بقلم: سميح خلف

فلسفة الحرب الروسية على أوكرانيا

سميح خلف
حجم الخط

غزّة - وكالة خبر

وان كانت الحرب والحملة الروسية على اوكرانيا تتخذ عدة ذرائع و مبررات الا ان الحرب الروسية على اوكرانيا ستكون فصل جديد لنظام عالمي جديد تتهاوى فيه امبراطوريات اقتصادية وعسكرية كما تهاوت امبراطوريات عبر التاريخ بملحقاتها .

قد لا نتحدث في هذا المقال عن الجغرافيا والطبوغرافيا في اوكرانيا وهي احد الذرائع التي قادت لبدء الحرب التي تأجلت منذ ما سمي الثورة البرتقالية و من ثم بعد ذلك و التي اتت بالممثل المسرحي والكوميدي زيلينسكي و كأن اوكرانيا ستتحول الى خشبة مسرح مليودرامية لتعطي نتائج قد لا تقود لها المقدمات في المسرحية .

من الذرائع التي قادت للحملة العسكرية المحدودة على اوكرانيا فكرة استالين التي وضعها على تلك الاراضي بمواطنين روس في شرق اوكرانيا وشمالها في حين ان نظام زيلينسكي كان عنصريا بما يكفي من تطبيق المساواة والمواطنة بين كل الاعراق في اوكرانيا وربما كان جانب ديني يخص الكنيسة المركزية لمسيحيي الارثوذوكس في اوكرانيا و نقلها الى موسكو اما الجانب الاخر ايضا فهو اطماع الناتو "امريكا و الغرب الاوروبي" في التوسع في دول الاتحاد السوفيتي سابقا حيث ان اوكرانيا تحتل مرتبة متقدمة بخصوص الامن القومي والاقليمي لروسيا هذه هي المعطيات المحدودة للحملة الروسية على اوكرانيا التي تقطف نتائجها ببطئ نتيجة الدخول العميق للناتو ودول اوروبا الغربية وامريكا في دعم زيلينسكي الذي اتهمه الروس بالنازية الجديدة بل تسويق بعض الفيروسات في معامل اوكرانيا و ربما تحضير لفيروسات اخرى واخبار تتناقل عن اسر عشرات من العلماء البيرولوجيين لدى موسكو .

ولكن قد تكون الاهداف الغير معلنة اخطر من ذلك بكثير على الواقع العالمي و النظام الاقتصادي فيها بل قد يمتد الصراع والمتغيرات الى كل مناطق العالم وقد تضع الحرب الاوكرانية عملية فرز في فحوى النظام العالمي .

لا نريد هنا كما قلت سالفا ان نتحدث في المواجهات القائمة في شرق اوكرانيا و ما قبلها بسنوات في القرم التي عادت الى روسيا و المعارك المحتدمة في اجزاء الشرق وهي معارك عنيفة و مدمرة والاعلام لم يغطي منها الا اجزاء محدودة بينما يضع الغرب كل ثقله الان لهجوم ما يسمى الربيع لتدمير القوات الروسية وقوات فاغنر لاسترداد ما تم الحيازة عليه من قبل القوات الروسية في الشرق والمقصود هنا توفير ظروف افضل للتفاوض مع روسيا و لكن من تصريحات بوتين وميدفيدف ان الحرب تخص وجود روسيا وهو ما لا يمكن ان يسمح به و  الا فهي حرب نووية قد تتفوق فيها روسيا لتدمير اوروبا وحتى امريكا مقابل فناء روسيا في حين هددت روسيا لندن بأنها سوف تمحوها من الوجود ، هكذا الاحداث تدور في حرب ومواجهة لا يمكن ان تقف الا  ان تحدد روسيا اهدافها واستراتيجيتها .

و قد تكون كما قلت الحرب الاوكرانية وسير الخطة الروسية هي نهاية النفوذ الامريكي المهيمن على العالم عسكريا و امنيا و اقتصاديا وسيادة الدولار على الاقتصاد الدولي والتي بدأت بتكوين مجموعة بريكس لعملة موازية وتبادل اقتصادي موازي .

ولكن لماذا روسيا لم تحتل اوكرانيا للان ؟!

