"فيتو قطر" ضد سوريا في المشهد التصالحي..نغمة أمريكية بالية!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 تسارعت في الأسابيع الأخيرة، ولادة مشهد سياسي إقليمي مختلف، عن السائد من "المؤامرة الأمريكية الكبرى" ضد المنطقة ودولها عام 2011، في العهد البائد برئاسة بارك أوباما، مخطط فرض "الظلامية السياسية – الفكرية" لاستمرار الهيمنة الاستعمارية والغزو بكل مظاهره وأشكاله، ووجد في أدوات "كراهية" الانسان قاطرة لتنفيذ أهدافه، التي كادت ان تحقق مرادها، لولا أن انتفضت مصر لتزيح الخطر الكبير، وتبدأ معها بداية هزيمة "الأوبامية – الأسلاموية".

التطورات الأخيرة إقليميا، هي نتاج متأخر جدا لمفاعيل ثورة 30 يونيو 2013 في مصر، لتعيد رسم ملاح تزيل متبقيات المشروع التآمري الكبير، وتسارعت الخطى السياسية لترتيبات معاصرة من التفاعل، بعد اتفاق بكين مارس 2023 بين العربية السعودية وإيران، والذي جاء منسجما مع تغيير كبير في التوزان الدولي بعد حرب أوكرانيا فبراير 2022، التي أخذت بصياغة معادلة دولية تنهي زمن القطبية الواحدة، ورأسها أمريكا، ومعها مشروعها الظلامي للمنطقة.

ومع دخول "اتفاق بكين" حيز التنفيذ، تسارعت حركة "التصالح الإقليمية"، وخاصة مع الشقيقة سوريا، وبادرت الإمارات العربية بكسر "جدار حصار" الرئيس بشار الأسد بزيارة هي الأولى منذ عام 2011، لتبدأ رحلة تكنيس طريق عودة العرب الى دمشق، أخذت بعدا جديدا بالموقف السعودي نحو سوريا، بعدما كانت تمثل الرياض أحد أبرز العقبات أمام كسر حظر أمريكي مع بداية مؤامرة أوباما.

ليس مفيدا أبدا، فتح باب "الملامة السياسية" فيما كان تآمرا وأطرافا ودورا ليس سريا ابدا، حول الذي حدث في تلك الفترة، وتمويل "المؤامرة الأمريكية – الأوبامية" لتمكين الجماعات الظلامية من السيطرة على سوريا، بعد تدمير مقوماتها الحضارية قبل السيادية كممر للخضوع الجديد للمستعمر الجديد، فما كان من قبل أطراف عربية لن يخدم مستقبل بات هو الأكثر قيمة وأهمية، وخاصة ان غالبية أطراف تمويل "المؤامرة"، أتمت عملية "التطهير الذاتي"، وتتجه لصناعة مستقبل غير ذي صلة بمان كان "سوادا سياسيا".

وبلا مواربة، فالتطورات التي تسير عليها العربية السعودية، من توجه "الاستقلالية" عن التبعية التي كانت للمحور الأمريكي، نحو بناء علاقات جديدة، تخرج من سياق الهيمنة الى "المصلحة"، ما بدأ في بناء جديد لعلاقاتها دوليا، سمحت لها بأن تحدد وزن وحضور خلال سنوات قليلة، تجاوز كل ما كان منذ تأسيس المملكة، وانتقلت لتصبح "فاعلا إقليميا دوليا"، واتجاه لروابط ما يخدم مصلحتها أولا، وليس تأدية دور لمصلحة غيرها، وغيرها هنا، أمريكا، وهو النهج الذي كرسه الأمير محمد بن سلمان، في سياق "التحديث العام" للعربية السعودية.

وتبرز قطر، دون غيرها، لتكون "الشاذ السياسي" الأبرز، وسط تلك اللوحة المشرقة المبشرة بحضور عربي يستقيم وما يجب أن يكون، أو كما يجب أن يكون، معادلا في رسم المنظومة العالمية، تقترب من عهد الخالد جمال عبد الناضر، عندما كان الرقم العربي اثرا فاعلا في صياغة المعادلة العالمية، رغم الحصار الإمبريالي والرجعي العربي في حينه، وما يحدث راهنا يشكل تصويبا لمسار تأخر كثيرا جدا.

ليس سرا ان قطر كانت المعول المباشر لتنفيذ مؤامرة أمريكا لفرض مشروع الظلامية السياسية – الفكرية، وهذا ليس استنتاج وتحليل، بل هو اعتراف صوت وصورة وليس ببعيد، للمهندس التنفيذي لها حمد بن جاسم، حيث يكرر في كل مناسبة، انهم قاموا بتنفيذ ما طلب منهم أمريكيا، خرابا في سوريا وطبعا في فلسطين، وكانوا الأكثر تمويلا لأدوات التخريب والتدمير فيها.

وكان من المتوقع، ولو من باب "العيب السياسي"، ان تصمت قطر في ظل الحركة التصالحية العربية – الإقليمية، والتي تسير بسرعة يبدو أن "الذكاء القطري" لم يجاريها بعد، فأعلنت بأنها ترفض الحديث عن عودة سوريا الى الجامعة العربية، لأن "الأسباب التي أدت لذلك لم تنته بعد"، والحقيقة أن ذلك التصريح يشير بوضوح أن قطر هي أخر أداة أمريكية علها تستطيع ان تعرقل قاطرة التصويب العربي العام، بأن تعود سوريا فاعلا حيويا في النظام الرسمي العربي.

ودون الاهتمام كثيرا لموقف قطر من التأثير على مسار التطورات المتلاحقة، فهي باتت خلفنا، لكن الإصرار على التمسك بالموقف الأمريكي برفض حضور الشقيقة سوريا، فتلك هي الفضيحة السياسية التي وجب حصارها.

سوريا قادمة الى مكانتها التي خسرتها بمؤامرة موسعة، لتبدأ رحلة تحديد المكانة العربية في المعادلة الدولية التي تتشكل نحو قطبية جديدة..لا مكان فيها للجبناء والتابعين.

ملاحظة: جرائم حرب بلا توقف تنفذها عصابات دولة الفاشية الحديثة بقيادة "الثالوث الإرهابي"..نابلس مجددا تدفع ضريبة الوطنية الفلسطينية...ضريبة تنادي "يا نايم كن مع شعبك الدايم بالعطاء"!

تنويه خاص: هزيمة التحالف الإمبريالي الواسع في "باخموت" أبريل 2023..يعيد الذاكرة الى هزيمة الفاشية القديمة في معركة ستالينغراد فبراير 1943...مقدمة النصر الكبير هلت!