مقاوم فأسير فمبعد.. ثم شهيد هكذا أمضى الأسير المحرر الشهيد مازن فقها حياته متنقلاً في ميادين الجهاد والتضحية والبطولة، وما انفك لحظة عن مقارعة الاحتلال، والإشراف على العمليات الاستشهادية التي أرقت الاحتلال وأذلته مراراً وتكراراً في الضفة الغربية المحتلة.
يوافق اليوم الذكرى السادسة لاستشهاد الأسير المحرر القائد في كتائب القسام مازن فقها بعد عملية اغتيال جبانة نفذها الاحتلال وأعوانه ارتقى على إثرها شهيدا بعد حياة حافلة بالتضحية والجهاد.
نشأة مقاوم
ولد الشهيد القسامي القائد مازن محمد سليمان فقها في الرابع والعشرين من أغسطس عام1979م في مدينة طوباس شمال الضفة الغربية المحتلة، نشأ وترعرع على موائد القرآن وفي جنبات مساجد المدينة، فحفظ القرآن كاملاً في سن مبكرة، ثم حصل على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة النجاح، وكان من أعلام الكتلة الإسلامية وقادتها في جامعة النجاح.
التحق الشهيد القائد القسامي فقها إلى صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام خلال دراسته الجامعية في جامعة النجاح، رفقة قادة القسام بالضفة: سليم حجة وقيس عدوان، وكريم مفارجة وهاشم النجار وحامد أبو حجلة، والمهندس مهند الطاهر، ثم عمل مع الشهداء القادة محمود أبو هنود، ويوسف السركجي، والاستشهادي محمد الغول.
تاريخه الحافل بالجهاد والتضحية لوطنه ودينه دفع السلطة الفلسطينية إلى ملاحقته واعتقاله، ففي عام 2000م اعتقلته أجهزة السلطة الأمنية ثلاث مرات، بتهمة مقاومة الاحتلال وامتلاكه مواد متفجرة كان ينوي نقلها إلى قيادة كتائب القسام من طوباس إلى جنين.
عاودت السلطة الكرّة مرّة أخرى واعتقلته لأكثر من شهر عام 2001م، وأفرج عنه بضغط من أهالي مدينته، بسبب نية قوات الاحتلال التقدم تجاه السجن الذي كان معتقلاً فيه، ليصبح بعدها مطاردًا للاحتلال.
تاريخ حافل
فور خروجه من سجون السلطة شرع القائد مازن فقها بإعادة بناء الخلايا القسامية في مدينة طوباس، التي توّلت استهداف الجنود والمغتصبين في الأغوار، وأسفرت تلك العمليات عن مقتل العديد من الجنود الاحتلال ومستوطنيه، وإصابة عدد آخر.
وتولى فقها المسؤولية عن عملية فك الحصار عن القائد قيس عدوان ورفاقه والتي استمرت لـ 7 ساعات، إلى جانب كونه صاحب السبق في الرد على استشهاد القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام صلاح شحادة، فتولى مسؤولية تجهيز رد كتائب القسام الأول على جريمة الاغتيال فأشرف على عملية صفد الاستشهادية التي نفذها الاستشهادي جهاد حمادة وأدت إلى مقتل 14 صهيونيا وإصابة العشرات.
كما أشرف على عملية مفرق بات الاستشهادية التي نفذها الاستشهادي محمد هزاع الغول على مقربة من مغتصبة جيلو بالقدس عام 2002م، والتي قتل خلالها 19 صهيونياً وجرح العشرات.
إلى جانب إشرافه على تجهيز العديد من العمليات الاستشهادية النوعية، شارك الشهيد القائد مازن فقها في عمليات أخرى، من بينها مهاجمة مستوطنين وجنود الاحتلال بمنطقة الأغوار ووادي المالح ومعسكر تياسير الصهيوني.
الاعتقال والحرية
وفي شهر أغسطس من عام 2002م اعتقلت قوات الاحتلال الشهيد القائد مازن فقها بعد معركة استمرت لـساعات لقن خلالها جنود وضباط العدو صنوفا من العذاب، تلاها اعتقال والده وشقيقه وتدمير منزله بشكل كامل.
تعرض فقها لتعذيب قاس خلال اعتقاله داخل أقبية التحقيق والتي مكث فيها ما يزيد على 90 يومًا، ولم يعترف بأي من التهم التي وجهت إليه، فحكم عليه بالسجن بـ 9 مؤبدات وخمسين سنة إضافية.
وفي أكتوبر عام2011م وبعد قرابة العشر سنوات داخل سجون الاحتلال، تنسم القائد الشهيد مازن فقها الحرية في صفقة وفاء الأحرار والتي أجبرت فيها كتائب القسام الاحتلال على الإفراج عن 1027 أسيراً مقابل الإفراج عن الجندي الأسير في قطاع غزة جلعاد شاليط، إلا أن الشهيد فقها أبعد مع عدد من إخوانه المحررين إلى قطاع غزة، ليبدأ محطة جديدة من المقاومة والتضحية.
الشهادة
وفي الرابع والعشرين من مارس عام 2017م، ارتقى القائد القسامي مازن فقها شهيداً، بعد إطلاق النار عليه من عملاء للاحتلال الصهيوني بسلاح كاتم للصوت أمام منزله وسط مدينة غزة، ليختم حياته الزاخرة بالعطاء والتضحية والمقاومة، بالشهادة في سبيل الله.
كشف الخيوط
وفور اغتيال القائد فقها، أخذت الأجهزة الأمنية في قطاع غزة على عاتقها كشف خيوط جريمة الاغتيال، فظلّت تتابع حيثياتها على مدار الساعة حتى تمكنت من الوصول إلى منفذي الجريمة بعد أقل من شهرين على وقوعها، في عملية أطلقت عليها "فك الشيفرة 45"، لتتمكن من القبض على 45 عميلا للاحتلال، بينهم ثلاثة ساهموا مباشرة في اغتيال القائد فقها.
انتهت عملية "فك الشيفرة 45" بإصدار المحكمة الدائمة في جهاز القضاء العسكري بقطاع غزة أحكامًا نهائية بالإعدام على ثلاثة مدانين باغتيال القائد في كتائب القسام مازن فقها، بعد إدلائهم باعترافات واضحة وكاملة عن مسؤوليتهم المباشرة في تنفيذ عملية الاغتيال، وقد نفذ بهم حكم الإعدام.
استشهاد القائد القسامي فقها لم يوقف استمرار المقاومة وتصاعدها في الضفة الغربية المحتلة، فبعد سنوات على استشهاده تثبت الضفة اليوم أن رجال فقها يقاتلون المحتل بكل بسالة وبطولة، فالمقاومة مستمرة والعمليات ضد الاحتلال متواصلة حتى دحره عن أرضنا الفلسطينية المباركة.