هل هو قصور في القوة الروسية ام هناك خطة تكتيكية تعود بالمصلحة على روسيا برغم العقوبات الكبيرة عليها والتي قد ضرت الغرب اكثر مما ضرت روسيا وواقعها على الاقتصاد الغربي و المواطن الغربي المرفه فنحن نشهد مظاهرات في باريس ولندن وربما لاحقا في برلين روسيا ارادت ان لا تحتل اوكرانيا رغم تمكنها من ذلك لو ارادت واكتفت بأجزاء في الشرق لسبب بسيط ان في الشرق حاضنة شعبية من الروس يؤمنون مناطق احتلالها اما اذا تمادت روسيا اكثر من ذلك وتوغلت في اوكرانيا الى حدود بولندا فان ذلك سيخلق واقع استنزاف امني واقتصادي قد يسقط الدولة الروسية من اعبائه في جانب البنية التحتية وادارتها بالاضافة الى مجموعات قومية متطرفة قد تقود حرب عصابات مختلفة وستكون الاسوأ من افغانستان ولذلك لا تريد ان تحتل اوكرانيا و تريد فقط جعل اوكرانيا دولة فاشلة مشتتة الى اقاليم مع القضاء على البنية التكنولوجية والعلمية في اوكرانيا و بأقل التكاليف اما مردودات ذلك على الغرب فأمريكا دفعت اوروبا الى مستنقع اوكرانيا بحجة ان روسيا تشكل خطر داهم على اوروبا في حين ان اوروبا كان هناك تبادل تجاري ضخم مع كل دول اوروبا لندن وباريس وبرلين في الوقود والغاز بشكل رئيسي فلم تعد لندن هي لندن ولم تعد باريس هي بارس ولم تعد برلين هي برلين ولم يعد المواطنين في تلك الدول في رفاهية كما كانوا من قبل و المستفيد الوحيد من تورط اوروبا هي امريكا و جعلها تابعة لعقود كما كانت نتائج الحرب العالمية في اوروبا و التي لم تدخلها امريكا الا في تحديد نتائجها الاخيرة و من ثم بعد ذلك قامت امريكا بطرد تلك الدول من اسيا و افريقيا والشرق الاوسط من خلال ثورات ما بعد الخمسين وتلعب الان واشنطن نفس اللعبة تقريبا فقد اصبحت الحرب الاوكرانية عبء كبير على اوروبا واصبحت عقدة بالخزائن الاوروبية و عبء على المواطن الاوروبي حيث تلك الشعوب لن تسمح بانهيار اكبر من خلال انظمتها .

امريكا في سلوكها هذا تريد ان تحافظ على سيطرتها على العالم من خلال الناتو و غير الناتو و منظومة الدولار اما بوتين الدب الروسي فهو يريد ان يقتص من امريكا واوروبا بضربة معاكسة بعد تآمرهم على الاتحاد السوفيتي فهو خريج مدرسة لينن وستالين وان لم يعلن .

من النتائج لحرب اوكرانيا ان هناك دول في الشرق الاوسط واسيا وافريقيا قد تمردت جزئيا على النفوذ الامريكي بعقد صفقات مع روسيا والصين العدو الاكبر لامريكا بل قد فتحت بعض المشاريع الكبرى لتلك الدول وقواعد عسكرية قد خسرت امريكا والغرب المعركة في سوريا وبداية خسارتها في العراق واليمين وربما لاحقا في ليبيا و اصبحت هناك قوى اقليمية ناشئة قادرة على مواجهة النفوذ الامريكي ووجود اسرائيل في حد ذاته اما المعركة التي بدأت من منتصف ابريل في السودان والمغذاه دوليا و المطلوب هي لكلا الاطراف المشتركة فتح جبهة اخرى قد تغير من الاحداث في منطقة افريقيا و اسيا تقودها امريكا وستدخل يفها روسيا و الصين و دول اقليمية كبرى قوة واقتصادا كالسعوودية والامارات لتحديد وجه النظام العالمي الجديد و لكن ستخسر امريكا وستخسر اوروبا واسرائيل وسيبكي المواطنين الاوروبيين كثيرا الذين عاشوا سابقا على استغلال موارد الشعوب في العالم