اقتربت أيام الشهر الفضيل من الرحيل سريعاً، وبدأ المواطنين بالتحضير لعيد الفطر من صُنع الكعك والمعمول، وتحضير المصانع للفسيخ والرنجة وصولاً لشراء كسوة العيد من الملابس للأطفال والكبار، فنشطت حركة المحلات واكتظت بالملابس المتنوعة والتي تختلف بالخامة والسعر.
لا تكاد تطأ قدميك في أيّ سوق لشراء ملابس لأطفالك حتى تجد أعداداً من الناس مُقبلة على شراء الملابس بشكلٍ كبير وملفت، لكِن لسان حالهم يشكي من ارتفاع الأسعار، وخصوصاً ملابس الأطفال التي تعدت السعر المعقول على حد تعبيرهم.
التذمر بدا واضحاً على مُحياهم حين سألتهم مراسلة وكالة "خبر" عن الأسعار وما إذا كانت تُناسب دخلهم الشهري أو وضعهم الاقتصادي وخصوصاً أنَّ شريحة كبيرة من المجتمع تعتمد على مخصصات الشؤون الاجتماعية، وهم الذين قضوا شهر رمضان بأقل القليل بعد أن انقطعت مخصصاتهم منذ ما يقارب الستة أشهر.
الأسعار مرتفعة بشكل جنوني
"إيناس" تقول لمراسلة "خبر": "إنّها تتنقل بين المحال التجارية منذ الظهبرة لكي تجد ما يُناسب أطفالها الخمسة، لإدخال البهجة والفرح عليهم ويلبسوا الثياب الجديدة في عيد الفطر، لكِنها تفاجأت بأسعار أطقم الأطفال الباهظة والتي لا تستطيع أنّ تشتريها، فأقل طقم للأطفال يتراوح سعرهما بين مئة إلى مئة وخمسون شيكل وفي بعض الأحيان يزيد عن ذلك، مثلاً لو قمت بشراء خمسة أطقم لأطفالي يتعين عليَّ أنّ يكون معي خمسمائة شيكل فقط للملابس، وزد عليها الأحذية والاكسسوارات فأريد مئتا شيكل إضافية، وهذه الحسبة هي قليلة قياساً بأسعار السوق".
وأضافت: " زوجي يعمل أرزقي على باب الله، يوم يعمل وعشرة أيام لا يعمل، وكل اعتمادنا بشكل أساسي على منحة المئة دولار التي نأخذها والتي خصصناها في الشهر لشراء الملابس لأطفالنا وكل ما يحتاجونه، صحيح أنّها لم تُصرف بعد ولكن زوجي استدان من صديقه قيمتها على أنّ يقوم بسدادها بعد أنّ تُصرف لنا هذا الشهر".
وتتساءل إيناس: "310 شواكل ماذا تفعل لخمسة أطفال يحتاجون للفرحة كباقي أطفال العالم، في ظل الارتفاع الجنوني بالأسعار؟؟!!.".
المواطن دائما يدفع الثمن
محمود حسن، يقول: "الي بده يشتري لأولاده كسوة العيد ما يكسيهم برمضان، لأنه معروف بهالشهر التجار بيرفعوا الأسعار ضعف السعر الحقيقي، ومش منتبهين لوضع الناس في غزة، أنا واحد من الناس عندي 3 أولاد كل سنتين بشتريلهم كسوة العيد، وقبل شهر رمضان كمان بتكون الأسعار منيحة وفي تخفيضات، يعني لما بدي أشتري الطقم بالأيام العادية سعره 60 شيكل، وفي رمضان 150 شيكل وأكثر".
وتابع: "المشكلة إنه التجار بحكوا في عليهم ضريبة، وإيجار محلات وكهرباء وغيره من الأسباب، وكل هذه الأمور بيحطوها في تسعيره الملابس وكله على راس المواطن الغلبان، في ناس ما بتكون قادرة تدبر حالها قبل رمضان وتكسي لأولادها وبتضطر تشتري بشهر رمضان، الله يعينهم بدهم يدفعوا وهما ساكتين".
