أكدت موجة "الإرهاب" في نهاية الأسبوع المعضلة الأمنية التي تعيشها إسرائيل: من جهة الحاجة للعمل والرد لأجل استقرار الردع في كل الجبهات، ومن جهة أخرى الرغبة في عدم التدهور إلى تصعيد غير مرغوب فيه من شأنه أن يؤدي إلى حرب متعددة الجبهات.
في الجبهتين الأساسيتين في لبنان وفي غزة نجحت إسرائيل في جعل الوضع مستقراً، بعد صليتي صواريخ مساء الفصح وفي أثناء العيد، وفي أعقاب الرد الإسرائيلي، الذي هوجمت فيه أهداف لـ "حماس" في لبنان وفي القطاع، ساد هدوء في كلتا الجبهتين. لكن هذا هدوء مخادع؛ كل حدث شاذ – وبالتأكيد إذا كان مصدره الحرم – من شأنه أن يعيد إشعال الأرض، وأساسا بينما في الخلفية تعمل إيران دون كلل على تشجيع عموم الجهات التي تمولها وتفعلها للقتال ضد إسرائيل مثلما وجد الأمر تعبيره، أول من أمس، بنار الصواريخ من الأراضي السورية إلى هضبة الجولان.
من الأسهل نقل الرسالة إلى غزة
في جهاز الأمن ادعوا، أول من أمس، أن "حزب الله" والحكومة اللبنانية لم يعرفا بأمر إطلاق عشرات الصواريخ إلى الجليل. هذا واقع ممكن لكنه مقلق جدا. معناه هو أن الفرع اللبناني للتنظيم الغزي قادر إن أراد أن يشعل ليس فقط الجنوب بل الشمال أيضا، ويجر إسرائيل و"حزب الله" إلى معركة بخلاف رغبتهما. هذا يوجب في الجهتين محاولة تثبيت آلية غير رسمية تمنعهما من التدهور إلى مطارح خطيرة، لكن في الوقت ذاته السماح لإسرائيل أن تضرب "حماس" في لبنان لأجل ردعها.
ليس واضحا كم هذا ممكن، كون "حزب الله" "درع لبنان" المعلن، لكن هذا ضروري لأجل منع النار مرة واحدة التي نفذت في العيد قبل أن تصبح عادة.
في غزة من الأسهل على إسرائيل نقل الرسائل. هنا أيضا زعم أن ليست "حماس" هي التي أطلقت النار بل منظمات أخرى. لكن هذا اقل أهمية. "حماس" هي رب البيت في القطاع، وعليها أن تفرض الهدوء. يخيل أن الرد الإسرائيلي الحاد نسبيا كان فاعلا، لكن من المحظور أن يكون لمرة واحدة: على إسرائيل أن تعود إلى سياسة الحكومة السابقة وبموجبها يوجد هجوم رداً على كل إطلاق صاروخ. هذا سيزيد الردع، وينقل معضلة النار من إسرائيل إلى غزة.
في هذين الردين – في لبنان وفي غزة – لم يبلغ عن إصابات، وليس صدفة. فقد امتنعت إسرائيل عن ذلك عن قصد، مع العلم أن وقوع قتلى سيثير الغضب في الطرف الآخر، ويؤدي إلى رد شبه مؤكد، حيث سيوجب هجوما آخر، وهلمجرا – حتى التصعيد. كان من بين أعضاء الائتلاف من انتقد ذلك، لكنهم مخطئون: فإمكانية التفجر الآن عالية جدا، وبشكل غير مسبوق فان التخوف أيضا من أن يتحقق في عدة جبهات بالتوازي، ما يوجب من إسرائيل العمل بشكل دقيق دوما كي لا تفقد السيطرة.
الفصل بين الجبهات
سيبقى مصدر وجع الرأس في الأيام القادمة أيضا الحرم والضفة. سيعود الأول من اليوم ليكون بؤرة مواجهات، وستكون الشرطة مطالبة مثلما كانت دوما بأن تتصرف بعقل مع علمها أن فقدان السيطرة (أو الإصابات) قد تؤثر إلى أبعد من نطاق الحرم. كما أن مناطق الضفة أيضا ستشكل تحديا مهما، سواء حيال النشاط الهجومي لـ "الشاباك" والجيش أم في حماية الجبهة الداخلية، فيما أن التحدي هو منع مزيد من العمليات الفتاكة. هذا هو السبب الذي تقرر فيه، أول من أمس، تعزيز الشرطة بجنود نظاميين يقومون بأعمال الدورية في المدن المركزية، في محاولة للردع، وكي يكونوا قوة رد فورية.
من المتوقع لهذا الوضع المركب أن يرافقنا على الأقل حتى ما بعد" يوم الاستقلال" بعد نحو أسبوعين ونصف الأسبوع. هذه فترة طويلة سيبذل فيها جهاز الأمن جهدا خاصا لإحباط العمليات، ولمنع التصعيد، وللفصل بين الجبهات. يوجب هذا الجهد أيضا ساقاً سياسية وإعلاميه تعاني في هذه اللحظة من نقص شديد على خلفية العلاقات السيئة مع الإدارة في واشنطن (والانقطاع في العلاقات مع بعض دول أوروبا) والأداء الجزئي للغاية من جانب منظومات الإعلام الوطنية.
عن "إسرائيل اليوم"
نتنياهو: سياسة الهروب إلى الأمام
21 ديسمبر 2024