موسم الشتاء يعني في معظم الأحوال أدوار الأنفلونزا التي لا تنتهي أبداً، وإذا كنت تعيش وحيداً فدور البرد قد يعني أوقاتاً طويلة في السرير، بحلقة في سقف الغرفة في انتظار انخفاض حرارة جسدك ليعود لممارسة وظائفه الحيوية. وقت مثالي للملل والأفكار المتدافعة التي يحاول بها العقل شغلك عن مدى الإنهاك وتسلية الوقت الذي يمر ببطء شديد. دور البرد الحالي يبدو قوياً والساعة الآن الثانية، وهذا يعني أني مستلقية ناظرة للسقف لمدة أكثر من أربع ساعات حتى الآن مروا كربع قرن. لا يوجد أصوات في المنزل غير صوت الثلاجة وأصوات داخل رأسي؛ غير أن الثانية أكثر صخباً من الأولى. صور، أشخاص، مواقف، تحليلات، أماكن، تمر مثل شريط الأخبار الكئيب الذي لا يحمل لنا إلا أخبار الانفجارات والمجاعات والحروب. لا أنقم كثيراً على الشريط فهو مجرد حامل رسالة، ولكن فقط أمقت العالم وراءه. الوقت يمر وأنا أكتب كلمة أو اثنتين كل بضع دقائق، ترى كم من الوقت استنفذت لأكتب تلك السطور؟!
أدوار البرد بعد الثلاثين
أدوار الـ برد بعد الثلاثين مختلفة عن أدواره في الماضي! الآن لن تحضر لي أمي الشاي بلبن دافئ ولا تجلس إلى جانبي حتى ينتهي البرد. الآن لن أستطيع أن أقبع في سريري أياماً متواصلة حتى ينتهي البرد، بل يجب أن أعمل حتى في هذه الحالة. ينتظر منك العالم الكثير بعد أن تكبر، وفي لحظات كهذه تحن إلى الطفولة حيث رفاهية الاعتماد على الآخرين من وقت إلى آخر. هذا الدور مختلف، أشعر أن روحي تفارق جسدي كل بضع ساعات. خواطر البرد أيضاً قاسية، فأنا أدركت أني أصارع جسدي، جسدي يحارب ليتحسن وروحي منهكة تشير له بالاستسلام. أدركت الآن أن هذا ما يحدث لي في الفترة الأخيرة، يحارب جسدي وعقلي للبقاء والاستمرار، على الرغم من كل العقبات المتلاحقة، وأسمع صدى روحي دائماً يشير لهم بالتوقف. لا أعلم من سينتصر في المعركة القادمة ولكن من الواضح أن جسدي وعقلي كانا الأقوى في المعارك السابقة. تباً للبرد الذي جعلني أواجه تلك الحقيقة.