غـزة تـقـول كـلـمـتـهـا

حجم الخط

بقلم صادق الشافعي

 

 

 

حتى اليوم (الجمعة) لا زال عدوان دولة الاحتلال بأجهزتها المختلفة مستمرا على قطاع غزة.
إن هذا العدوان الذي بدأ صبيحة يوم الثلاثاء 9 أيار لم يكن مفاجئا. إذ ان دولة الاحتلال عودتنا على أنه كلما تأزمت أوضاعها الداخلية تلجأ الى حلحلة هذه الأزمات ورأب أي صدع في جبهتها الداخلية بشن حروب أو معارك ضد الشعب الفلسطيني.
من المؤكد أن العامل الأساسي في ضربات العدو للشعب الفلسطيني هو التناقض الوجودي بين أهل الوطن والغزاة الذين ينفون وجود هذا الشعب وحقه في الحياة في مقابل إصرار من اهل الوطن على الحياة وفي ارض وطنهم المحرر. أما العوامل الأخرى والمباشرة فهي:
أولاً، التصاعد الذي شهدته الفترة الأخيرة في النضال الفلسطيني ان لجهة النوع او الكم، ما أدى إلى التفاف جماهيري واسع، وبدأت تتبلور وحدة الشعب والقوى في الميدان. وأدت همجية تعامل دولة الاحتلال مع هذا التصاعد الى كشف عنصرية وفاشية هذا الكيان وبدأت منظمات ومؤسسات دولية تصف دولة الاحتلال بنظام الأبارتهايد.
وثانياً، أسباب ودوافع إضافية ذاتية وخاصة بحكومة دولة الاحتلال الائتلافية القائمة، وبضرورات الحرص عليها والتمسك باستمراريتها في مواجهة أخطار من داخل مجتمع دولة الاحتلال نفسه تهدد تماسكها وقدرتها على البقاء.
 ويمكن القول إن في مقدمة هذه الأخطار يقف خطران: الأول، الحالة الجماهيرية العارمة الرافضة لمكون رئيسي او اكثر من برنامج حكومة دولة الاحتلال القائمة. وتعبر هذه الحالة عن نفسها في تظاهرات تضم في معظمها مئات الآلاف من المتظاهرين او أكثر تحتل شوارع مدينة تل ابيب، ومدن رئيسية أخرى.
يؤكد جدية هذه الحالة وجدية خطرها على الحكومة القائمة انها مستمرة منذ أكثر من شهرين ومتزايدة في عدد المشاركين فيها، ومتمسكة بمطالبها.
 والسؤال الى متى تستطيع حكومة نتنياهو ان تتعايش مع هذا الحال، والى متى تقبل او تستطيع الاستمرار في تكييف مواقفها وسياساتها مع الامر الواقع الذي تفرضه هذه القوى، والى متى يمكنها الصمود واستمرار التواجد والبقاء كحكومة مع استمرار الحال المذكور.
اما الخطر الثاني، فهو الخطر الذي يهدد استمرار وجود الحكومة القائمة من داخلها ذاتها، ويهدد استمرار تماسكها. يؤكد هذا الخطر ان النسبة الغالبة من أعضاء الحكومة والأكثر تأثيرا وفاعلية منهم هم بشكل خاص من اليمين الأكثر تطرفا وعنصرية وعدوانية، والأكثر صهيونية.
وأنهم ما يزالون قادرين ان يفرضوا على الحكومة وعلى رئيسها السياسات الأكثر تطرفا، والأكثر صهيونية وعنصرية وعدوانية.
وهؤلاء هم أيضا الأكثر تبنيا للعنصرية والعدوانية في التعامل مع اهل البلاد واصحابها الأصليين ومصادرة أي حقوق لهم، وهم الأكثر حماساً واندفاعاً باتجاه التوسع الاستيطاني على حساب وجود الشعب الفلسطيني واراضيه وممتلكاته.
وهم بالنتيجة يشكلون خطراً حقيقياً على استمرار الحكومة القائمة، بالذات في حال ما تعمقت الخلافات فيما بينهم وبين رئيس الحكومة والأعضاء الأكثر قرباً وتوافقاً معه.
 الخطران المذكوران شكلا دوافع مهمة لذهاب نتنياهو وحكومته نحو  العدوان الدموي الذي يقومون به وفي تحديد توقيته أيضاً.
ولكن الرد الفلسطيني على العملية العدوانية جاء واحداً وموحداً: إن بالرؤية السياسية للعملية وأبعادها، وإن بعمليات الرد الفدائية العسكرية القادرة والموجعة ضد اهداف لدى دولة الاحتلال.
وما تزال عمليات القصف العدواني الدموي لجيش الاحتلال ضد اهداف فلسطينية في قطاع غزة مستمرة دونما أي اهتمام للتفريق بين هدف مدني وآخر عسكري.
وبالرغم من ارتقاء عشرات الشهداء، ما زالت جاهزية اهل الوطن عالية للصمود، وجاهزية وقدرة مقاتليه على الرد العسكري قائمة.
إذاً ومجدداً ومن غزة ومن الضفة ومن الداخل ومن الشتات، الشعب الفلسطيني يعلن:
أن توجيه حقدهم علينا لن يمنع تصدع صفوفهم، وأن الضربات الهمجية توحدنا وتجمع شملنا، وأن سياسة الاغتيالات التي دأب الاحتلال على اللجوء اليها منذ إعلان قيامه لن توقفنا، وأن قوافل الشهداء اليومية وآلاف الأسرى في مدن الضفة وغزة تشق الطريق نحو تحررنا.