احتشد أبناء رعية دير "بيشيرسكايا لافرا" بكييف أمامها ومنعوا لجنة مختصة من دخولها ومعاينتها عقب قرار رسمي بإنهاء عقد الإيجار لأجل غير مسمى ومطالبة الرهبان بالمغادرة.
وذكرت مصادر محلية في كييف، اليوم الخميس، أن لجنة مختصة من إدارة المحمية الثقافية التاريخية "كييف بيتشيرسكايا لافراد"، قدمت للمعاينة وتحويل المبنى إلى الاستخدام العام بعد إنهاء عقد الإيجار الذي دخل حيز التنفيذ أمس الأربعاء.
وأفادت الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، بالأمس، بأن المئات من أبناء الرعية الأرثوذكسية قدموا للصلاة في دير كييف-بيتشيرسكايا لافرا، الذي تطالب سلطات كييف، الرهبان بمغادرته.
وفي يوم 10 مارس، أرسلت إدارة المحمية الثقافية التاريخية "كييف بيتشيرسكايا لافرا"(مؤسسة رسمية أوكرانية)، رسالة إلى الدير، قالت فيه إنه اعتبارا من 29 مارس 2023، سيتم فسخ عقد الإيجار المبرم في عام 2013، ووفقا لذلك طلبت هذه الإدارة إخلاء جميع المباني التي تم نقلها إلى الدير بموجب الاتفاقية المذكورة.
من جانبهم، حاول أعضاء سينودس الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية برئاسة المطران أونوفري، مقابلة الرئيس فلاديمير زيلينسكي لإبلاغه بموقف المؤمنين، لكنه رفض استقبالهم.
كما توعد ممثل كنيسة "بيشيرسكايا لافرا" المطران بافل الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بعقوبة سماوية لطرده الرهبان من الكنيسة.
جاء ذلك في رسالة مصورة نشرها المطران بقناة "لافرا" على موقع "يوتيوب"، اليوم الخميس، جاء فيها: "سيدي الرئيس! أقول لك ولحاشيتك إن دموعنا لن تسقط على الأرض، بل على رأسك. هل تظن أن بإمكانك تسلق السلطة على ظهورنا؟ لن يغفر الرب لك أو لعائلتك!".
ووصف المطران بافل زيلينسكي بأنه الذنب فيما يحدث يقع مباشرة عليه، وأنه ألقى بـ "220 راهبا إلى الشارع"، وتابع: "لم تستطع استقبال المطران أونوفري من كييف مع السينودس، ولم تتمكن من إيقاف وزير الثقافة الذي تملأه الكراهية والغضب، ما يعني أنه يفعل كل شيء بإذن منك. ويل لك. العار عليك. اتق الله!".
في الوقت نفسه، وصف الرئيس الأوكراني نفسه الوضع حول الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية وما يحدث في "بيشيرسكايا لافرا" بأنه "حماية للمجتمع من المتلاعبين بالدين في موسكو"، كما أطلق زيلينسكي على أوكرانيا "إقليم الحرية الدينية الأعظم" في هذا الجزء من أوروبا.
وكانت مديرية محمية "بيشيرسكايا لافرا" في كييف قد أعلنت عن إنهاء عقد الإيجار لأجل غير مسمى مع كنيسة أوسبينسكي بالمحمية، فيما وصف المطران بافل هذه الأعمال بأنها غير قانونية وأعلن رفض الإخوة مغادرة الدير. وفي صباح يوم أمس الأربعاء أخطرت إدارة المحمية رجال الدين والرهبان بأن عليهم مغادرة الدير قبل الساعة 23:59، وعينت الأرشمندريت أفرامي من ليتوانيا المنتمي كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية المنشقة عن الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية ممثلا عن الكنيسة الجديدة، وقد شلحته الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية من الكنيسة.
وتنظم السلطات الأوكرانية هجمات مستمرة على جميع الأضرحة الأرثوذكسية الرئيسية في أوكرانيا، حيث نظمت خلال العام الماضي أكبر موجة اضطهاد ضد الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية في التاريخ الحديث للبلاد، اعتمادا على مزاعم علاقة هذه الكنيسة بروسيا. وقررت السلطات الأوكرانية في مناطق مختلفة من البلاد حظر أنشطة الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، وتم تقديم مشروع قانون حول الحظر الفعلي لهذه الكنيسة بأوكرانيا إلى البرلمان. كذلك تم فرض عقوبات على عدد من رجال الدين، وفيما بعد أعلن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي تعليق جنسية عدد من رجال الدين في الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية.
في الوقت نفسه، تم إنشاء هيكل منشق عن الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحمل اسم "كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية"، وهو تجمع منظمتين منشقتين عن الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، نهاية عام 2018، بمبادرة من الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو وبطريرك القسطنطينية بارثولوميو، بالتعارض مع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية. وفي عام 2018، أعلن المجمع الكنسي للبطريركية المسكونية عن منحه استقلالا لـ "كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية"، ما أدى إلى قطع التواصل ما بين الكنيسة الأرثوذكسية الروسية والبطريركية المسكونية، وفي مطلع عام 2019، وقع بارثولوميو، بطريرك القسطنطينية المسكوني على وثيقة توموس التي اعترفت رسميا بـ "كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية" المشكلة حديثا.
ومع ذلك، فإن "كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية" هي في واقع الأمر تابعة لبطريركية القسطنطينية، ومعظم الكنائس الأرثوذكسية المحلية الخمسة عشر في العالم لا تعترف بقانونيتها.
ومن جانبه، قال المتحدث باسم الكرملين الروسي دميتري بيسكوف، إن قرار الرهبان الذين تم إخراجهم من دير كييف-بيشيرسك لافرا، بالقدوم إلى روسيا سيكون وفق إرادتهم ورغبتهم.
وأضاف بيسكوف في تصريحات صحفية، اليوم الخميس، "إذا تم إخراجهم من لافرا، فسيعتمد كل شيء فيما بعد على قرارهم، وفيما سيفعلونه بعد ذلك. لكن، بالطبع، ليس لدي شك في أن أحدا في روسيا لن يقف غير مبال بمصيرهم".
وحول تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، قصفت القوات الأوكرانية محطة للسكك الحديدية مما أدى لانقطاع التيار الكهربائي في مدينة ميليتوبول التي تسيطر عليها روسيا خلف خطوط المواجهة يوم الأربعاء وسط حديث متزايد من جانب كييف عن هجوم مضاد على القوات الروسية.
وأظهرت صور منشورة على الإنترنت، انفجارات تضيء سماء ميليتوبول خلال أوقات الليل مع وجود أثار لدخان الطائرات.
وتمثل مدينة ميليتوبول قاعدة الإدارة الروسية في زابوريجيا، وهي واحدة من خمس مدن أوكرانية أعلنت روسيا ضمها.
وأكد رئيس مدينة ميليتوبول المنفي وقوع انفجارات هناك، بينما نقلت وكالة أنباء تاس الروسية عن مسؤولين عينتهم موسكو قولهم إن محطة للسكك الحديدية تعرضت لأضرار، إلى جانب انقطاع الكهرباء عن المدينة والقرى المجاورة.
وميليتوبول هي مركز لوجستي للسكك الحديدية تستخدمه القوات الروسية في جنوب أوكرانيا، كما أنها جزء من الجسر البري الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم.
ولا توجد معلومات عن الأسلحة التي ربما تكون أوكرانيا قد استخدمتها في الهجوم.
وتقع ميليتوبول في جنوب محطة زابوريجيا النووية، التي زارها مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة الأربعاء، مكررا الدعوة لإنشاء منطقة آمنة هناك.