يعرف كل من عاش هنا في العقود الأخيرة أنه لا يمكن الوثوق بتصريح لبنيامين نتنياهو.
وعوده تتحول وعوداً انتهت صلاحيتها في اللحظة التي تقال فيها.
في الغد، وبعد الغد، بعد أن يلتقي مع الابن و/أو بن غفير سيتم تبشيرنا بالتسريبات بأنه لم يقصد حقاً، وأن الطرف الثاني يعيق، وأن "التحريض ضد عائلتي" لا يتوقف.
تعليق التشريع وإعطاء فرصة للحوار حتى نهاية الدورة الصيفية في بداية آب هما أقل بكثير مما طلبه منه قبل شهر أو شهرين رئيس الدولة وبني غانتس وحتى يائير لابيد.
أعطى لهم أيضا – لكن بالأساس للاحتجاج – فوزا كبيرا دون أي مقابل.
تحترق الدولة مثلما لم تحترق في أي يوم. يتحطم الاقتصاد. هو معزول في الساحة الدولية. في الاستطلاعات "الليكود" في حالة تراجع. العلامات التي يحصل عليها كارثية. بعد ثلاثة أشهر لا يوجد لديه ما يعرضه باستثناء عدم القدرة وفقدان الطريق وفشل شامل متعدد الجبهات.
في الأسابيع القريبة القادمة المليئة بالأعياد سيكون بالإمكان فحص نوايا رئيس الحكومة. هذا لن يكون معقدا جدا. ربما سيتلاشى الاحتجاج قليلا، ويستريح ويستجمع قوته قبل دورة الكنيست الصيفية، التي سيتم افتتاحها في 1 أيار. ياريف لفين وسمحا روتمان، ملاكا تخريب الديمقراطية في إسرائيل، ظهرا، أول من أمس، مهانين تماما.
لم يبق أي شيء من تهديدات وزير العدل بالاستقالة على الفور إذا تم وقف التشريع.
لا يوجد لدى روتمان ما يهدد به. ومن شدة الإحباط ذهب إلى وسائل الإعلام، وكذب تقريباً في كل جملة قالها.
نتنياهو، الذي تحدث، أول من أمس، للأمة بعد عشر ساعات بالضبط عن الموعد الأصلي الذي وعد أن يلقي فيه خطابه، ظهر مهزوما ومتعبا.
الاحتجاج الرائع الذي تأثر به كل العالم جعله يركع. ولكن من ألقاه على الأرض وداس عليه هو شريكه السياسي، الحشرة التي حللها ورفعها عاليا، وزير الأمن الوطني.
خرج نتنياهو من هذا الحدث وهو معصور أكثر من حبة البرتقال عندما تكون في معصرة مصنع "بريغات".
خلال ساعات كان مصير الدولة والشرطة في يد شخص عنصري، مجرم، ومدان ومؤيد لـ "الإرهاب". نكّل بن غفير به يوما كاملا، هدده وصرخ عليه واستخدم ضده سلسلة أسر خاصة ونجح في أن ينتزع منه وعداً فضائحياً (كما يبدو لن ينفذ) وهو تأسيس مليشيا تكون خاضعة له.
نتنياهو القديم كان سيسقط رأس أي شريك في الائتلاف يتجرأ على التفاخر بهذه الطريقة دون أي تردد. وكان سيعرف أيضا كيفية تقليص الخسارة في الوقت المناسب.
خلال أقل من تسعين يوماً على تشكيل الحكومة اليمينية دمر دولة وحزباً، ودمّر صورته الشخصية.
قبل أيام، في خطوة هستيرية توجد بصمات ابنه عليها، قام بإقالة وزير الدفاع، يوآف غالانت، وجعل مئات آلاف الأشخاص يتدفقون، ليس في حافلات جمعيات اليسار، إلى الشوارع والميادين. من هنا انضمت أيضا الهستدروت للاحتجاج، وقامت بشل الاقتصاد. إلى هذه الدرجة وصلنا.
أيضا في بيان نتنياهو، أول من أمس، لم تختفِ البهارات التي يدسها في كل طبخة، التحريض، والتقسيم والأكاذيب والتنصل من المسؤولية وإلقاء الاتهامات على الآخرين. اتهم رؤساء أجهزة الأمن بـ "استيعاب الرفض" وتشجيعه وكأن هذا الأمر مرتبط بهم (في حين أن الرافضين والمتهربين هم جزء رئيس في حكومته وفي ائتلافه).
قال عن متظاهري اليمين في القدس: هم خلافاً للآخرين جاؤوا بشكل مستقل وغير منظم وغير ممول، في الوقت الذي كانت فيه في الخارج تقف طوابير طويلة من حافلات "الليكود"، والمزيد من التشويه وأنصاف الحقائق. هذا هو نتنياهو. من جهة أخرى، يجب الاعتراف، مع أخذ هوية المتحدث بالحسبان، بأن هذا كان خطابا على حدود العقلانية، نسبيا أو مؤقتا لا يمكننا معرفة ذلك بالطبع.
أول من أمس تم نشر استطلاعين كارثيين بالنسبة لـ "الليكود" وكتلة اليمين. ائتلاف الـ 64 مقعداً هبط بنحو 10 مقاعد. "الليكود" يتحطم، ومن جهة أخرى، المعسكر الرسمي برئاسة بني غانتس يرتفع ويتفوق للمرة الأولى على حزب "يوجد مستقبل". الاستنتاج بسيط إلى درجة الألم: يطمح الجمهور إلى الحياة الطبيعية والمسؤولية والرسمية وحتى الملل. وهذا ما يقدمه له غانتس. شتاء بنيامين نتنياهو هو ربيع بني غانتس. الاستراتيجية التي حاول قيادتها مع جدعون ساعر وغادي أيزنكوت في الحملة الانتخابية في السعي وراء "اليمين العقلاني" تؤتي ثمارها الآن بتأخر ما. الأزهار هي بالطبع لنتنياهو، فبغبائه وضعفه أبعد عنه جمهورا كبيرا وأهداه للمعسكر الرسمي.
أثبتت هذه الأشهر للجميع أن حكومة يمين – حريديين – مستوطنين غير مؤهلة لإدارة مخزن للخردة. تعديل: هذه ليست حكومة يمينية، هذه حكومة فاشية، عنصرية ومسيحانية، مع أصحاب مناصب فاشلين وغير مناسبين (حتى لو كان يوجد شاذ واحد، وقد تمت إقالته من قبل والد رئيس الحكومة الحقيقي). أول من أمس من قام بالإقالة لم يجد أنه من الصحيح أن يشرح للجمهور سبب هذه الخطوة المهينة، ويبدو أنهم لم يعطوه الموافقة في البيت، وكأن نتنياهو لم يشهد ما يكفي من الإهانة في هذا اليوم الطويل، وجاء الإعلان من قصر حاكم الإمارات بن زايد، الذي التقى مع نفتالي بينيت.
لا يريدون دعوة رئيس الحكومة. ولكن سلفه تم استقباله في القصر بحفاوة. عن ذلك قيل إن الكأس مليء بالسم.
عن "هآرتس"