بعد فترة من الهدوء النسبي في قطاع غزة تخللها نوع من الاستقرار خصوصا في مجال المعيشة للمواطنين جاء شهر رمضان مغايرا لما كان عليه الوضع في اعوام مضت حيث الحروب والهجمات التي شنتها اسرائيل على غزة والتي حولت القطاع الى جحيم لا يمكن العيش به على الاطلاق نظرا للظروف الصعبة التي فرضت على المواطنين بحرمانهم من ابسط الحقوق …
ورغم هذا الهدوء الحذر الا ان الصراع العلني الدائر في الضفة الغربية والقدس ما بين المقاومة الفلسطينية واسرائيل في ظل سياسة الاعتقالات والاغتيالات المتواصلة هناك والصراع الخفي المغلف بدبلوماسية مكثفة من المفاوضات غير المباشرة بين حماس وفصائل اسلامية ووطنية مع اسرائيل عبر الوسطاء يتطلب في هذه المرحلة الحساسة تجاوزا مهما لخطوات اعادة الثقة والهدوء فقط وتوفير بعض الامتيازات للسكان والانتقال الى هدف استراتيجي غاية في الاهمية ولا شك انه يتمثل بايجاد حل سياسي شامل وعادل يضمن لقطاع غزة الخروج من عزلته وحصاره وفتح كل الافاق أمامه بعد ان اغلقت اسرائيل البر بحواجزها والبحر بسفنها وغواصاتها ولا زالت تستخدم الجو بطائراتها للهجوم او التحليق في سماء غزة الامر الذي يبدد راحة المواطنين هناك ويتسبب دوما بتوترهم وقلقهم …
ومع حلول عيد الفصح اليهودي يوم الاربعاء الخامس من نيسان سيتعرض قطاع غزة للاغلاق حيث لن تسمح اسرائيل بدخول العمال الى الداخل الفلسطيني للعمل وتحصيل قوتهم لعدة ايام وهذا جانب مؤثر بناحية سلبية كبيرة على مستوى المعيشة …
كان المنسق الاممي في الشرق الاوسط قدم قبل عامين احاطة بالفيديو امام مجلس الامن حول قطاع غزة قال فيها ان التحديات تطلب حلولا سياسية ..
واضاف (في حين ننظر للمضي قدما، لا يمكن أن يكون نهجنا هو الاستمرار في العمل كالمعتاد، ولا يمكننا تحمّل تكرار أخطاء الماضي) في اشارة واضحة لضرورة وجود حلول استراتيجية …
وتطرق لضرورة وضع جدول زمني لدخول البضائع والمواد الطبية والانسانية للقطاع بعد جولة من الهجمات استمرت ١١ يوما متتاليا وضرورة تزويد القطاع بالوقود والماء وغيرها من المستلزمات الحيوية محذرا من العواقب المأساوية لهذه الهجمات .
وأعرب عن قلقه بشكل خاص من الصدمة والتأثير السيكولوجي والاجتماعي الذي تسببت فيه الضربات الجوية والهجمات الصاروخية التي لا هوادة فيها على المدنيين وخاصة الأطفال ودعا آنذاك إلى أن تكون مرحلة التعافي مصحوبة بمسار سياسي حقيقي يهدف لرفع الحصار عن الناس والبضائع والتجارة، مشددا على الدور المهم الذي تضطلع به الأونروا في حياة لاجئي فلسطين، إلى أن يتم تحقيق حل عادل ودائم لمحنتهم.
واختتم المنسق الاممي بنهاية مثيرة عندما قال: لم يطلب أحد البقاء لاجئا لسبعة عقود. كل لاجئ فلسطيني أقابله في غزة يريد حياة طبيعية ويريد الحق في العيش دون خوف ودون تمييز"
بعد عامين من هذه الاحاطة لا زال الهدوء المشوب بالحذر مسيطرا على القطاع ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : الى متى ؟ وهل سيبقى مواطنو القطاع رهينة بوصفهم الطرف الاضعف تحت رحمة الطرف الاقوى بتحسينات جزئية لواقع المعيشة فقط بعيدا عن حلول سياسية استراتيجية تنهي سبعة عقود من معاناتهم كلاجئين وتمنحهم حقوقهم في العيش الكريم الهادئ .
لا تفي الحلول المؤقتة الحالية المواطن الغزي حقه ففي الوقت الذي يبحث فيه عن الهدوء والسلام خصوصا في شهر رمضان المبارك فانه يتطلع لحلول استراتيجية لا يمكن بعد تثبيتها العودة الى نقطة الصراع والقلق والتوتر مجددا حيث تعتبر الاوضاع الانسانية والاجتماعية والاقتصادية والامنية مقلقة في قطاع غزة نظرا لسنوات من الاغلاق والقيود التي تفرضها اسرائيل والتي تهدد باستمرار بتصاعد التوتر …
آن أوان تحقيق حلم المواطن الغزي وانهاء معاناته للابد وتوفير فرص حقيقية لمنحه سلاما آمنا وعادلا ينبثق بموازاته حل سياسي شامل واستراتيجي لكافة القضايا العالقة والتي نتوقع ان تأخذ وقتا طويلا من المعالجة وفي اي تطور او تدهور جديد ستكون معرضة لخطر التراجع الى الوراء وعليه نختتم بالقول ان الصراع الدائر والمتواصل حتى لو كان خفيا يبقى العنصر الاكثر تأثيرا على حياة وامن المواطنين في قطاع غزة الذين يأتيهم شهر رمضان هذا العام ليمنحهم بصيص أمل لالتقاط انفاسهم ، فهل تدوم هذه الانفاس وتتحول الى اوكسجين دائما ينعم معه سكان قطاع غزة بحياة فيها كل مقومات الحرية والانعتاق من رحمة وسيطرة الجانب الاسرائيلي؟