تحسساً للمتغيرات الإقليمية: عباس “يفطر” في الرياض وحماس “انفتاحنا على السعودية مهم”

جاكي-خوري.jpeg
حجم الخط

بقلم جاكي خوري

شخصيات رفيعة في المستوى السياسي لحماس اعتبروا الزيارة المتوقعة لبعثة من قبل حماس للسعودية كنافذة فرص لإقامة علاقات مع المملكة. في محادثة مع “هآرتس”، قال ناشط رئيسي في المستوى السياسي بأن طبيعة الزيارة دينية، وأن أعضاء المنظمة سيصلون إلى المملكة لتأدية الحج، والعمرة التي تجري طوال السنة خلافاً للحج، وهو تأدية المناسك التي تحدث في موعد معين وفقاً للتقويم الهجري. ولكن وفق مصادر فلسطينية في القطاع، قد لا تخرج الزيارة إلى حيز التنفيذ وربما تؤجل؛ لأن السعودية لم تصادق على وصول أعضاء حماس إلى المملكة. إلى جانب ذلك، يتوقع أن يزور الرياض اليوم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

في عدد من وسائل الإعلام العربية، من بينها صحف في الخليج العربي، أشير إلى أن بعثة حماس ستضم ممثلين من المستوى الأعلى في حماس، من بينهم رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، وسلفه خالد مشعل، ونائب رئيس حماس في القطاع خليل الحية، والمسؤول عن الملف الخارجي موسى أبو مرزوق. وحسب التقارير، لم تكن هذه الشخصيات الرفيعة تستطيع تأدية الحج بدون ضوء أخضر من القصر الملكي في الرياض ومن أجهزة المخابرات في المملكة. تحذر حماس في هذه الأثناء من تعامل رسمي مع الزيارة، وحتى مع الموعد الدقيق الذي ستجري فيه. ولكن شخصيات رفيعة في حماس ربما تصل إلى المملكة اليوم أو في وقت لاحق في هذا الأسبوع بمناسبة عيد الفطر الذي سيصادف الجمعة المقبل.

قالت مصادر فلسطينية للصحيفة بأنه تم تقديم طلب لسفير السعودية في الدوحة الذي أظهر موافقته على الزيارة، لكن السعودية لم تصادق على ذلك بعد. وجاء أن السعوديين عبروا عن عدم الرضا من النشر حول الزيارة.

العلاقات بين حماس والسعودية تأزمت قبل أكثر من عقد بعد أن اتهمت الرياض حماس بإفشال اتفاق مكة للمصالحة في الساحة الفلسطينية. منذ ذلك الحين، حاولت حماس ترميم هذه العلاقات، ومن ذلك زيارة لأعضاء التنظيم إلى المملكة في 2015، لكن بدون نجاح. حماس وجهات فلسطينية أخرى تعتبر الزيارة المتوقعة استمراراً للتطورات الأخيرة في الساحة العربية – استئناف العلاقات بين السعودية وإيران والدفء في علاقات الرياض مع سوريا.

لكن العلاقات بين حماس وروسيا ساهمت في ذلك. تحافظ قيادة التنظيم على علاقة وطيدة مع موسكو، وكان الروس عنصراً رئيسياً توسط بينهم وبين نظام الرئيس السوري بشار الأسد. لم يسمح السعوديون لحماس بالعمل في المملكة طوال سنين، وحتى إنهم اعتقلوا عشرات من نشطائها، ومن بينهم من وقف على رأس البعثة المحلية للمنظمة، محمد الخضري، في نيسان 2019.

رغم محاولة حماس عرض الزيارة على أنها زيارة دينية بدون أي جانب سياسي، لكن الساحة الفلسطينية والعربية تعتبرها خطوة أخرى في طريق تعزيز مكانة حماس. هذا على خلفية ضعف نفوذ السلطة الفلسطينية. أول أمس، استضاف هنية حوالي 30 سفيراً ودبلوماسياً من دول إسلامية وعربية في الدوحة، عاصمة قطر، على وجبة إفطار. مؤخراً، أجرى هنية عدة لقاءات في بيروت مع رئيس “حزب الله” حسن نصر الله، ومع شخصيات رفيعة في الفصائل الفلسطينية في لبنان.

اعترفت حماس بأن أحداث الأسابيع الأخيرة – إطلاق الصواريخ من القطاع ومن جنوب لبنان نحو إسرائيل والتطور الإقليمي، خصوصاً التقارب بين السعودية وإيران وسوريا – وفرت الدعم لحماس. هذا الأمر أيضاً يفسر تصريحات زعماء حماس الهجومية مؤخراً، من بينهم هنية وصالح العاروري ورئيس حماس في غزة يحيى السنوار. ولكن الحديث لا يدور بالضرورة عن خطوات ستؤدي إلى نشاطات لحماس في السعودية أو سوريا.

في الوقت الحالي، ما زالت حماس تعتبر قطر قاعدة رئيسية لـ “قيادة الخارج”. هذا إلى جانب علاقاتها مع تركيا ولبنان وحتى مع إندونيسيا وباكستان. مع ذلك، تحذر قيادة حماس في القطاع من كل خطوة ستضر بالعلاقات مع مصر، التي كانت وما زالت العامل المسيطر في العلاقات غير المباشرة لحماس مع إسرائيل، وفي سلوكها في شبه جزيرة سيناء.

وفق أقوال ناشط سياسي في حماس، فإن “الانفتاح أمام السعودية مهم جداً، وشعر حماس جيداً برياح التغيير في الشرق الأوسط، لكن الحذر مطلوب”، وأضاف: “تحاول حماس تجنب تضارب مصالحها مع مصالح دول أخرى”. وحسب أقواله، يشكك المصريون بالإيرانيين والأتراك؛ في حين أن للسعودية مصالح مختلفة جداً عن مصالح حماس أو مصالح تركيا. “لكل دولة خارطة مصالح خاصة بها. وحماس في هذا الفضاء تبحث عن الشراكة”.

إلى جانب الزيارة المتوقعة لبعثة حماس إلى السعودية، سينطلق الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم إلى الرياض، في زيارة دعاه إليها الملك سلمان إلى مأدبة إفطار. ظهر أمس، هبطت طائرة مروحية أردنية في رام الله، ونقلت عباس إلى عمان للسفر إلى الرياض. وفق مصادر فلسطينية رفيعة، لا يتوقع إجراء لقاء بينه وبين هنية. ولكن من غير الواضح إذا تم تنسيق الزيارات بصورة لا يبقى فيها عباس خارج الصورة.

مصادر رفيعة في السلطة تعترف بأن قيادتها ليست لاعبة مهمة في التطورات التي تحدث في المنطقة. والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يبدون أي اهتمام كبير بالنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، بالأساس أمام الحكومة الحالية في القدس، باستثناء محاولات منع اشتعال أمني. اللقاءات الأخيرة في العقبة وشرم الشيخ تناولت بالأساس قضايا أمنية ومدنية. ووفق أقوال مصدر رفيع في حركة فتح، فإن “هناك شكاً حول ما إذا ما كان شيء إيجابي سيتحرك بعد انتهاء شهر رمضان وبعد عيد الفطر، بل العكس”. 

 

هآرتس