تنهمك وسائل الاعلام الرسمية العربية ، و معها بالطبع مطابخ السياسة و الخارجية بموضوع عودة سوريا للجامعة العربية بعد طردها منها لمدة عشر سنين ، و أكثر ما نخشاه ان نتسمر و نتحجرعند هذا الموضوع حقبة طويلة أخرى ، في وقت عالمي حساس و خطر الى حد بعيد ، نرى فيه شرارة الحرب الكونية قد قدحت ، و كالعادة تبدأ من أوروبا ، وتمتد الى باقي القارات ، و في المقدمة منها القارتين اللتين تحتضنا وجودنا ماضيا و حاضرا و مستقبلا ، آسيا وافريقيا ، و بدون ان نبالغ كثيرا ، فإننا نحتل من القارتين قلبهما ، بمحيطين و بحرين و عدد مهم من البحيرات والانهار العظيمة ، بمناخ معتدل على مدار السنة ، ناهيك عن بواطنه من ثروات طائلة ، و لهذا تم زرع دولة إسرائيل في هذه البقعة ، لكي تضمن ولاءنا المطلق للامبراطورية الأشر .
و لهذا ، في ظل الاستعدادات و الاصطفافات والتموضعات و التسليحات والاحلاف ، تبدو مسألة رجوع سوريا الى الجامعة العربية من عدمه ، مسألة صغيرة و بسيطة و تافهة ، مقياسا بما يحدث و ما يتهدد وجودنا بأسلحة غير تقليدية لم نعهدها من قبل ، فالدولة الجديدة التي لم تكن موجودة قبل الحرب الكونية الثانية ، تمتلك مئات الرؤوس النووية ، و لا تستهدف بها روسيا و الصين أو كوبا وكوريا ، انها تستهدفنا نحن وفي المقدمة سوريا و لبنان و العراق والأردن و السعودية واليمن و مصر والجزائر .
صحيح ان السعودية خطت خطوة كبيرة ونوعية حين تصالحت مع ايران في عقر الصين ، بعد ان تناصبت الدولتان العداء حقبة طويلة ، بايعاز من أمريكا وإسرائيل ، وانسحب هذا على العراق و سوريا و لبنان و ليبيا و اليمن حروبا طاحتة استنزفت الاف مليارات الدولارات ، لكن كل هذا يجب ان يصبح وراء ظهورنا ، و ان نسارع في تنقيل اقدامنا في مواقعها الجديدة بشيء من الثبات والسرعة ، بعيدا عن الإغراق في مستنقعات الصغار والتخلف و التنجيم والتهويل ، كموضوع عودة سوريا الى الجامعة ، إذ ان سوريا لطالما كانت في الجامعة ، فهل حمتها مما حل فيها و شعبها من موت و دمار و لجوء ، الامر ينسحب على كل الدول العربية التي تعرضت للعدوان و المؤامرات .
ربما ان الأكثر أهمية من عودة سوريا الى الجامعة العربية لقد لعبت الدور السلبي التخريبي الهدمي الرجعي التثبيطي المنوط بها على مدار عمرها ، و آن الأوان لنفضها من أساساتها ، و لأن هذا شبه مستحيل تحقيقه في غمرة وقت قصير ، فإن المطلوب الإعلان عن تغيير ولاءها للخير بدل الشر ، للشعوب لا للأنظمة ، للاوطان لا للحكام ، للنور لا للظلام ، للحرية لا للاستعباد ، للعلمانية لا للطائفية ، للعروبة لا لأمريكا ، للمستقبل لا للماضي ، للاشتراكية لا للراسمالية ، فنبينا العربي اول من قال ان الناس شركاء في ثلاث : الماء والنار والكلأ . وبمعنى آخر للإنسان أيا كان -ذكرا وأنثى - في كل مكان .