الحصار اهم اسباب تدهور الاقتصاد في قطاع غزة والهدوء وحده لا يكفي لتحقيق استدامة اقتصادية شاملة

تنزيل (19).jpg
حجم الخط

بقلم منير الغول

 

هل حقق قطاع غزة النمو الاقتصادي المنتظر في ظل الهدوء الامني والاستقرار الذي رافق شهر رمضان المبارك وخلال عطلة عيد الفطر السعيد ؟ وهل يمكن القول ان هناك فوائد اقتصادية تحققت على ارض الواقع بفعل البيئة الامنة ؟ وهل يجوز استخدام مصطلح بيئة امنة في قطاع انهكته الحروب ولا زال وسيبقى طويلا على مرمى حجر من الصواريخ والقصف ؟ 

 

ان تحليل جدوى الفوائد  الاقتصادية التي تحققت في قطاع غزة خلال فترة هادئة نسبيا لا يمكن حصره بمساق زمني قصير مدته لا تزيد عن خمسين يوما ففي السياسات  الاقتصادية هناك خطط خمسية وعشرية وبالتالي يمكن تقديم مؤشرات على هذه الحالة بعيدا عن لغة التقييم العام الشاملة والدقيقة لان الحديث هنا عن بقعة جغرافية غير مستقلة ومرهونة بتطورات وتغييرات في كل لحظة .. 

 

وطالما نتحدث عن مؤشرات فان الهدوء النسبي خلال شهر رمضان حقق فوائد ومكاسب لتجار القطاع انعكست على الحالة الاقتصادية ولكنها تبقى مؤقتة فالاسواق والمحلات التجارية والحركة الاقتصادية معرضة بأي لحظة الى انتكاسة وذلك مشروط بالظروف الخارجية المفروضة على القطاع واهمها الحصار الذي يتحكم بحركة البضائع والصادر والوارد من التجارة كما ان هذا الحصار يحد من حركة تبادل تجاري واسعة النطاق ويختصرها على مصر والداخل الفلسطيني واسرائيل والاردن وبعض الدول المحيطة والقريبة من القطاع ..

 

يمكننا القول هنا وبدون ادنى شك ان تحسن منسوب التجارة وانعكاسه على الاقتصاد الغزي كان ضعيفا الى مقبول الى حد ما خلال فترة الهدوء التي تسود قطاع غزة وهو يشكل حجر الزاوية نحو نمو اقتصادي شامل بشرط تحقق اسباب اخرى من الاستقرار التام واهمها فتح القطاع على مصراعيه برا وبحرا ورفع التقييدات وذلك شرط اجباري لتحقيق غايات ازدهار القطاع اقتصاديا وهو امر لا يمكن ان يتحقق في ظل استمرار ممارسات اسرائيل وفرضها طوقا على القطاع لا يسمح ببناء فنادق ومدن سياحية واقتصادية تساهم في تحسين التجارة ورفع منسوب الدخل للمواطن الغزي الذي لا زال يصنف بالفقير وربما الفقير جدا خصوصا وانه محروم من اي فرصة للتطوير والازدهار ..

 

سؤال مهم اخر يطرح نفسه هنا : هل بمقدور قطاع غزة ان يعتمد على موارده الذاتية فقط من نسيج وغزل وصيد وعمل لتحقيق قفزة ملموسة في سلم الاقتصاد المتدهور في غزة ؟ 

 

الجواب على هذا السؤال وان كان يتناول  المسائل الاخرى التي سبق الحديث عنها في مقدمة هذا الرصد ينقلنا هنا الى بوابة خصبة من الاسئلة التي تتعلق بالمكان والزمان والظروف المحيطة وجميعها تصب في خانة سلبية واحدة تحد من قدرة قطاع غزة على النهوض لوحده ومن هنا فالدعم الخارجي يبقى هو الخيار الامثل لتحقيق عيش كريم فقط بعيدا عن اي محاولة لنهوض اقتصادي حقيقي فالموارد محدودة في القطاع والاستيراد الخارجي محكوم بسياسة اسرائيل المتشددة ومن هنا فان البناء على الهدوء والاستقرار وحده لا يكفي والمطلوب فتح افاق اكبر لقطاع غزة على كل المستويات ومنح هذه الرقعة الجغرافية حقوقها الكاملة وانذاك يمكن القول ان اقتصاد غزة سيتطور وينعكس على التجارة وبالتالي يحقق المواطن الغزي حلما كان ولا زال يتمناه من سنوات .

 

يحتاج قطاع غزة اليوم الى تنمية شاملة  بغية تحسين حياة المواطنين ولتقديم خدمات صحية وتوعوية وتعليمية،وعمرانية، تكون ضمن استراتيجية خاصة تكفل الحياة الكريمة للمواطن اولا ثم تتجه لتحقيق غايات التنمية الشاملة وذلك مشروط بتوفر كل عوامل الهدوء والامان والاستقرار ورفع الحصار كليا عن قطاع غزة واعتباره كيانا مستقلا يتمتع بقدرات هائلة تمكنه من تنفيذ خطوط هذه الاستراتيجية وتحويلها الى خطوات عملية على ارض الواقع ..

 

فاقمت ازمة كورونا لسنتين متتاليتين من الوضع الاقتصادي في القطاع واستفحلت البطالة وجاءت الحرب الروسية الاوكرانية المتواصلة لتلقي بظلالها الثقيلة على كاهل القطاع الامر الذي تسبب في ارتفاع اسعار الطاقة والوقود واسعار سلع تجارية اساسية وكل هذه العوامل وغيرها تؤثر سلبا على القطاع وبالتالي فان عملية التنمية وتطوير مشاريع الاقتصاد في قطاع غزة تبقى مرهونة بالعوامل الخارجية وهذا سبب اضافي الى عدم قدرة القطاع حاليا على تحقيق الانتعاش .

 

واذا ما اخذنا احصائية  الإدارة العامة للتجارة والمعابر في وزارة الاقتصاد الوطني بغزة  عن عمل  المعابر خلال الفترة الممتدة من 11 ابريل 2023حتى 17 ابريل 2023 فاننا نجد انه  تم خلال اسبوع  استيراد 2053 شاحنة محملة بالسلع والبضائع عبر معبري كرم أبو سالم ورفح محملة بالمواد الغذائية والانشائية والمحروقات مقابل تصدير 160 شاحنة فقط محملة بحديد الخردة والاثاث والخضار عبر المعبرين  مع القاء نظرة على عدد أيام العمل في معبر كرم أبو سالم خلال الأسبوع حيث بلغت 4 أيام، بينما بلغ عدد أيام العمل في معبر رفح التجاري 3 أيام فاننا نجد ان هذه الحركة التجارية لا زالت ضعيفة ولا تلبي حاجة القطاع الذي يسكنه حوالي مليوني مواطن لنعود الى ما تقدمنا به بان زوال اسباب وظروف الحصار عن قطاع غزة هي التي ستساهم بتحقيق الانتعاشة الاقتصادية والتنموية وغير ذلك يبقى الحراك الاقتصادي في قطاع غزة مجرد مؤشرات مرحلية لا يمكن ان تحقق غايات استراتيجية مهمة نحو استدامة اقتصادية متواصلة.