تُلوح "إسرائيل" بشن عملية عسكرية واسعة في مدن شمال الضفة الغربية؛ لإنهاء ظاهرة المجموعات المسلحة، لكِنها عملياً لا تتوقف للحظة عن سياسية القتل والأسر، للشباب والنساء والأطفال هناك، فضلاً عن مواصلة حصارها للمدن ومصادرة الأراضي وحتى مصادرة أموال الشعب الفلسطيني عبر مصادرة 30 مليون دولار من أموال المقاصة؛ بذريعة أنّها تُدفع لعوائل الأسرى والشهداء، حسبما قرر وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش.
شهيد يتلوه شهيد.. أيام الضفة
شهيد يتلوه شهيد، وأسير يتلوه أسير، هكذا تبدو أيام الضفة الغربية في ظل وجود حكومة فاشية، فخلال اشتباك مسلح مع قوة إسرائيلية تسللت داخل مخيم نور شمس في طولكرم، اُستشهد سامر صلاح الشافعي "22 عاماً"، وحمزة جميل خريوش "22 عاماً"، وفي نفس الوقت انطلق موكب تشيع مهيب لثلاثة شهداء أفرج الاحتلال عن جثامينهم بعد 55 يوماً من الأسر والشهداء هم: "عدي عثمان الشامي، وجهاد محمد الشامي، ومحمد رعد دبيك"، فيما لا تزال إسرائيل تحتجز جثامين 133 شهيداً مُنذ العام 2015.
وفي ردود أفعال الفصائل الفلسطينية، تبنت كتائب شهداء الأقصى "كتيبة طولكرم"، شهداء مخيم نور شمس، وقالت في بيان صحفي: " ولا تحزنوا ولا تيئسوا فوالله لدينا أسود مثل حمزة وسامر والأمير لم تكشف عن أنيابها للمحتل حتى الآن ولن نتواعد بالرد السريع لأنَّ مثل حمزة وسامر يستحقوا منا أنّ نرد بما يليق بقيمتهم وسيكون ردنا بحجم ألمنا وسيدفع المحتل ثمناً باهظاً بإذن الله" .
فصائل المقاومة.. جرائم الاحتلال لن تمر
بينما، قالت حماس في بيانٍ صحفي: "إنَّ تصاعد جرائم الاحتلال ونزيف الدم الفلسطيني المتواصل والخطر المحدق بالمسجد الأقصى المبارك يستدعي مواصلة اليقظة والنفير واستنهاض كل الطاقات الشعبية والميدانية لصد العدوان والدفاع عن شعبنا ومقدساتنا".
بدورها، أكّدت حركة الجهاد الإسلامي، في بيان صحفي، على أنَّ هذه الدماء الطاهرة التي تمتزج بدماء الشهداء في كل الساحات، ستشعل مزيداً من الثأر في وجه العدو وحكومته الإرهابية، رداً وانتقاماً لدماء أبناء وقادة الشعب الفلسطيني.
من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أنَّ "إسرائيل" تُركز على الضفة الغربية والقدس؛ لأنَّ المشروع الأساسي لهذه الحكومة وهو حسم الصراع في القدس وفي الضفة الغربية؛ لذلك التنفيذ هناك أولاً، ثانياً لأنَّ الخسائر "الإسرائيلية" من خلال تصعيد العدوان في الضفة الغربية محدودة؛ بمعنى لا يوجد صواريخ وتهديد للأمن الداخلي، كما هو الاشتباك مع غزّة أو لبنان.
دائرة النار في الضفة ستتسع لتشمل غزّة
وأضاف عوكل، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "بالتالي تقوم إسرائيل، بعمليات مداهمة وحصار وقتل وتتنقل بين مدينة وأخرى؛ لكِنها غير محتاجة لعملية عسكرية واسعة كالسور الواقي الذي شنته في الضفة عام 2002؛ لأنَّ السور الواقي سيؤدي إلى اشتباك واسع وسيجلب غزّة على الخط وربما أراضي 48 ولبنان بمعنى وحدة الساحات".
وأشار إلى أنَّ "إسرائيل" لا تقوى على الاشتباك على جبهات متعددة رغم التبجح بذلك، حيث لاحظنا كثرة الحديث عن استعادة الردع في غزّة في الجولة الأخيرة، التي أثبتت أنَّ الردع "الإسرائيلي" متآكل؛ لذلك هي تركز على الضفة الغربية.
وبالحديث عن أهداف "إسرائيل" من عقد قمة أمنية رغم عدم التزامها بما جاء في سابقاتها، قال عوكل: "إنَّ "إسرائيل" بحاجة إلى دخول السلطة على خط التنسيق الأمني بشكل أقوى، أو ما يعتبرونه مكافحة الإرهاب من قبل السلطة"، مُشيراً إلى أنَّ "إسرائيل" تُمارس الضغط على السلطة بقرار خصم أموال المقاصة، الأمر الذي يؤكد عدم التزام "إسرائيل" بما تم الاتفاق عليه في القمم السابقة.
وخلص عوكل، إلى أنَّ السياسة "الإٍسرائيلية" تُديرها حكومة فاشية تُريد حسم الصراع بسرعة، وتعلم أنّه إذا سقطت ستسقط كل أحلامها في العودة للحكم؛ لأنَّه لا حظوظ لها حسب استطلاعات الرأي، وبالتالي سوف تستثمر كل الوقت لتنفيذ أهدافها في السيطرة والحسم في الضفة، مُتوقعاً توسع دائرة النار في الضفة لتشمل غزّة جراء ضغوط الميدان.