لم يكن أحدٌ يتوقَّع أن يفوز نتنياهو فوزا كبيرا في انتخابات يوم الثلاثاء 14/3/2015 ، وهي انتخابات الكنيست العشرين، فهل ضلَّلَ السياسيون الإسرائيليون جماهيرهم، وضللوا الرأي العام العالمي؟
أم أن نتنياهو يملك قدراتٍ سحريةً خارقة، تجعله يُسمَّى ملك السياسيين في إسرائيل؟
أم أنت هناك مؤسسةً، غير معروفةٍ تُدير دفَّةَ السياسة في إسرائيل، وفق تفسيرات العاجزين المُحبطين؟
أم أن انتخابات 2015 سوف تكون انقلابا جديدا في إسرائيل، انقلابا يقوده تلاميذ وأحفاد مدرسة، هرتسل، وجابوتنسكي، بزعامة الحفيد، بيبي نتنياهو؟
عندما نعودُ إلى بدايات الأزمة الحكومية في إسرائيل، فإننا نلاحظ بأن نتنياهو عانى من شركائه في الحكومة ، وبخاصة بعد عملية الجرف الصامد في غزة يوليو أغسطس 2014، فقد انبرى شركاءُ نتنياهو في استغلال نتائج الحرب، ووظفوها ضده، ووسعوا هجومهم ليطال زوجته وبيته، فلم يكن هناك سوى خيارٍ واحد أمام المايسترو السياسي، نتنياهو، لكي يُمرّر خطته في تهويد الدولة،وإنجاز آخر مراحل الاستيلاء على بقية أراضي الفلسطينيين، وتنفيذ مشروعه الاستيطاني الواسع، مستفيدا من واقع العالم العربي والفلسطيني والعالمي المشغول بغير قضايا فلسطين وإسرائيل، كما أنه بخطته، حل الحكومة وتبكير موعد الانتخابات سيحصل على آخر نياشين ملوك السياسة، فسيكون هو أول رئيس حكومة، تتجاوز فترة رئاسته فترة حكومات بن غريون !
إذن كان لجوء نتنياهو إلى حلَّ الحكومة ، وتبكير موعد الانتخابات، ضربة فنية سياسية مدروسة، تلتها انتخابات البرايمرز في حزب الليكود، ثم بدأت المناورات الانتخابية ثلاثة أشهر كاملة.إلى أن تُوِّجت بالانتصار يوم الأربعاء 18/3/2015 .
إن ضربة نتنياهو تشبه الضربة التي تلقَّها حزب العمل عام 1977 عندما فاز حزب الليكود، بزعامة بيغن، وتياره الديني المفدال، على حزب العمل، بزعامة رابين، لأول مرة في تاريخ إسرائيل، بعد كشف فضيحة حساب بنكي لزوجة رابين في بنك دولي، فتولى بيغن سدة الحكم، وهكذا يُعيدُ التاريخ نفسه من جديد!!!
سُميت تلك الفترة (الانقلاب الديني) عام 1977، كذا فإن عام 2015 سيكون انقلابا سياسيا جديدا لترسيخ مبادئ حزب المفدال وشعاراته الحزبية التقليدية التي رفعها عام 1977، وهي بعينها شعارات الليكود في هذا التاريخ، وكانت الشعارات:
(رفض إقامة أية دولة فلسطينية في أرض الميعاد.
الاستيطان فريضة دينية.
القدس عاصمة إسرائيل الأبدية.
تطبيق الشريعة اليهودية.)
ولعلَّ أبرز معطيات هذه الانتخابات المفصلية الجديدة عام 2015،
أنها انتصار شخصي للساحر السياسي نتنياهو، فهو مايسترو الانتخابات، بادئُها ، وجاني ثمرتها، ورافع شعارها!
إنها انتصار لعناد إسرائيل وإصرارها على تحدِّي حتى أعتى الدول وأقواها، أمريكا.
إنها انتصار للاستيطان، فقد كانت نسبة عدد الأصوات التي حصل عليها نتنياهو من مستوطني غلاف غزة حوال 45% من مجموع الأصوات.
وأخيرا فإن هذه الانتخابات نجحت – للأسف- في تحويل بقايا فلول اليسار إلى يمين أصولي متطرف، فإتسحاق هرتسوغ،ورفيقته تسفي ليفني كانا خلال الانتخابات يتجولان وسط الناخبين بطاقيه الكيبا الدينية لهرتسوغ، وباروكة الشعر الشرعيةلليفني، يؤكدان للناخبين أنهما قاما بزيارة حائط المبكى ، ووضعا في شقوق الحائط أمنياتهما بالفوز، وهما في الوقت نفسه يتحدثان بلغة اليسار التقليدية عن الديمقراطية والانفتاح والحرية، ورفض الشعوذة والهرطقة!
إن هذه الانتخابات أثبتت بما لا يدع مجالا للشك بأن المُخوٍّفين والمُهدِّدين، ممن يبثون الرُّعب في نفوس العوام، هم الفائزون الرابحون