معركة "سبت النور" المقدسية..هشاشة الرابط الوطني لصالح الطائفي!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 قبل الموعد المحدد لاحتفال فلسطين وأهلها بـ "سبت النور"، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على اتخاذ سلسلة من الإجراءات المعيقة لوصول مسيحيي الوطن الى كنيسة القيامة بالقدس للاحتفال بعيدهم الديني المقدس، كما هو عيد كل فلسطين بلد المسيح عيسى بن مريم.

ويوم السبت صباح الاحتفال، أقدمت قوات الاحتلال، شرطة وأجهزة أمنية بعمليات قمع وضرب للنساء والرجال، في مشهد كان له أن يكون خبرا صارخا لفضح "فاشية المحتلين"، خاصة وأن كل ذرائع الدجل المستخدم منهم لـ "تبرير" جرائهم المتواصلة تتغطى بأكاذيب متعددة، فكان المشهد الذي عرى كل مكاذبهم حول التعامل مع الفلسطيني، أي كانت هويته الوطنية أو الدينية.  

جاءت إجراءات دولة الكيان العنصري، كجزء تكميلي لما يحدث للمسلمين في المسجد الأقصى، على طريق فرض ملامح تهويدية، رغم انه لا ادعاء تاريخي او غيره بأن "كنيسة القيامة" جزء من ثقافتهم التي يزعمونها في البراق الساحة والجدار، لذا كانت تجسيدا لمنطق مصادرة "الفلسطنة" للعاصمة الأبدية دينيا وسياسيا لدولة فلسطين.

كان يمكن ليوم "سبت النور" ان يتحول الى يوم وطني بامتياز، يشارك به كل أهل الوطن، دون الوقوف أمام الديانة، لتعكس المشهد الذي كرسته الثورة الفلسطينية المعاصرة، "الدين لله والوطن للجميع"، كانت فرصة وطنية كبرى لإعادة الاعتبار للمفقود من تجسيد الوطنية الفلسطينية بكل أركانها، وملامحها ومكوناتها.

كانت فرصة في يوم "سبت النور" تلاحم الفلسطيني ضد المحتل الفاشي، الذي يبحث نشر الفتنة التقسيمية، سياسيا وطائفيا لحصارها ومن باب القدس، لكنها للأسف لم تكسر ظاهرة خطيرة نمت في السنوات الأخيرة، ارتفاع منسوب "الحس الطائفي" في العملية السياسية على حساب "الحس الوطني"، وتلك مسألة لا يمكن تجاهلها، والحديث هنا ليس زيارة لهذا أو استقبال ذاك، او مشاركة شكلية في مناسبة لهذا أو لذاك.

ما حدث من غياب المشاركة العامة لأهل فلسطين لمواجهة الإجراءات الاحتلالية المعادية لمسيحيي الوطن، كشف حقيقة سياسية متعاكسة مع روح الثورة الفلسطينية وتاريخها، ولم يقف الأمر عند حدود غياب المشاركة الشعبية في المواجهة والتحدي، بل غابت كثيرا مساحة التغطية الإعلامية، وفضح جوهرها وكأنها حدث هامشي مر مرورا عابرا، رغم ان قيمته السياسية كان لها أن تمثل خدمة وطنية كبرى في المعركة الموحدة، وأن ما يحدث من دولة الاحتلال ليس ردا على فعل، بل هو الفعل الحقيقي، لدولة الكيان.

كان يمكن أن تشارك شخصيات مركزية من مختلف الفصائل والمكونات، وليكن من أهل القدس بحدها الأدنى، وأن تكون المعركة بين فلسطيني وفلسطيني، وليس بني طائفة ومحتل، لتكريس الرسالة الوطنية من جهة، وفضحا لممارسة احتلالية من جهة أخرى، وان يختلط دم الفلسطيني، أي كان، مسيحي الديانة، مسلم الديانة، علماني الفكر، وطوائف أخرى، في مسار الفعل الكفاحي الذي كان دوما رافعة للثورة الفلسطينية، التي قدمت رموزا قيادية تاريخية دون النظر لديانة وطائفة وانتماء فكري.

حادثة "سبت النور" يجب أن تكون جرس إنذار مبكر لمحاصرة "ظاهرة مرضية" في الجسد الفلسطيني، كي لا يتسلل العدو القومي من ثغرة لا يسمح لها أن تكون "دفرسوار طائفي" على حساب "العبور الوطني".

ملاحظة: كما اليوم 16 أبريل 1988، وصلت يد "الفاشية اليهودية" الى خليل الوزير في تونس...عملية كشفت أن الهدف كان يمثل رعبا لدولة وكيان خلال الانتفاضة الوطنية الكبرى، وما قبلها...خليل الوزير شخصية تربكك جدا بنبلها وأدبها، وتصدمك جدا بصلابتها وقوتها ضد العدو..أبو جهاد اسما وصفة ولقبا ..احتل من الحب الفلسطيني اجماعا دون معاناة...لك وكل شهداء الوطن سلاما يا إنسان!