للدفاع عن الوطن.
فوق كل ذلك، ينبغي الاعتراف بأن الدولة التي تقودها ثقافة ذات نزعة قوة، وغياب قواعد لعب وعمل أساساً لأجل مناكفة الآخر، تدفع الفرد إلى الإحساس بالقطيعة والاغتراب، حيث إن الطريق الواجب للتعبير عنه هو التهديد بعدم القيام بما لا يقوم به الآخرون على أي حال.
دولة تتجاهل قيادتها المخاطر في عملها، والتي تهدد بالمس بالفرد اقتصاديا وقيميا، لا أمل لها في أن تجبر الفرد ليقوم بالفعل المدني الأعلى المتعلق بالمشاركة في الدفاع عنها.
وبالنسبة للأفراد الذين يشعرون باغتراب متزايد في الواقع الإسرائيلي، فإن تهديد رفض خدمة الاحتياط هو مخرج ثمنه الحقيقي متدن نسبياً.
يبدأ رئيس الأركان، هرتسي هليفي، بالتالي، ولايته في ظروف صعبة على نحو خاص. إيران دولة عتبة نووية، في "المناطق" اشتعال كبير، ومبنى القوة البشرية في الجيش يقف في ذروة سلسلة أزمات في التجنيد، الدائم والاحتياط.
وأسوأ من كل ذلك فإن الحكومة تفعل كل ما في وسعها كي لا تقود وتوحد، بل تهز أساسات المبنى وتفاقم الخطر.

عن "يديعوت"