بعد صمت طال 17 عاما حول أي فعل عسكري من لبنان ضد دولة الكيان، بعيدا عن "جعجعة الكلام" الملوثة، فجأة خرجت مجموعة من "صواريخ جنوبية" تجاه الجليل الأعلى، لم تترك أثرا عمليا، يمكن تسجيله في باب الخسائر التأثيرية، سوى انها "خدشت" هدوءا حديديا للأمن الإسرائيلي، رغم "اليد القوية" التي تعمل ضد الشقيقة سوريا، وقوات إيران الموجودة في أراضيها.
وسريعا، سربت أوساط لبنانية من دوائر حزب الله لجهات متعددة، وبالتأكيد الأمن اللبناني، أنهم ليس بذي صلة بتلك العملية الصاروخية المفاجئة، ولم تتأخر دوائر الإعلام العبري لاتهام الفلسطينيين، وتحديدا حركة حماس بأنها وراء ذلك العمل، وركزت بشكل محدد على نائب رئيسها القيادي "صالح العاروري"، والذي بات المطلوب رقم واحد، لاعتبارات تتجاوز العمل العسكري ضدها، ولغايات لن يطول الكشف عنها.
سرعة "البراءة" التي أعلنها "حزب الله" وبالتوازي مع اتهام حماس، لم يكن سوى دفع تحريضي مباشر، وهروب من "تدفيع الثمن" ليكون للفلسطيني، رغم تعقيدات "الوجود الفلسطيني" بكامله في لبنان.
لو حقا، كان حزب الله يتحدث عن "مقاومة عدو" ودفاعا عن "المسجد الأقصى" لما سمح مطلقا، باتهام أي طرف فلسطيني، ولأعلن بأنه من قام بذلك من "أجل القدس والأقصى"، وخاصة أنهم وخلفهم إيران كثيرو الكلام التهديدي الذي لا يتوقف عن القدس، ولها "يوم خاص" ضمن "اجندتهم"، لكن سلوكه "الهروبي" والاختباء خلف فصيل فلسطيني يكشف ، لا مصداقية الكلام عن فلسطين والقدس، ويفتح باب التحريض العام في لبنان ضد "الوجود الفلسطيني"، والذي يعيش وضعا غاية التعقيد، بل هناك ملامح "مؤامرة توطينية"، وتقليص بل تغيير هوية موقف الأونروا هناك.
عام 1982 قاد الإرهابي وزير حرب جيش العدو شارون، المؤامرة الكبرى ضد وجود الثورة الفلسطينية في لبنان، معركة سجلها التاريخ كملحمة بطولية، وقف "المدعين" الآن بحرصهم على فلسطين والقدس إما صامتين متفرجين أو متواطئين ضد الثورة وزعيمها الخالد، وبعد 88 يوما لن تزول من ذاكرة التاريخ لتستبدل بأخرى مشوهة وخادعة، خرج الخالد والقيادة الفلسطينية، لتبدأ رحلة "جديدة" للوجود الفلسطيني، تخللها واحدة من "المجازر الحية"، صبرا وشاتيلا عام 1985، وأيضا من "أدوات تدعي حرصا على فلسطين".
وحرصت قوى الثورة الفلسطينية المتواجدة العمل وفق معادلة ما بعد معركة الـ 88 يوما في بيروت، بأن السلاح لحماية المخيمات ضد أي اعتداء خارجي عليهم، حماية لهم من أي محاولات قد تستغلها قوى طائفية، وبالتعاون مع أمريكا ودوائر أخرى لحصار "المخيم" وتشويه مكانته ودوره الخاص، ولذا كان الحرص دقيقا على عدم القيام بأي عمل من لبنان ضد الكيان المعادي، وتكفل "حزب الله" بوضع قواعد الاشتباك وفقا لمصالحه وتحالفاته الخاصة.
