معادلة صحوة سعودية صريحة غير متأخرة

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

 

لا يمكن قراءة التصالح الإيراني السعودي في الحصن الصيني بمعزل عن التطورات الدراماتيكية التي يشهدها العالم والتي تصب بمجملها في سحب البساط من تحت اقدام الرأسمالية العالمية بزعامة امريكا والتي انفردت في حكم هذا العالم ، و تجبّرت ، لأكثر من نصف قرن .

و إذا كنا لا نستطيع تحديد يوم بعينه او حدث بذاته ، تاريخا لبدء هذا التقهقر الانهياري ، فإننا نستطيع التركيم والتدميج والتصعيد إزاء حقبة معينة قد تمتد الى عقد من الزمان او حتى عقدين ، كما كل الاحداث الكبرى في العالم كانهيار الاتحاد السوفياتي على سبيل المثال الذي لا يمكن حصره بآخر رئيس سوفياتي ميخائيل غورباتشوف وكتابه النوعي "البروسترويكا" ، او خراب منظمة التحرير الفلسطينية بتوقيعها على اتفاقية أوسلو ، او فاشية إسرائيل بمجرد فوز بن غفير في انتخاباتها الأخيرة قبل ثلاثة أشهر .

قد يؤرخ البعض لبدء العد التنازلي لامبراطورية الشر الأخيرة في العالم ، للازمة الاقتصادية التي ضربت أمريكا قبل 15 سنة وصدرتها الى أوروبا ، قد يقول آخر انها منذ ضم روسيا بوتين لجزيرة القرم قبل تسع سنوات اعقبها بغزو أوكرانيا قبل سنة ، و قد يقول ثالث انها بصمود سوريا ذلك الصمود شبه الأسطوري .

و لكن في تحصيل التركيم والتدميج والتصعيد ، فإن التصالح بين ايران والسعودية في بكين ، يجب وبالضرورة ان يقرأ من ضمن هذا التحصيل ، سبقه بالطبع القمم الثلاث التي عقدت في الرياض مطلع العام مع الرئيس الصيني ؛ سعودي خليجي عربي ، غابت عنها سوريا ، و لكنها كانت اهم الحاضرين ، إذ لم يكن هناك خلافات جوهرية بين أي نظام عربي و نظام عربي آخر ، سوى النزول عند املاءات أمريكا ضد الأنظمة التي تناهض التطبيع مع إسرائيل ، والتي وصلت ان تقوم أمريكا باحتلال العراق واعدام رئيسه صدام ، وأوروبا باحتلال ليبيا واعدام رئيسها القذافي ، و كاد الامر ينسحب على سوريا بشار الأسد . فهل تنطلي الخدعة الا على صغار العقول من ان الخلاف الإيراني السعودي كان خلافا دينيا شيعيا سنيا ، لقد أثبتت الأيام السوداء في تاريخ هذه الامة ان بالإمكان تجاوز الخلاف الديني بين المسلم واليهودي ، و عقدوا صفقة "ابراهام" مع أربعة دول عربية في غضون أيام على جثة "القدس" أولى قبلة لنبي الإسلام دون ان يرف لهم جفن .

انها صحوة سعودية واضحة و صريحة تدير فيها وجهها هذه المرة عن الغرب الأمريكي الى الشرق الصيني و عن الخلف الماضي الى الامام المستقبلي ، بجهود صادقة مخلصة ، هي جهود الصين التي لم تعترف بها السعودية رغم انها دولة عظمى بدعوى انها شيوعية (وايران بدعوى انها شيعية) الا في التسعينيات ، صاحب ذلك اكتشاف السعودية ان عدوها الحقيقي هي أمريكا ، التي تدعي انها صديقتها المخلصة ، فتكتشف انها صاحبة مصالحها أولا وثانيا وعاشرا ، و كل ما يهمها من امر السعودية نفطها ، ووصل الامر برئيسها الأسبق دونالد ترامب ان يأخذ نصف ترليون دولار نقدا ، لا نفطا ، في يوم واحد دون ان لا ينسى اهانتها واذلالها على الملأ : لولانا فإن المملكة تسقط خلال أيام ، و على الملك ان يدفع لنا ثمن حمايته .