الكاتب: فاطمة البشر
أنزلتُ كل أشرعتي، فقد مللْتُ من الإبحار ، وكثرة الأسفار ، والوجهات المحدّدة ، أنزلتُ أشرعتي لتأخذني الريح حيثما تشاء؛ علّ الرحلة تكون أحلى ، والمغامرة مفاجِئة ...
وصلتُ إلى أرضٍ غريبة ، جميلة عجيبة ، لا لوائح ولا قوانين ، لا جزاء ولا عقاب ، لا مكافآت ولا سجون ولا حتى عقول ...
كيف يعيشون؟! وهل ينضبطون ؟! مجموعة من مشاعر ، وقوارير أخلاق ، وسلالم تصل إلى السّماء ....
حُبٌّ طغى على الكُرْه فَسَادَ ، كرمٌ غلب البخل فَغَنَى ، علمٌ دفَنَ الجهل فَسَمَا ، رحمةٌ غطّت قسوة فابْتسمت ، حِلْمٌ علا الغضب فارْتقى ، مودّةٌ أخرجت الأنانيّة فسَكَنت ، طِيبةٌ سحقت السّوء فتمَجّدت ...
دُهِشتُ كيف المساوئ اندثرتْ ، كيف المكاره ضاعت والفضائل طفت ؟! كيف لم يتعكّر جوّ المدينة ؛ بل ظل على حاله وكأن أحداً لم يلمسه ! فَضاءٌ لم يُدَنّس ، وعطرٌ فوّاح لا ينتهي ، شجرٌ مثمرٌ يكفي الجميع ؛ و لا أحد يتنازع على الأرض...
بحثتُ وبحثت ، حتى اكتشفت أن هذه الأرض تسكنها أحاسيس ومشاعر الفطرة فقط ؛ ولم يطؤها بشرٌ قطّ ....