اختيار الرئيس الصيني شي جين بينغ، أن تكون روسيا محطته الأولى خارجيا، بعدما حاز على ثقة الحزب الشيوعي ليصبح رئيسا لولاية ثالثة، تؤشر بما لا يدعو للتفكير كثيرا، أن القطبية العالمية الجديدة تشكلت وليس ستتشكل، وبدأ وضع قواعدها الجديدة بين "الثنائي الخاص"، نحو فرض قواعد عمل تنهي بأمل أن تكون الى غير رجعة، هيمنة استعمارية قادتها الولايات المتحدة، قائمة على أسس الترهيب السياسي العام.
نقطة التحول التاريخي نحو عالم جديد، لقواعد عمل جديد، لم تبدأ كما قيل من نجاح الصين في تحقيق أول اختراق لها على الصعيد الدولي برعاية "مصالحة نسبية" بين العربية السعودية وإيران، وفق المبدأ العالمي الجديد، تبادل المصالح بدلا من قواعد الترهيب والسيطرة، لكن نقطة الانطلاقة لكسر الهيمنة الاستعمارية بشكلها المستحدث، كان يوم 24 فبراير 2022، عندما قرر الرئيس بوتين أن يعيد رسم خريطة روسيا بعملية عسكرية في مناطق أوكرانيا الشرقية، مستعيدا ما تراه روسيا أراض لها منحت بتوزيع خلال العهد السوفيتي، وتحديدا زمن الرئيس خروتشوف (أوكراني القومية)، بعدما أعادت جزيرة القرم الى سيادتها.
زيارة الرئيس بينغ الى موسكو إعلان رسمي لبناء علاقات عالمية وفق أسس جديدة، يجسدها بيان مشترك من قبل "روسيا الاتحادية والصين حول تعميق الشراكة والتفاعل الاستراتيجي بما يتواءم مع الدخول في حقبة جديدة"، وبالتأكيد مستفيدين من "التجارب السابقة" بعيدا عن أجواء "الحرب الباردة" أو مراحل "التدخل العسكري" تحت أي غطاء كان، وفتح باب بناء علاقات تقوم على المساواة الإنسانية، وفق المصالح واحترام حق الشعوب في خياراتها خارج مبدأ "العصا والإرهاب الأمني"، الذي ساد بشكل مطلق بعد انهيار المنظومة الاشتراكية.
وفي سياق "التحول التاريخي" الجديد، وبعد رعاية الصين لـ "فكفكة" أحد "العقد السياسية الإقليمية" في الشرق الأوسط والأدنى، بين العربية السعودية وإيران، دفع التحول في علاقات طهران بانفتاح متسارع نحو دول عربية أخرى، ما يمكنه أن يزيل أحد أخطر عناصر الاستغلال الأمريكي لبقاء دول المنطقة تابعة اقتصاديا وأمنيا، وفتح باب لدولة الكيان للتسلل نحو قلب دول عربية بملف أمني.
تطورات "اتفاق بكين" بين الرياض وطهران، فتح الباب واسعا لإعادة الاعتبار لعلاقات بين دولة المنطقة خارج سياسة "الخطر المتبادل"، ووضع حجر أساس جديد دون نفي الاختلافات الفكرية – السياسية بل والمذهبية، ولكن دون الذهاب لتصبح "المواجهة والتوتر" بديلا للتبريد والحل الممكن في العلاقات خدمة لمصالح دول المنطقة، بلا فوقية سياسية أي كان مسماها المستعار.
وبالتأكيد، ستكون انطلاقة جديدة مع نجاح روسيا في تحقيق لقاء سوري تركي إيراني، ليعيد الاعتبار لعلاقات ضمن قواعد عمل جديدة، بعد حرب وضعت قواعدها الولايات المتحدة، شاركت بها تركيا ضد سوريا، وشاركت بها إيران في العراق، فخسر الجميع وربحت أمريكا والكيان العنصري في إسرائيل، ولذا فـ "اللقاء الرباعي" سيكون العلامة الفارقة الثانية لـ "عالم القطبية الجديد".