الأسعار في متناول الجميع
أما "إخلاص ريان"، فكان لها رأي مخالف لآراء من سبقوها من المواطنين، وتقول: "بالعكس أرى أنَّ الأسعار طبيعية جداً، وهناك بعض الناس هولت الأمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكِن على أرض الواقع الأسعار مناسبة، صحيح هناك ملابس غالية نظراً لأنّها ماركة وذات جودة عالية، بالإضافة إلى أنّها تُباع في أرقى المحلات بقطاع غزّة، ومن المعروف أنّ هذه المحال تدفع ايجاراً سنوياً كبيراً وتدفع الضرائب وغيرها، وبالتالي سيكون ذلك رغماً عن التاجر الذي يزيد عدة شواكل على القطعة لكي يستطيع هو أنّ يعيش أيضاً، وأنا الحمد لله اشتريت لابنتي الاثنتين كسوة العيد وفرحتا كثيراً، ونأمل أنّ يفرجها الله على العوائل الفقيرة وأن ينظر الغني والحكومة لأحوالهم ويساعدوهم في صرف مخصصاتهم الاجتماعية أو إيجاد عمل لأرباب الأسر لكي لا يأتي عليهم أياماً مثل هذه الأيام ولا يستطيعون تلبية رغبات ومتطلبات أطفالهم".
استغلال التجار
عثمان وهو أحد أصحاب محلات بيع ملابس الأطفال في سوق جباليا شمال القطاع، قال: "أسعاري مثل كل سنة لم أقم برفعها وأبيع الحمد لله ولي زبائني المعروفين، فقط بضع شواكل أضيفها للقطعة كمربح لي فقط لا غير، فعندي ملابس تبدأ من 40 شيكل لغاية 120 شيكل والزبون وحده يقرر ماذا سيشتري".
ولفت عثمان، إلى أنّ بعض الزبائن تعجبهم القطعة التي يبلغ سعرها 120 شيكل وحين يرى رغبتهم الشديدة بشرائها يُحاول أنّ لا يُغادروا المعرض إلا وهم مجبورين الخاطر فيتهاون معهم بالسعر قليلاً.
وأكمل: "فعلاً بعض التجار يقومون باستغلال حاجة الناس، بحجة أنّه موسم من العام إلى العام، وإذا لم يجنوا ربحاً في هذه الأيام لن يستطيعوا الاستمرار في التجارة"، مُردفاً: "بالفعل يوجد قطع من الملابس المتشابهة في أكثر من محل، لكِن سعرها يختلف من محل لآخر وأحياناً يصل الفرق بينها لأكثر من خمسون شيكلاً، وهذا يعود طبعاً لعدة اعتبارات خاصة بهم غير استغلال حاجة الناس وموسم البيع لديهم، وأتمنى منهم أنّ يراعوا الوضع الاقتصادي المتردي في غزة، وسعي كثير من العائلات لإدخال الفرحة على قلوب أبنائها، أما بهذه الأسعار فلن يكون بمقدورهم ذلك".
إقبال على بسطات الملابس أكثر
الخمسيني أبو مصطفي، وهو بائع يقف على إحدى البسطات في السوق ليبيع ملابس الأطفال البسيطة، يقول: "الملابس التي أبيعها بسيطة جداً فهي عبارة عن بناطيل جينز وبلايز أطفال، وسعر البنطلون لا يتجاوز الـ30 شيكل والبلوزة 25 شيكل، وبعض الزبائن تُقبل على الشراء من بسطتي، وذلك لأنّ أسعار السلع داخل بعض المحلات مرتفعة، فيلجئون للشراء من البسطات لأسعارها المناسبة للفقير والغني أيضاً".
وبسؤاله عن إقبال الناس هذا العام على الأسواق، قال: "الإقبال ضعيف وليس ككل عام، فلا يغرك الأعداد الكبيرة التي تتجول داخل السوق فمعظمهم فقط يتجول دون أنّ يشتري، والبعض الآخر يأخذ منا مجهود كبير في المفاصلة بالأسعار حتى يشتري قطعة واحدة، كان الله بعون الناس، فمن يملك 100 شيكل فقط ولديه أطفال تُريد أنّ تفرح كباقي الأطفال ماذا عساه أنّ يفعل، هل سيأكل بالمئة شيكل أو يشتري لواحد أو اثنين من أطفاله ويترك البقية دون كسوة فهذا لا يعقل".
مواطن آخر أصَّرَ على التعقيب في الموضوع بجملة واحدة قالها بكل مرارة وغضب: "في تجار ما عندهم لا ذمة ولا ضمير بيمصوا بدم المواطن ولا بيهمهم ناس تلبس وتفرح، المهم عندهم جمع الأموال في البنوك، وحسبنا الله ونعم الوكيل".
وكالة "خبر" رصدت آراء المواطنين عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" الذين بدت على آرائهم التذمر والغضب من ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وكانت كالتالي: