هارتس : على إسرائيل أن تغلق جولة القتال الحالية في أسرع وقت

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل



تأخر اغتيال إسرائيل 3 من قيادات "الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة أسبوعاً بالضبط. فقبل أسبوع توفي الأسير الأمني والناشط في التنظيم، خضر عدنان، بعد إضراب مستمر عن الطعام. بعدها، ردّ التنظيم بإطلاق أكثر من مئة قذيفة وصاروخ على بلدات غلاف غزة. حينها، بحث المستويان السياسي والأمني في ردّ حاد، لكنّ التقديرات أشارت إلى أن قيادات التنظيم دخلت إلى المخابئ. لذلك، اتُّخذ القرار بالاكتفاء بالرد المحدود وانتظار الوقت الملائم، الذي جاء فجر الثلاثاء.
من المتوقع أن تؤدي سلسلة الاغتيالات، التي قُتلت فيها أيضاً عائلات القياديين، إلى جولة قتالية تستمر عدة أيام على الأقل. السؤال المركزي بالنسبة إلى إسرائيل، يتعلق بتدخُّل "حماس" في القتال: خلال الحملة الأخيرة على غزة "بزوغ الفجر" في آب الماضي خلال فترة حكومة لابيد - بينت، ركزت إسرائيل على استهداف "الجهاد"، ولم تشارك "حماس" في إطلاق النار. هذه المرة بدأت الحملة بطريقة مشابهة. لكن يمكن ألا تسمح "حماس" لنفسها مرة أُخرى بالامتناع عن المشاركة. الأسبوع الماضي، سمحت "حماس" لـ"الجهاد" بإطلاق النار، حتى أنهما أصدرا بياناً مشتركاً صدر عن "الغرفة المشتركة" للفصائل الفلسطينية في غزة.
دخول "حماس" إلى القتال سيحسّن قوة النار الفلسطينية، ويمكن أن يدفع إسرائيل إلى القيام بخطوات إضافية، كتجنيد احتياط أوسع ووضع كتائب نظامية في حالة جهوزية، تحضيراً لحملة برية ممكنة في القطاع. وأيضاً يؤخذ في الاعتبار احتمال إطلاق الصواريخ إلى غوش دان. حقيقة أنه على الرغم من التصريحات، فإن الاستهداف لم يكن "جراحياً"، وخصوصاً أنه أدى إلى قتل نساء وأطفال أيضاً في أثناء الهجوم، يمكن أن تدفع إلى ردّ أقسى بكثير.
وعلى الرغم من ذلك، يبدو أنه على المستوى الاستراتيجي ستكون "حماس" معنية بجولة قصيرة. الواقع الحالي بين إسرائيل وغزة مريح بالنسبة إليها، منذ سمحت إسرائيل بدخول نحو 17 ألف عامل من قطاع غزة للعمل داخل أراضيها.
ورواتب العمال، إلى جانب المساعدات الشهرية القطرية، أدت إلى تحسين الوضع الاقتصادي في القطاع إلى حد ما، وتساعد "حماس" على الاستمرار في الحكم.
احتمال آخر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بموقف "حماس"، هو المتعلق بانزلاق العنف إلى ساحات أُخرى.
في نيسان الماضي، وبعد أن اقتحمت الشرطة المسجد الأقصى بعنف، تم إطلاق قذائف على إسرائيل من غزة والجنوب اللبناني وسورية. اتهمت إسرائيل نشطاء "حماس" في لبنان بالمسؤولية عن إطلاق النار من هناك. تتحدث الاستخبارات منذ فترة طويلة عن "وحدة الساحات" وتصعيد متزامن في عدة جبهات، بتشجيع إيراني.
يمكن أن تسرّع عملية الاغتيال في غزة تحقيق هذا السيناريو، وهذا صحيح أيضاً بالنسبة إلى كل ما يخصّ الضفة، حيث مستوى "الإرهاب" هناك عالٍ أصلاً منذ آذار الماضي.

