هل يفوز بايدن بسبب ترامب؟!

حجم الخط

بقلم هاني عوكل

 

 

 

ما الذي يجعل ثلثي الناخبين الأميركيين غير راضين عن إعلان الرئيس جو بايدن إعادة ترشحه لفترة رئاسية ثانية في انتخابات العام 2024، وسط ما يعتبرها الرئيس نفسه معركة شرسة ضد ترشح غريمه الجمهوري دونالد ترامب للانتخابات الرئاسية؟
العمر هو المشكلة الأساسية التي تشغل بال الناخب الأميركي في موضوع ترشح بايدن وترامب، حيث إن الأول هو أكبر رؤساء الولايات المتحدة عمراً في التاريخ الأميركي، وكذلك الحال بالنسبة لترامب الذي يبلغ عمره الحالي 76 عاماً.
ليس الناخب الأميركي وحده المتشكك في مسألة قيام الرئيس الحالي بايدن بمهامه الرئاسية كما يجب، وإنما هناك حوالى 51% من أنصار الحزب الديمقراطي معترضون على ترشح جو للانتخابات الرئاسية ويطلبون منه الرحيل عن المنصب الرئاسي حتى انتهاء ولايته.
في حقيقة الأمر مسألة العمر تعتبر مهمة في النشاط السياسي ومزاولة مهنة شاقة وتحتاج إلى ذهن متقد وحركة وجهد جبّار، وما أكثر الانتقادات التي وجهها الجمهوري ترامب ضد الرئيس بايدن فيما يتعلق بصحته البدنية والعقلية.
ترامب اتهم الرئيس الديمقراطي بأنه غير قادر على التحدث والتفكير بوضوح، وفي مختلف حملاته الانتخابية ظل يشيطن بايدن ويعرض مقاطع متكررة تتعرض لهفوات وزلات الرئيس خلال احتفالات رسمية أو مناسبات عامة.
من المرجح أن يتجاوز كلا المرشحين مختلف الاعتراضات والأصوات العالية على ترشحهما من قبل حزبيهما الديمقراطي والجمهوري، وهذا يعني أن بايدن سيقف مرةً أخرى في وجه ترامب وكلاهما سيستخدم نفس الأسلحة التي استخدماها من قبل في المعركة الانتخابية 2020.
بالنسبة للرئيس الأميركي، سيجد طريقة لحرف مسار انتباه الناخب والتركيز على قضايا ذات أولوية، مثل مواجهة النزعة التطرفية التي يتبناها ترامب والمُطبّلون لآرائه، وفي السياسة الداخلية سيسوق لمشروعات القوانين التي حسمت خلال ولايته الانتخابية، من بينها مشروع قانون البنية التحتية بقيمة 1.2 تريليون دولار، ومشروع قانون آخر يُقيّد حمل السلاح في الولايات المتحدة.
وفي السياسة الخارجية سيتغزل بايدن بإنجازاته الكثيرة التي هدفت إلى إعادة الولايات المتحدة لموقعها الطبيعي في علاقاتها الدبلوماسية مع أصدقائها الأوروبيين تحديداً، بعد أداء الرئيس السابق ترامب في إدارة العلاقات الخارجية بطريقة اعتبرها بايدن استعلائية ومهينة وتضر بالمصالح الاستراتيجية للبلاد.
أيضاً سيعمل على شيطنة ترامب وتخويف الناخب الأميركي أنه إذا فشل الرئيس في الانتخابات المقبلة لصالح غريمه الجمهوري فهذا يعني فشلاً في السياسة الداخلية من حيث تهديد الحريات الشخصية والتطاول مرة أخرى على ملف الهجرة الذي يعتبر واحداً من أهم الملفات بالنسبة للأميركيين.
أما بالنسبة لترامب، هناك مهمات كثيرة سيقوم بها على الصعيد الحزبي وفي موضوع السباق الرئاسي، إذ ثمة معضلة اسمها رون دي سانتيس حاكم ولاية فلوريدا، الذي استهل جولة دولية بدأها بزيارة اليابان ثم كوريا الجنوبية فإسرائيل وبريطانيا.
سانتيس أراد من هذه الزيارة تلميع صورته على المستوى الدولي وتعزيز تجربته في العمل الدبلوماسي، ومن شأنها أن تخدمه إذا قرر الترشح عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، لكنها بالتأكيد لن تخدم ترامب الذي سبق وأن حذره من إعلان الترشح.
بالتأكيد يصلي الرئيس بايدن كل يوم بأن يعلن حاكم فلوريدا ترشحه في الانتخابات الرئاسية، لأن ذلك سيفيد جو في حملته الانتخابية، خصوصاً وأن شخصاً مثل ترامب سيفتح النار على سانتيس وسينافسه بكل الأسلحة الدعائية المشروعة وغير المشروعة لاستمالة الناخبين الجمهوريين إلى صفه.
ترامب الذي يعاني مشكلات مع القضاء، ظل يتمسك كل الوقت بمحاولة تغيير مزاج الرأي العام الأميركي تجاه الرئيس بايدن، سواء في الوقت الحالي وحتى منذ أكثر من أربعة أعوام. حتى أنه قال صراحةً عن الرئيس إنه تسبب بضرر أكثر من أسوأ خمسة رؤساء أميركيين.
أكثر موضوع استحضره الجمهوري ترامب في سياق استعراضاته الدعائية ضد بايدن، موضوع الاقتصاد الأميركي والتضخم الذي يلتهم ويستنزف يوماً بعد يوم جيوب المتسوقين، إذ يرى الرئيس السابق أن غريمه الديمقراطي هو المتسبب بكارثة التضخم والغلاء المعيشي.
الاتهامات المتبادلة بدأت بين الرجلين قبل إعلان ترشحهما للانتخابات، وبنظر العديد من المتابعين للمشهد السياسي الأميركي، يُفضّل بايدن التنافس مع شخصية مختلف عليها مثل ترامب، ويسري اعتقاد أن شخصية الأخير ستخدم معركة بايدن الانتخابية.
وقد تكون حظوظ بايدن في الفوز بولاية رئاسية ثانية جيدة، لكنها مرهونة بأدائه وصفر أخطاء تتصل بصحته وقدراته البدنية والذهنية.
كذلك فوز بايدن مرهون بقدرته على تهدئة الناخب الأميركي في القضايا الداخلية التي تشغل باله، مثل معالجة التضخم الاقتصادي وصيانة حقوقه الشخصية وتعزيز الأمن الداخلي المفقود كل الوقت، وإصلاح نظام الرعاية الصحية.