ما حدث يوم الخميس السادس من أبريل 2023، لم يكن يوما لفلسطين مطلقا، ولم يكن نصرة للأقصى ولا القدس، بل كانت "مناورة" بدم الفلسطيني لغاية غير فلسطينية، كشفها وزير خارجية لبنان بتصريحاته الى أحد اهم شبكات الأخبار الأمريكية عالميا، متهما فصيل فلسطيني، بل وحاول جاهدا "تبرئة" حزب نصرالله، الذي هرب مساء يوم الجمعة من تناول الأمر، على غير عادته "الافتخارية" بأي حدث، سوى تلك العملية، لان لها ثمن مختلف، فكانت "التضحية" بالفلسطيني.
ما حدث يوم الخميس 6 أبريل 2023، لا يمكن توثيقه وطنيا، رغم المخزون العاطفي جدا فلسطينيا وعربيا ضد أي فعل نحو دولة "الفاشية المعاصرة" وجرائم حربها التي لا تتوقف، لكن ذلك لا يبرر اطلاقا، ان تقع حركة أو فصيل فلسطيني لتمرير "مناورة" هدفها غير فلسطين...وتلك سقطة وطنية كبرى، نأمل ألا يكون ثمنها حصارا جديدا للوجود الفلسطيني في لبنان، بل وربما يطال غيرها.
لو حقا حزب الله وإيران يريدان خدمة فلسطين والقدس، فليكن ذلك بوضوح وصراحة، وليس عبر "باطنية ونقاب" مختلف، وهم يعلمون يقينا أن كل فعل فلسطيني من لبنان ضد دولة العدو، لن يمر مرورا عابرا، ولو كان الأمر حقا فعلا مقاوما، فليتم كسر معادلة ما بعد معركة بيروت، ويسمح لفتح أن تعيد بناء قواعدها المسلحة في الجنوب، كما سمح حزب الله لحماس والجهاد، رغم انها الفصيل الأكثر شعبية وحضورا وتأثيرا في مخيمات لبنان كلها.
مطلوب فلسطينيا، البراءة من "حدث الخميس" بكل ما له وعليه، والاكتفاء بالفرحة العاطفية – السياسية، وليتحمل لبنان وقواه المسؤولية كاملة، وعدم زج الفلسطيني بمناورات تحسين شروط "التفاوض اللبناني – الإسرائيلي"، او هدايا تقدم لبلد يبحث تحسين مكانته بعد فشله في الرد الاعتباري على ضربات الكيان الاحتلالي المتلاحقة.
وهنا، لم يكن صمت "الرسمية الفلسطينية" وكذا الخارجية والسفارة مقبولا أبدا، وعليها أن تخرج وترد على تصريحات الادعاء الاتهامية، وتؤكد أنه فعل غير فلسطيني، وهو حساب لبناني خاص.
ولكل قوى فلسطين، حذار من استخدام غير وطني في مسار ملتبس وطنيا.. ويفترق كثيرا عن الوطني!
ملاحظة: "عملية الحمرا" في الأغوار و"تل أبيب" 7 أبريل، لهما مذاق وطني خاص..مصادفة تفرح قلب الفلسطيني مرتين..صفعها "الفاشية الحاكمة"..وأخرى لروح الفدائي رعد الخازم..الذي كسر جدار تل أبيب وشارعها ديزنغوف ذات اليوم 2022..لروحك وكل شهداء الوطن سلاما.. وفعلا مستمرا الى يوم نصر لن يكون ببعيد!
تنويه خاص: وقاحة الأمريكان لا تنتهي ابدا..يوميا ترتكب دولة الفاشية جرائم حرب بكل الأنماط لم نسمع مرة إدانة منهم تعتبرها إرهابا..ومع أي جريح يهودي أو به ريحة يهودي نتاج عمل مقاوم يصبح "إرهابا"..العار ان هناك من بني جلدتنا ينادونها لنجدتهم..لعنة وطنية عليكم يا دونيين!