ضغوط داخلية كبيرة
اتخذ رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، قرار الاغتيال تحت ضغوط داخلية كبيرة. وهذا غير محصور في حركة الاحتجاجات والأزمة السياسية الحادة التي حدثت في أعقاب خطته للانقلاب القضائي. فالرد المحدود، الأسبوع الماضي، دفع المعارضة إلى توجيه انتقادات إلى الحكومة بشأن سياساتها، أما وزراء حزب "قوة يهودية"، بزعامة إيتمار بن غفير، فقاطعوا جلسات الحكومة والتصويت في الكنيست، مطالبين بعملية هجومية أكبر.
في نهاية المطاف، تصرّف نتنياهو كما تصرّف اللذان سبقاه في المنصب، يائير لابيد ونفتالي بينت، اللذان تعرّضا لضغوط مشابهة، وكانت دوافعها أيضاً مشابهة. هو أيضاً يفعّل قوة عسكرية كبيرة نسبياً للرد على الشكاوى الداخلية على إظهار الضعف أمام "الإرهاب" وإهمال أمن سكان غلاف غزة. الفرق الأساسي هو أن نتنياهو يقف أمام موجة احتجاجات غير مسبوقة، بدأت منذ لحظة تأليف الحكومة وكشف مخططه.
الآن، ستشكك المعارضة والاحتجاجات في أن كل خطوات رئيس الحكومة على المستوى العملياتي تتأثر بالمصيدة السياسية التي علق فيها. يمكن لحملة عسكرية أن تساعد نتنياهو على تحويل النقاش الجماهيري والإعلامي عن الانقلاب لعدة أيام. ولكن في المدى البعيد أكثر، وعلى الرغم من تصريحات الدعم للخطوات العسكرية من المعارضة، فإنه لا يتمتع بدعم واسع، ومن المتوقع أن يشكك الكثيرون من المواطنين في حساباته. أشك في أنه يستطيع تغيير المزاج العام في الدولة أكثر من عدة أيام، إلاّ إذا تطورت الحملة إلى مواجهة مستمرة متعددة الجبهات.
من المؤكد أن مصر وقطر والولايات المتحدة والأمم المتحدة ستبذل جهوداً خلال الأيام المقبلة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار جديد بين إسرائيل والفلسطينيين في غزة. حتى ذلك الوقت، ستتفاخر الحكومة والناطقون باسمها بـ "الضربة الشجاعة" والقوية التي استهدفت "الجهاد الإسلامي".
سيكون من الأفضل التعامل مع هذه التصريحات بحذر. فعملياً، لا يوجد فرق جدّي بين الخطوات العسكرية في غزة وبين الخطوات التي قامت بها الحكومة السابقة، على الرغم من الهجوم المتبادل بين المتنافسين. وحتى بعد نهاية الحملة الحالية التي أطلقوا عليها اسم "درع وسهم"، أشك في حدوث تغيير جذري في الوضع في القطاع. وكما هو الأمر لدى اختيار أسماء الحملات العسكرية، يبدو أن إسرائيل استنفدت المخزون "الإبداعي" فيما يتعلق بالحلول الاستراتيجية في غزة. فكلّ عام تقريباً، يتم القيام بحملة عسكرية هناك، وأيضاً بعد انتهاء الحملة ستبقى غزة هي غزة، وستبقى مشاكلها ذاتها.
يبدو أن الحكومة ستتصرف بحكمة إذا تذكّر أعضاؤها - على افتراض أن نتنياهو سيشركهم أصلا في القرارات – بأنه في وقت المواجهة العسكرية يعمل قانون التداعيات غير المتوقعة ساعات إضافية.
بكلمات أخرى، تقريباً كالعادة في غزة، من المفضل أن تسعى إسرائيل لإنهاء جولة العنف في اللحظة التي يمكن فيها ذلك.
من المشكوك فيه أن نحصل على إنجاز عسكري أفضل من هذا. ولكن يمكن بسهولة أن يكون الأمر اكثر سوءاً.
إزاء الخطاب الإسرائيلي، أول من أمس، من الواضح أن السياسيين الذين تبادلوا الوظائف فيما بينهم قبل عدة شهور، ويواصلون، الآن، الاشتباك على جانبي الجدار، ببساطة يبنون على ذاكرة الجمهور الإسرائيلي القصيرة في البلاد.
بالنظر إلى طبيعة الحجج التي طرحت في اليوم الأخير، بشأن الردع الساحق الذي يزعم انه تم تحقيقه هنا، يبدو أن الناخب الإسرائيلي لديه ذاكرة متوسطة، وبالتالي محكوم عليه بتجريب السلسلة ذاتها من الأحداث مراراً وتكراراً، دون أي تغيير حقيقي في النتائج.

عن "هآرتس"