في اطار استمرار الازمة الانسانية في قطاع غزة منذ بداية الحصار الاسرائيلي الذي يخنق اكثر من مليوني مواطن وما يترتب عليه من ضعف وبطء شديد جدا في عمليات اعادة اعمار ما دمرته الحروب الاخيرة على القطاع ، تقفز الى الواجهة مع التصعيد الاخير الاسبوع الماضي العديد من الاسئلة لا شك ان اهمها يتمحور حول استمرار التدهور وعدم استقرار اقتصاد قطاع غزة بالاساس ، فكيف سيكون عليه الحال اذا ما تم جر المنطقة الى تصعيد جديد يشهد سقوط المزيد من القنابل والمتفجرات الاسرائيلية فوق المباني والمنشآت السكنية سواء المدنية او العسكرية …
ان اقتصاد غزة الذي يراوح مكانه دون تقدم جوهري او حقيقي بفعل كافة الظروف المحيطة بقطاع غزة لا يحتمل اي تصعيد جديد لان آثاره ستكون مدمرة وقاتلة وسيستغرق الامر هذه المرة عشرات السنوات لترميم ما قد يسفر عنه اي تصعيد او عدوان جديد لانه بمعنى واضح سيلحق ضررا بمليارات الدولارات في كافة القطاعات وخصوصا البنى التحتية التي تعتبر هشة وضعيفة ومؤقتة ولا زالت غير قادرة على الوفاء بحاجة السكان لانها بنيت على نحو طارئ تلبية للخدمات السريعة …
يفتقد قطاع غزة لبنية حقيقية وقوية وكلما اراد الوقوف على قدميه يأتي الاحتلال ليدمر ما يتم بناؤه ، لكن الهدوء الاخير منذ حوالي عامين وان تخلله موجات تصعيد قصيرة جدا ولساعات محدودة فقط ، كان يمكن ان يكون المنفذ والبوابة التي تنجح فيها جهود الاعمار وترميم ما دمرته الحروب الا ان العملية التنموية لبناء وتشييد بنى تحتية قوية لا زالت بطيئة وتراوح في نفس المكان الامر الذي فاقم من الوضع الانساني والمعيشي المأساوي في قطاع غزة وفرض على الفصائل الفلسطينية وحكومة حماس بتوجيه انذارات لاسرائيل والمجتمع الدولي بضرورة التحرك لانهاء معاناة السكان والمواطنين ..
رغم الرسائل والمفاوضات غير المباشرة والجهود الدولية الا ان ازمات غزة بقيت على حالها فالحصار لا زال جاثما وفرص العمل في الداخل محدودة جدا وتقتصر على ما نسبته ٥ بالمئة فقط من عدد العمال الهائل في قطاع غزة اضافة الى عدم وجود فرص داعمة لبناء منشآت اقتصادية كبيرة في القطاع تفتح الافاق امام الايادي العاملة ومن هنا فان اي تصعيد محتمل في القطاع سيكون ردا على هذه المماطلات وربما يكون بمثابة جرس انذار اخير امام العالم للتحرك وانقاذ قطاع غزة من براثن ازمته الانسانية العميقة …
ويتضح من كواليس النشاط الدبلوماسي في كل ما يخص قطاع غزة إن إسرائيل ما زالت تربط الملفات مع بعضها، فتشترط الإفراج عن جنودها الأسرى، لدى المقاومة بغزة، مقابل إعمار القطاع؛ الأمر الذي ترفضه الفصائل الفلسطينية وبالتالي فانها بذلك تُغلق الباب أمام أي فرصة لتهدئة ميدانية حقيقية، وتُضيّق الخيارات أمام الفصائل، ولا تترك أمامهم مجالا إلا العودة للتصعيد.
وتقول مصادر فلسطينية ان الحكومة الإسرائيلية أضعف من أن تعقد اتفاقيات مع غزة، سواء فيما يتعلق بصفقة تبادل أو تهدئة طويلة الأمد، خوفا من سقوطها وهي قائمة على ائتلاف يميني هو الاكثر تطرفا في هذه المرحلة ".
ان تهرب اسرائيل من مسؤولياتها يرفع من حالة الإحباط التي تسود الفلسطينيين في غزة، جراء تردّي الأوضاع المعيشية، وتأخر عملية إعادة الإعمار،وهذا قد يؤدي إلى تنفيذ بعض الأعمال الفردية، غير المُنظّمة، قرب الحدود نظرا لان الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لم يعد بمقدوره تحمل الاوضاع القاسية وخصوصا تضييق الحصار، وتأخر الإعمار، لذا فان الانفجار في وجه الاحتلال وارد، اذا استمرّ بسياسة التهرب من الاستحقاقات.
اذا ما حصل تصعيد جديد في القطاع جراء الاوضاع التي تناولناها فانه سيؤدي الى تبعيات اقتصادية خطيرة ستحمل اقتصاد غزة فوق طاقته وستقود الى كارثة جديدة لا تحمد عقباها ومن هنا نؤكد مجددا ان غزة لا تحتمل اي تصعيد واقتصادها لا زال يراوح مكانه دون اي جديد .