هارتس : في طريق نحو الدمار: الإسرائيليون يعيشون في الأوهام

حجم الخط

بقلم: روغل الفر

 


يكتشف منتخبو ايتمار بن غفير الآن بأنه سحر كاذب. فقد اختاروا تصديقه؛ لأن هذا كان هو الحل الأسهل لمشكلاتهم. حل مؤقت وصبياني، الفجوة بينه وبين الواقع انكشفت الآن بأبعادها غير المحتملة، لكنّ هؤلاء الناخبين العارضين دائماً يفضلون السحر الكاذب للسياسيين المخادعين على المواجهة الصعبة مع الحقيقة. ومثل المدمنين هم دائماً يبحثون عن حل مؤقت وسريع للمشكلة، وعن الوجبة القادمة بدل الفطام عن الإدمان. المخدر هو نفي للواقع، والاعتقاد بأنه يوجد حل غير مؤلم لمشكلات إسرائيل.
تظهر الاستطلاعات أن جمهور الناخبين يسعى الآن وراء سحر كاذب جديد: بني غانتس على اعتبار أنه وريث بن غفير في هذا المربع. أيضاً هو يقترح "كويك فيكس" (إصلاحاً سريعا) للازمة الوجودية التي تهدد مستقبل الدولة. هل سمع أي شخص غانتس وهو يتطرق بشجاعة الى الحاجة الى اخلاء 100 ألف مستوطن لتجنب تحول إسرائيل الى دولة ثنائية القومية؟ هل سمع أي شخص بأنه يعترف بحقيقة أنه ربما اصبح الوقت متأخراً جداً لمنع قيام الدولة ثنائية القومية، ولذلك يجب علينا التنازل عن "الدولة اليهودية" وإقامة دولة كل مواطنيها المتساوين؟ من الواضح أن الجواب لا. هل سمعه أي أحد يتطرق الى الحاجة الى تقليص معدل الولادة في المجتمع الحريدي لمنع انهيار الاقتصاد الإسرائيلي بسبب إعالة الجمهور غير المنتج؟ من الواضح أن لا. هل يوجد لدى غانتس أي حل لتهديدات "حزب الله"؟ وماذا بالنسبة لغلاء المعيشة؟ هل هو يخطط لانقلاب في هذا المجال؟
يقترح غانتس حكماً مركزياً معتدلاً ورسمياً كعلاج لأمراض نتنياهو. بن غفير فاشيّ، وغانتس صهيوني قومي متطرف، لكنهما يتعهدان بهدوء مزيف. كلاهما لا يمكنهما توفير الهدوء المأمول، وسرعان ما سيستيقظ الناخبون ايضا من وهم غانتس.
يجب على الجمهور الإسرائيلي الاعتراف بحقيقة أنه طالما استمر توجه الدولة ثنائية القومية تحت نظام التفوق اليهودي العنصري، والاحتلال والابرتهايد، اللذين يشعلان "الارهاب" في "المناطق"، وتعزُّز المنحى الديمغرافي الحريدي كوسيلة للاكراه الديني واستعباد الدولة للحريديين فلن يكون هنا أي هدوء، فقط استمرار الانهيار. يجب على المجتمع الإسرائيلي الاعتراف بحقيقة بأنه بسبب اخطاء ممنهجة وثابتة خلال سنوات وجود الدولة فان الوضع الحالي ببساطة لن يبقى قائماً.
إسرائيل في الوضع الذي كان فيه الاتحاد السوفييتي عشية تولي ميخائيل غورباتشوف الحكم. والوضع في جنوب افريقيا عشية تولي فريدريك وليام دي كلارك الحكم. الاثنان في هذين الواقعين ايضا لم يقوما بالاعلان مسبقاً عن خططهما الثورية. في حالة غورباتشوف، الذي كان بشكل عام مؤيداً ثابتاً للينين وأكثر من البحث عن توجيه في كتاباته، فإن التغيير كان نتيجة خروج الوضع عن سيطرته. هو لم يخطط لسقوط جدار برلين، وتفكك الامبراطورية السوفييتية. فهل يعرف غانتس أن الاعتدال والرسمية لم تحل مشكلة الابرتهايد في جنوب افريقيا والشيوعية في الاتحاد السوفييتي؟ هل يدرك أنه اذا لم يصبح دي كلارك فان إسرائيل ستستمر في السير في المسار غير القابل للحياة الى أن يحل الدمار النهائي؟ من يؤيدونه في الاستطلاعات بالتأكيد لم يدركوا ذلك، هم يعيشون في اوهام.
المفارقة هي أن إسرائيل بحاجة الآن الى زعيم شجاع يستطيع جر المجتمع الى علاج حقيقي. ما العمل، يحتاج هذا العلاج الى اتخاذ خطوات راديكالية. وفي ظل غيابها فان غانتس هو بالإجمال المرشح الرائد لوراثة نتنياهو وكمن سيدفن دولة إسرائيل.

عن "هآرتس"