هارتس : نجح الاحتلال في إلحاق الهزيمة بإسرائيل !

ليفي.jpeg
حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي



في لحظة، مساء الخميس، تجمع كل شيء ليرسم صورة واحدة. شخص مسلح بدأ يطلق النار على المارة في شارع ديزنغوف في تل أبيب في الوقت الذي تفرق فيه آخر المتظاهرين ضد الانقلاب النظامي.
كانت الأخبار الأولى مشوشة كالعادة: هل هذه عملية أم حادثة جنائية أم محاولة اغتيال سياسية؟ لحظة ارتبط الاحتجاج بالاحتلال.
اتضحت الصورة بسرعة. لم يكن للعملية أي علاقة بالاحتجاج، لكن لم يعد بالإمكان طمس العلاقة: في أساس معظم الأمور السيئة التي يخرج الإسرائيليون الآن للتظاهر ضدها يقف الاحتلال، حتى لو كانوا هم انفسهم غير مستعدين للاعتراف بذلك.
هو جذر كل شر، فيه تكمن بذور السم. لولاه لكنا في إسرائيل أفضل، ولولاه لما كان الكثير من قوى الهدم والتخريب قوية بهذا القدر. لذلك، حان الوقت للاعتراف بأن الاحتلال والمستوطنات هزما دولة إسرائيل. فقد فازا وهي تنهار تحتهما. ما بدأ في حرب "الأيام الستة" وبعد ذلك عشية عيد الفصح في فندق "بارك" في الخليل، وصل إلى صميم قلب الدولة واستوطن فيها وأكلها من الداخل وأفسدها.
استمرت العملية أكثر مما هو متوقع. ولكن الآن تحدث أمام أنظارنا بسرعة مدهشة. لقد سقط القناع، ومن المؤسف أن المتظاهرين لا يرون جذوره.
لم يكن من الصحيح في أي وقت من الأوقات ربط كل شيء بالاحتلال.
من تصرفوا هكذا جعلوا عملهم سهلا. أمام إسرائيل تقف تحديات وشرور كثيرة، ليس لها أي صلة به. ولكن الاحتلال يلقي بظلاله عليها جميعها. أيضا يلقي ظلاله على الانقلاب النظامي. معظم القوى التي تحركه نبتت في أصص المستوطنين أو في أصص من يشجعونهم ويساعدونهم. لو أنه لم يكن هناك احتلال لما كانت هناك مستوطنات. ولو أنه لم تكن هناك مستوطنات لما كان هناك بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وسمحا روتمان. هكذا ببساطة. ولو أنه لم يكن هناك احتلال لما كان الكثير من لابسي القبعات في كل مفترق طرق، ولما كانت الصهيونية الدينية هي مجموعة الضغط الأقوى. ولو أنه لم تكن هناك شهوة للضم وجشع للأراضي لما كان هناك ياريف لفين.
ولو أنه لم يكن هناك احتلال لكانت توجد عنصرية، لكن بدرجة أقل. ربما حتى أن بنيامين نتنياهو كان سيكون مختلفا. كانت كل السياسة ستكون مختلفة لو لم يصبح الحفاظ على الاحتلال هدفها الرئيس.
أنبت الاحتلال الصورة العامة للناشط الإسرائيلي الجديد: الأزعر الذي لا يعمل حساباً لأي أحد، والقوي والجاهل بشكل عام، يستخف بالعدالة والقانون ويستخف بالعالم وليس لديه وعي ذاتي.
من أجل "أرض إسرائيل" يجوز للمرء الكذب وفعل أي شيء. أيضا الفساد ولد هناك. بين وادي دوتان وجنوب جبل الخليل. لا يعني هذا أن إسرائيل لم يكن فيها لصوص وقتلة حتى دون مجلس "يشع"، لكن الفساد القانوني والخداع كقاعدة والسرقة كاستقامة سياسية، وبالطبع العنف كظاهرة شرعية وحتى محترمة، نمت في ظل الاحتلال.
إذا سمح بذلك هناك فلماذا ليس هنا. من تم تدجينهم للإحراق وإطلاق النار في حوارة كخيار أول ومفضل لن يتحرروا من ذلك بسهولة على بعد بضعة كيلومترات غربا. نعود ونؤكد: ليس كل شيء بسبب الاحتلال، لكن أكبر بكثير ما إسرائيل تعترف بذلك بينها وبين نفسها. من المحزن أن معظم معسكر الاحتجاج لم يعترف بذلك.
لولا الاحتلال لما كان هناك انقلاب نظامي، إلى هذه الدرجة. اختيار جهاز القضاء – الذي ليس هو الأسوأ من بين أجهزة الحكم – هدفا للانقلاب ينبع بالأساس من كونه الحاجز الأخير أمام إطلاق العنان النهائي.
أيضا مع جهاز القضاء كما هو يمكن ارتكاب في "المناطق" تقريبا كل شيء، لكن إبعاده سيسمح بإطلاق العنان الأخير.
بعد ذلك سيكون بالإمكان السرقة في وضح النهار في مكان مظلم والإعدام عن طريق المحكمة وليس فقط عن طريق التصفية والتهجير والاعتقال والتعذيب والهدم دون إزعاج. لذلك، تعزيز الاحتلال هو أحد الدوافع الأساسية للانقلاب. دونه كان اليمين سيعيش مع جهاز القضاء لو أنه فقط رفع اليد عن نتنياهو.
تخيلوا إسرائيل دون احتلال. سترون إسرائيل مختلفة كلياً.

عن "هآرتس"