يديعوت : المخابرات الأميركية تسللت عميقاً في وسائل الاتصال الداخلية للقيادة الإسرائيلية

حجم الخط

بقلم: رونين برغمان

 

 



في بداية العام 2012، كان وزير الدفاع، أيهود باراك، يجلس في شقته في أبراج أكيروف ويفكر في ما سيعزفه لـ"المستمعين". واكتشفت حراسة باراك قبل وقت ما من ذلك أن السفارة الأميركية استأجرت شقة تطل على نافذته، ظاهراً لواحد من حراس السفارة. التقديرات هي أنه غرس في الشقة، ضمن أمور أخرى، جهاز تنصت متطوراً.
رداً على ذلك كان وزير الدفاع، بين الحين والآخر، يرفع الستائر عن النوافذ كي "يلطف زمن المستمعين". من ناحيته، بالمناسبة، لم تكن على الإطلاق مسألة أن يعرف الأميركيون ما يريدون أن يعرفوه عن إسرائيل.
في حينه كانت العلاقات الاستخبارية بين إسرائيل والولايات المتحدة في ذروة من التعاون العميق، لكن بدأت أيضاً الشكوك المتبادلة. فقد اكتشفت الولايات المتحدة المزيد فالمزيد من الاستعدادات الإسرائيلية للهجوم. وبيّن تسريب وثائق سنودن بأن وكالة الأمن القومي اقتحمت بريد باراك ونتنياهو. ابتسم باراك، لكن نتنياهو كان يتملكه قلق عميق من الملاحقة الأميركية.
أصيب أحد مقربي نتنياهو بالخوف، وذات يوم جاء إلى مقر "الموساد"، وقال لهم: "كنا في إجازة في الخارج، وعندما عدنا تبين لنا أن القط يتصرف بشكل مختلف. فهل يحتمل أن يكونوا غرسوا فيه جهاز تصوير وتنصت؟". فسأله محادثه: "هل لاحظت أنه يحرك ذيله كثيراً؟" فأجاب المقرب: "ماذا يعني هذا؟"، فأجابه رجل "الموساد": "هكذا يشحن البطاريات". لم يستطب المقرب من نتنياهو النكتة. تخوُّف نتنياهو تلقى، أول من أمس، تعزيزاً في شكل وثيقة الـ CIA التي نشرناها: زميلي باتريك كنغزلي، رئيس مكتب الـ"نيويورك تايمز" في القدس، وأنا، وهي إحدى الوثائق السرية لدى البنتاغون والتي تسربت إلى شبكة الإنترنت.
ورد في نشرنا أن مضمون الوثيقة ينفيه مسؤولون إسرائيليون نفياً باتاً، على اعتبار أن "الموساد" لم يتدخل أبداً في أي موضوع سياسي داخلي في إسرائيل، كون الأمر يتعارض مع القوانين ومع قيم الجهاز، وأنه لا يوجد في الوثيقة أي مؤشر أو دليل.
يبدو أن من تناول في إسرائيل هذا النشر فوت هذه الأمور. فالعاصفة التي نشبت تشعل إوارها محافل تؤمن - أو تريد أن يؤمن الآخرون - بالتوصيفات الكاذبة والتي بموجبها فإن أسرة الاستخبارات الإسرائيلية أو الأميركية نفسها هي التي تقف خلف الاحتجاج النظامي وتشعل إواره. وهذه أمور مدحوضة.
لا تقل أهميةً العاصفةُ التي مصدرها على ما يبدو خطأ ارتكبه الـCIA ، تسللت الاستخبارات الأميركية اغلب الظن عميقا في الاتصالات الداخلية للقيادة الإسرائيلية، وتسربت المعلومات عن ذلك في الشبكة، ووجدت هناك في قسم منها في أسابيع طويلة.
القسم المهم في الوثيقة هو الشكل الذي حصلت به الـ CIA على المعلومات. كتب في الوثيقة أنها تحققت باعتراض أميركي لمكالمات أو نصوص للاستخبارات الإسرائيلية. كما يقال عن هذه المعلومات أنها "سرية للغاية" وأنها حساسة بحيث لا يجوز اطلاع أي جهاز استخبارات آخر عليها. في السطر الأخير - هذه وثيقة في مستوى التصنيف السري الأعلى في أسرة الاستخبارات الأميركية.
بالمقابل، فإن الادعاءات في الوثيقة، التي لا تبدو منطقية منذ البداية، نُفيت تماماً ولا يوجد لها أي دليل. فما الذي حصل هنا مع ذلك، إذاً؟
شمعون بيريس، الذي استخف بتقديرات الاستخبارات وطلب الحصول على المادة الخام قال ذات مرة: "ما هو التقدير الاستخباري في إسرائيل؟ مصطفى بتصل بمحمد، مويشله يتصنت، وها هو يوجد لك تقدير استخباري".
بتقديري، يدور الحديث عن تسلل من الاستخبارات الأميركية إلى قناة الاتصال التي تمر بها محادثات كبار المسؤولين في "الموساد"، أو في الأجهزة التي تعمل ملاصقة به. ومن التقط المعلومة في الـ CIA لم يفهم ما يقرؤه أو يسمعه وكتب تقريراً مغلوطاً من الأساس.
هذا الخطأ محتمل، وهو يذكّر بالخطأ الجسيم الذي أدى إلى اجتياح العراق كان يفترض أن يغوص عميقاً في ملايين الوثائق لدى الاستخبارات الأميركية. لكن أحداً ما قرر لسبب غير واضح، إعطاء هذه الوثيقة نشراً داخلياً واسعاً. والآن هي تحدث عاصفة هائلة - حين حرص أحد ما، أو جهاز ما، على أن يسربه إلى الشبكة.

عن "يديعوت"