يديعوت : رومـا تـشـتـعـل، ونـيـرون يـعـزف عـلـى الـنـاي!

ناحوم-برنياع.jpeg
حجم الخط

بقلم: ناحوم برنياع

 



ألقى نتنياهو، أمس، في مستهل جلسة الحكومة خطاباً شبه فيه إغلاق الطرق بالصراع ضد فك الارتباط عن غزة وإغلاق الطرق بالصراع ضد الثورة النظامية. هو في فترة التشبيهات الآن: حوارة وكابلن، طريق 1 وأيالون. يمكن الحديث لساعات عن مشاكل ذاكرته، لكن خسارة على الوقت. روما تشتعل، ونيرون القيصر يعزف على الناي.
ثلاثة مواضيع كان ينبغي لها ان تقض مضاجعه. الأول، ثورة الاحتياط؛ الثاني، الآثار الاقتصادية للثورة المناهضة للديمقراطية؛ الثالث، الشروخ في التحالف مع الولايات المتحدة. ثلاثة المواضيع يرتبط واحدها بالآخر ويؤثر فيه.
سلاح الجو مبني على طيارين في النظامي وفي الدائم وطيارين احتياط. طيارو الاحتياط يتفرغون بشكل عام يوما في الاسبوع، احياناً أكثر لطيران عملياتي وتدريبي. هم يتطوعون. عملياً كل منظومة الاحتياط في الجيش الاسرائيلي تقوم على اساس التطوع. عندما يقاتل القلة في سبيل الاغلبية، هذا لا يمكن أن يكون بالقوة. إما ان يحترموهم أو أن يتخلوا عنهم. مئات طياري الاحتياط الذين انضموا الى الاحتجاج وصفتهم ابواق الحكومة بالفوضويين والارهابيين. على هذه الإهانة يمكنهم أن يتغلبوا لكن لا يمكنهم أن يمتنعوا عن التساؤل لماذا يعرضون حياتهم للخطر مرة في الاسبوع. الكابينت مليء بوزراء لم يخدموا. امن الدولة لا يعنيهم وتصريحاتهم سائبة، واضافة الى ذلك يسبونهم ويحقرونهم. يوم الجمعة التقوا بقائد السلاح اللواء تومر بار. اصدر اللواء بياناً استثنائياً يدافع عنهم في وجه شتائم السياسيين. جماهيرياً هو كان على ما يرام، الرسالة مرت، لكنهم توقعوا بياناً صريحاً أكثر، فظاً أكثر. أمس أعلن 37 من طياري F15 أنهم لن يأتوا الى التدريب بعد غد.
يوجد لهم تعليل إضافي، ثقيل الوزن. فتصفية قوة محكمة العدل العليا تأخذ منهم السترة الواقية التي حمتهم من الدعاوى القضائية في خارج البلاد. قسم منهم طيارون في "إل عال". وهم يهبطون في الخارج بضع مرات في الأسبوع. في الصباح يقصفون في غزة أو في سورية؛ وفي الغداة يهبطون في لندن أو في باريس. زوجاتهم يسألن لماذا يحتاجون هم، لماذا يحتجن هن، هذه السحابة فوق الرأس؟ فليبحث نتنياهو عن طيارين آخرين.
الرفض صعب علي. هو صعب أيضاً عندما يدور الحديث عن متطوعين. لكن معنى الثورة النظامية، وتيرة تشريعاتها والرفض المطلق للاستماع للمعارضين هي إجراءات لم يكن مثيل لها في 75 سنة الدولة، الشرخ يبدأ من هناك.
بدأت الآثار الاقتصادية للثورة بالتهديد الوجودي على الاستثمارات في صناعة التكنولوجيا العليا وتنتهي بجيب كل مواطن. فالثقة بالاستقرار الاقتصادي تتبخر. والاستثمارات لا تضخ الى الداخل؛ المال يضخ الى الخارج. بعده سيضخ الناس الى الخارج. رجال الاحتياط يرون رزقهم يهتز. المستثمرون يرون ان أمن الدولة يهتز. عاصفة كاملة الأوصاف، هكذا يسمون هذا رجال الأرصاد الجوية.
