في الحالة الفيزيائية فإن هناك قطبين اساسيين يلعبان دورا رئيسيا في الحياة الميكاكهربائية الفيزيائية و كل منهما يحافظ على خصائصه ما لم يتعرض احداهما او كلاهما لقوة فيزيائية ضاغطة تفقدهما خواصهما اما في حالة تطور المجتمعات الى جمهوريات و ممالك فقد تكون الامور تختلف اذا ما درسنا عصر الامبراطوريات السابقة وكيف بدأت و كيف انتهت و من هذه المقدمة نستطيع ان نقول ان ما افرزته الحرب العالمية الاولى والثانية في العصر الحديث من نشوء الامبراطوريات وذوبان امبراطوريات اخرى فسميت اوروبا العجوز وصعدت امريكا وانتهت المانيا وصعد الاتحاد السوفيتي و كان الصراع الايديلوجي بفوهة الاقتصاد والاسلحة الفتاكه ليسيطر على غالبية العالم اقتصاديا او رعبا او ضغطا واستطاعت الدولة الرأسمالية الامبريالية الامريكية ان تأخذ نصيب الاسد بعد الحرب العالمية الثانية و كما كانت نهاية الدولة العثمانية وتقسيم المنطقة العربية او منطقة الشرق الاوسط الى كيانات ومع تصاعد اهمية تلك المنطقة من احتواءها على خامات الطاقة واهمها البترول والغاز فاستطاعت امريكا بضعف اوروبا ان تسيطر على كثير من تلك المناطق ضغطا واقتصادا وامننا للحفاظ على مصالحها و هنا الموضوع يطول في هذا الجانب ولكن يبدو ان لكل امبراطورية نهاية وهو ما تتعرض له امريكا الان بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور التنين الصيني والدب الروسي الذي لا يقل قوة بشرية وتكنولوجية عن الدولة العميقة في امريكا او اوروبا الغربية .
عالم الذرة لم يعد مقتصرا على دول مجلس الامن او سوق الدولار او اليورو فالحرب الاوكرانية الروسية قد تغير طبوغرافيا و جغرافيا وسياسيا وامنيا ولذلك تضع اوروبا وامريكا كل ثقلها في تلك الحرب والمواجهة فالصين لها خطها في الطول والعرض الاقتصادي في افريقيا و اسيا حتى في اوروبا و داخل امريكا و هي ذات الكم البشري الهائل الذي لا يساوي ربعه او ثلثه دول اوروبا وامريكا والمساحات الشاسعة الاستراتيجية وكذلك الدب الروسي عندما كشر عن انيابه السيد بوتين ليعطي انذارا بنهاية سياسة القطب الواحد اي بمعنى نهاية حكم امريكا الامني والاقتصادي للعالم ولذلك اجتمعت دول اوروبا الغربية مع امريكا لحرب حاسمة لا احد يريد ان يتنازل فيها ولكن الاقرب ان اوكرانيا ستجزء الى دويلات وتتراجع اوروبا التي اكهلت موازنتها في تلك الحرب والمستفيد امريكا ولذلك قد يكون الاوروبيين ينتهزون الفرصة ايضا للخروج من الفك الامريكي والغطاء الامريكي هذا قد يحدث ...
والعودة مرة اخرى لعنونة هذا المقال عودة العلاقات السعودية الايرانية بعد اكثر من اربعة عقود ونصف بين الشد والجذب والهدوء والتحريض بين الاطراف المختلفة العربية والايرانية وقد تكون الحرب العراقية والايرانية وتخوف دول المنطقة العربية السنية من التدخل الايراني في شؤونها الداخلية وطموحات الثورة الاسلامية في ايران بانتشار مناسكها واهدافها قد كان هو العامل الاساسي الذي تفجر بانقطاع العلاقات ونشوء قوى تابعة لايران كما عبر عنها عضو برلمان ايراني بأن لها نفوذ في اربع عواصم عربية .
قد يكون انهيار الدولة العراقية نتيجة الغزو الامريكي الغربي هو الفرصة الذهبية التي اتاحت لايران ان تحقق الكثير من طموحاتها في المنطقة وفرصة ذهبية اخرى ان تعد نفسها داخليا لتصبح دولة ذات قوة اقليمية بل اكثر من ذلك وربما تطالب بعضوية مجلس الامن اذا استمر العالم والامم المتحدة على ذاتها بعد المتغيرات التي تعصف بالعالم في اوكرانيا وتايوان وفلسطين و دول الشرق الاوسط و منها تركيا ايضا .
