"سوف نقصفكم بالصواريخ".. بهذه الكلمات رد الطفل عمر خضر عدنان، ابن الثلاث سنوات ونصف، على ضابط الاحتلال الإسرائيلي عندما اقتحم منزلهم في جنح الظلام؛ ليخطف والده في فبراير الماضي من منزلة الواقع في بلدة عرابة. حيث تُخبرنا، رندة موسى، زوجة الشيخ عدنان الذي يدخل يومه الـ71 على التوالي في إضرابه المفتوح عن الطعام؛ رفضاً لاعتقاله التعسفي.
معاناة الشيخ.. نموذج حي لمعاناة الأسير الفلسطيني
"أحب ماما وبابا، نفس الشيء".. هذه الإجابة الاعتيادية، لعمر، الأقرب لقلب الشيخ عدنان، عندما يسأله أحد الغرباء عن حبه لوالديه، لكِن بعد حادثة اعتقاله الأخيرة، يُجيب عمر بكل ثقة "أحب والدي أكثر". وكأن عمر يعلم أنَّ والده الذي يرقد في زنزانة مظلمة ينهش جسده الجوع والإهمال، بحاجة إلى حب مضاعف منه. وفق ما تؤكد زوجة الأسير خضر عدنان في حديثها لـ"وكالة خبر".
تمضي في حديتها والألم يعتصر قلبها: "كم هي صعبة ساعة الإفطار عندما يجلس أبنائي التسعة على مائدة الإفطار ومكان والدهم فارغاً، بصبر وألم نتجرع طعامنا وشرابنا ونحن نعلم أنَّ الشيخ خضر لا يتناول الطعام مُنذ الـ71 يوماً".
وأضافت: "لكِني أتجنب أنّ أُظهر ألم فقدان الشيخ في هذه الأيام الفضيلة التي لها مذاقها الخاص بحضور خضر الذي يحرص على الصلاة والدعاء والصدقات وكذلك مساعدتنا في تحضير الإفطار؛ فهويعز الطعام الطيب، وكذلك أتجنب إظهار ألم الخوف من استشهاده؛ بعد إهمال الاحتلال له في مسلخ سجن الرملة، حيث لا يتناول سوى الماء دون أيّ مدعمات أو رعاية صحية".
4900 أسير في سجون الاحتلال.. ليسوا أرقام
معاناة الأسير خضر عدنان، تُلخص معاناة، 4900 أسير فلسطيني، موزعين على 23 سجن ومعتقل ومركز توقيف، في يوم الأسير الفلسطيني 17 نيسان الذي يعتبر يوم غضب، يؤكد من خلاله الشعب الفلسطيني على مركزية قضية الأسرى بالنسبة لهم ويكثفون الدعم لهم وسط مطالبات شعبية للفصائل الفلسطينية بصفقات تبادل تعمل على إطلاق سراح الآلاف من الأسرى.
ومن بين 4900 أسير في سجون الاحتلال، هناك 31 أسيرة و170 طفلاً. وهناك 4 من نواب المجلس التشريعي لا يزال الاحتلال يعتقلهم. وهناك أيضاً 23 أسير معتقل ما قبل اتفاق أوسلو، كان يجب أن يُطلق سراحهم ضمن الدفعة الرابعة عام 2013، بعد الاتفاق بين الاحتلال والسلطة على استئناف المفاوضات؛ لكِن الاحتلال لازال يماطل في إتمام الصفقة.
ويعتبر الأسير محمد الطووس من الخليل، والمعتقل مُنذ 5 أكتوبر 1985 أقدم الأسرى في سجون الاحتلال، وذلك بعد الإفراج عن الأسيرين ماهر وكريم يونس في يناير الماضي بعد قضاء 40 عاماً متواصل داخل سجون الاحتلال.
وقد استشهد 236 أسيراً داخل سجون الاحتلال عام 67 ولا يزال الباب مفتوح لاستقبال المزيد من الأسرى الشهداء، نتيجة وجود 650 أسيراً مريضاً داخل سجون الاحتلال من بينهم 150 يعانون من أمراض مصنفة أمراض خطيرة كالسرطان والفشل الكلوي.
ضوء في نهاية النفق
من جهته، رأى الناطق باسم مفوضية الشهداء والأسرى والجرحى بحركة فتح في قطاع غزة، نشأت الوحيدي، في حديثه لوكالة "خبر"، أنَّ "سياسات حكومة الثلاثي نتنياهو بن غفير سموترش" التي سنت قوانين لإعدام الأسرى وحرمانهم من حقهم في العلاج، بالإضافة لحرمانهم من حقهم في أداء شعائرهم الدينية، تُعد أبرز تحدٍ للحركة الأسيرة في المرحلة الحالية من تاريخهم النضالي.
وأكّد على تفاقم معاناة الأسرى جراء منع عدد لا بأس منهم من زيارهم ذويهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي؛ خاصةً في شهر رمضان.
بدوره، أوضح مدير مركز أسرى فلسطين للدراسات، رياض الأشقر، أنَّ "يوم الأسير يجب أنّ يكون كل العام وليس يوم واحد فقط"؛ مُشدّداً على أهميته في تسليط الضوء على قضيتهم ويجدد أولوية قضيتهم لدة الفصائل الفلسطينية للعمل بشكل سريع وعاجا من أجل تحريرهم.
وأشار الأشقر، في حديثه لوكالة "خبر"، على ضرورة التركيز على الجانب المشرق للأسرى؛ رغم معاناتهم في سجون الاحتلال، باستغلال سنوات اعتقالهم للحصول على شهادات البكالوريس والماجستير، بالإضافة إلى الإنتاجات الأدبية التي توثق معاناتهم على مدار سنوات معاناة الحركة الأسيرة.
وأشاد بزرع الأسرى الحياة من داخل قبور السجن، بتهريب النطف وإنجاب 111 طفلاً حتى اللحظة من أطفال سفراء الحرية؛ لأسرى غالبتهم أصحاب أحكام عالية.