وانطلاقا من التحول التاريخي الذي أنطلق من عملية 24 فبرار 2022، و"اتفاق بكين" بين العربية السعودية وإيران يوم 10 مارس 2023، انتظارا لـ "اتفاق موسكو الرباعي"، فإن فلسطين الشعب والقضية، والتي تعيش آخر احتلال عنصري احلالي تطهير عرقي، من قبل كيان بات تحت سيطرة "الفاشية المعاصرة" غاب عن المطاردة والملاحقة القانونية عن جرائم حرب فاقت بالقياس النسبي ما كان من جرائم ضد الإنسانية، دولة لا تقيم وزنا ولا قيمة لكل الشرعية الدولية، تمارس الإرهاب العام تحت رعاية دولة الإرهاب العام أمريكا، وتواطئ غير مسبوق من قبل الدول الغربية، فإن التطورات الراهنة عالميا، تتطلب العمل من أجل وضع نهاية لاحتلال أرض فلسطين شعبا ووطنا، احتلال لدولة عضو مراقب في الأمم المتحدة برقم 194 منذ العالم 2012، دون ان تجد سبيلا لتحررها واستقلالها الوطني.
ان فلسطين توجه نداء "استغاثة سياسية" الى الأصدقاء التاريخيين لشعبها في كل مراحل كفاحه ضد الإمبريالية والصهيونية والاستعمار بكل مظاهره، من أجل العمل نحو صياغة آلية تكون قادرة على فرض تطبيق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين والصراع العربي الإسرائيلي.
ومن أجل ذلك ربما يصبح مفيدا جدا لخدمة ذلك، تشكيل "لجنة سداسية دولية" ترعى فرض "الحل الممكن" المستند الى قرارات متفق عليها دوليا، تطويرا لفكرة "الرباعية الدولية" التي قتلها أمريكا لصالح دولة الكيان العنصري.
وتضم "اللجنة السداسية" بتشكيلها الجديد، روسيا، الصين، الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة الأمريكية والجامعة العربية، تركيبة تعكس القيمة الاستراتيجية للتطورات العالمية، بدخول الصين قوة مؤثرة والجامعة العربية ممثلة عن الإقليم الذي يعيش الصراع مع دولة الكيان العنصري في إسرائيل.
مقترح ربما تعمل "الرسمية الفلسطينية" بالتنسيق مع الأمانة العامة للجامعة العربية، والأشقاء في مصر، الأردن وسوريا لتقديمه ضمن مبادرة سياسية جديدة، تستند الى "مبادرة السلام العربية" مارس 2002، مع آلية ملزمة ضمن "السداسية الدولية" ووفق زمن محدد.
مبادرة عربية جديدة بآلية عمل جديدة، تعيد التوازن للحراك السياسي الفلسطيني العربي نحو حصار دولة الكيان بديلا عن لقاءات تخدم استمرارية الاحتلال وكيان دولة الاحتلال.
ملاحظة: دوما تبقى الأم هي الحاضر الذي لا يغيب، في يوم ربيعها (21 مارس) ويوم كرامتها (21 مارس يوم الكرامة الفلسطيني لزمن الثورة المعاصرة).. سلاما يا روح الحياة..سلاما لأمي التي منحتني حضورا ما كان له أن يكون دونها، راعية مربية مرشدة رغم أميتها.. ودوما أطلب منك السماح على فراق لم أحضنك حينها..سلاما لك يا صفية!
تنويه خاص: صمت الرسمية الفلسطينية على عدم تقديم حكومة دولة الكيان العنصري لها اعتذرا علنيا حول تفوهات الفاشي سموتريتش يشجعهم أكثر فأكثر...الصمت جبن..الصمت موات سياسي..الصمت لا يليق بشعب طائر الفينيق.. يا أنتم!