اما اسرائيل او ما يسمى اسرائيل وبكل جبروتها الذي تستخدمه بحق الفلسطينيين فهي للان مصابة بعقدة الامن وما يسمى بحرب التحرير المستمرة امام فتيان فلسطينيين في العقدين من عمرهم التي لا تستطيع مواجهتهم تلك الدولة التي تحتوي على ترسانة من الاسلحة التقليدية والنووية فعقدة اسرائيل بأن مملكاتهم في فلسطين لا تتعدة الثمن عقود و من هنا تحدث مفكروا اسرائيل وقادتها على احتمال انهيار تلك الدولة و من مظاهر تفسخ تلك الدولة هو سيطرة اليمين الصهيوني الفاشي على مقاليد الحكم في اسرائيل و محاولة تغيير وجهها بما يسمى الديمقراطي امام الوسطيين والعلمانيين .
تعتبر اسرائيل ان ايران عدوها اللدود وبالتالي تحاول ان تقلل من امتداداتها في سوريا ولبنان والعراق و التدخل بشكل ما في اليمن من خلال ضربات جوية الا ان الساحة اللبنانية و حزب الله قد وصل الى مرحلة توازن في الرعب كل يعمل حساباته الى لحظات قد تكون حاسمة و كما تحسب اسرائيل ودول اقليمية غزة كامتداد اقليمي لايران لمساندتها المقاومة الفلسطينية .
شهدت الاسابيع الماضية تحرك امريكي في المنطقة وتصريحات اسرائيلية بنية ضرب المفاعلات النووية الايرانية واتهام ايران بأنها خلال اسابيع قد تحصل على القنبلة النووية بتخصيب عالي لليورانيوم ولذلك مدير السي اي ايه ووزير الدفاع والاركان اتوا للمنطقة كما يشاع لترتيب دول المنطقة لمواجهة قد تحدث ولكن شهدنا هبوط في اللهجة الاسرائيلية بعد ذلك وقد تقتصر الخطة على المواجهة الغير مباشرة مع اذرع ايران في المنطقة فالمنطقة والمصالح الامريكية لن تتحمل مواجهة مع ايران وخاصة بعد افرازات الحرب الاوكرانية والتعاون المفتوح بين ايران وروسيا التي قد تحصل منه ايران على صواريخ اس 400 والطائرات الحديثة 36 مقابل اعادة تصنيع الاسلحة الغربية التي استولت عليها روسيا من الجيش الاكراني وفتح مصنع للطائرات المسيرة في داخل روسيا .
و من هنا قد اقول ان زيارة وزير الدفاع التهديدات الاسرائيلية لضرب ايران قد باءت بالفشل والوساطه الصينية بين ايران والسعودية فعودة العلاقات بين طهران والرياض قد افشلت تلك الخطه بل قد ايدت دول الخليج كلها عودة العلاقات وكذلك اوروبا ولكن حاولت امريكا ان تشكك في مصداقية ايران ومتحفظة .
ان عودة العلاقات بين ايران والسعودية في الاتجاه الصحيح والانسحاب من الحماية الامريكية التي لم تحقق لها اي شيء في حرب اليمن واحجام امريكا عن تزويد السعودية بأسلحة هجومية متطورة و حماية لمنشآت البترول امام الصواريخ الباليستية ، فإن السعودية و دول الخليج قد نستقرئ ان مصالحهم بعودة العلاقات مع ايران ووجود نظرية امن و مصالح مشتركة لحماية المنطق و فتح اقطاب جديدة في العالم تجاه روسيا والصين وخروج امريكا من المنطقة بتدرج زمني فأمريكا لن تستطيع الان ان تقود حرب ضد ايران مثلما فعلتها في العراق وهي تئن تحت ضغوط و ديون موازنتها الداخلية وصراعها مع الصين و صراعها في اوكرانيا واوروبا التي قد تخرج عن سيطرتها لاحقا اما عن فلسطين فالموقف الايراني معروف كما هو معروف موقف السعودية المتزم بما يسمى المبادرة العربية مبادرة الملك فهد التي تمت المصادقة عليها من الجامعة العربية ومؤتمر القمة ولذلك السعودية لن تتجاوز مبادرتها في التطبيع مع ما يسمى اسرائيل مالم تحقق اسرائيل شروط المبادرة .
اذا ربما عام 2023 – 2024 ستفقد امريكا كثير من تدخل الدولار في العالم القوة ايضا كما هي اوروبا المنهكة في الحرب الاوكرانية .