سواء رغبت أم لم ترغب، فإن الإدارة الأميركية هي طرف في الموضوع. فقد حظيت حكومات إسرائيل في العقود الأخيرة بالحصانة في واشنطن. كيسنجر وبيغن، وزيرا الخارجية اللذان أخضعا حكومات في إسرائيل – خيراً بشكل عام – لم يعودا هناك ولا يوجد لهما خلفاء.
وصل بايدن الى البيت الأبيض مع رواسب قاسية من الماضي. وقد عاقب بطريقة يعرف نتنياهو فقط كم هي أليمة: رفض دعوته الى واشنطن. وعلى الهاتف أيضاً لا يرد. نتنياهو قُزّم. عندما اقترح سموتريتش محو حوارة، وصف الناطق بلسان الخارجية الأميركية أقواله "منفرة"، ليس أقل. سموتريتش لن يصل الى أميركا، واذا وصل فانه لن يلتقي أيضاً مع الإدارة.
تعتمد قوة إسرائيل في الولايات المتحدة على ثلاثة أرجل: قيم مشتركة؛ مصالح مشتركة؛ والقوة السياسية للجالية اليهودية والأفنجيليين.
اما الثورة النظامية فتخرب على الثلاثة جميعها. قاعدة القيم تشققت؛ الجالية اليهودية منقسمة ومبتعدة؛ شراكة المصالح مبنية على قوة عسكرية واستقرار اقتصادي. وفوق الاثنين تحوم الآن علامة استفهام.
في هذه الأثناء تكتفي إدارة بايدن بملاحظة على جدول الاعمال، لكن هذا لن يبقى الى الأبد. اذا كانت أميركا تريد، فهي تعرف كيف تعاقب. ايران مثلا. في هذه اللحظة التعاون مليء، لكن لنفترض ان نتنياهو يعتزم حقاً مهاجمة منظومة النووي في إيران. سيجد الجيش الإسرائيلي صعوبة في عمل هذا دون طائرات الشحن بالوقود التي اشتريت في أميركا. ويفترض بالطائرات ان تصل بعد سنة. يمكنها ان تتأخر – وسبق لمثل هذه الأمور أن حصلت. مؤسسات الأمم المتحدة والحكومات في أوروبا تمتنع عن اعتقال ضباط إسرائيليين. ضمن أمور أخرى بسبب الضغط الأميركي. اذا ما أرخت أميركا يدها، فالتهديد سيطل. قبل بضعة أسابيع اقنع الأميركيون العرب بالتخلي عن مشروع شجب لإسرائيل في مجلس الأمن. في المستقبل سيمتنعون.
للقطيعة مع البيت الأبيض وللنقد على لسان وزير الخارجية والسفير يوجد معنى اقتصادي. فهو إشارة للمستثمرين ولحكومات أخرى. كل شيء مرتبط. بن غوريون، رابين، غولدا مائير، بيغن، شمير وكذا نتنياهو تناكفوا مع رؤساء أميركيين، لكن هذا كان دوما على ما وصف كأمن الدولة. اما ثورة روتمن ولفين فتفتح خصاماً عابثاً.
مجموعة من ضباط الاحتياط، من خريجي وحدات النخبة، تعمل هذه الأيام على كتاب يتوجه الى الإدارة والكونغرس الأميركيين بطلب ليوقفوا الثورة النظامية، وفي واقع الأمر ان ينقذوا إسرائيل من نفسها. الخطوة ليست بسيطة، في نظرهم أيضا. وهي تدل على شدة الشرخ، شدة الصدع. هذا ليس إصلاحاً، هذا لعب بالنار.

عن "يديعوت أحرونوت"