"هولوكوست" بن غفير

حجم الخط

بقلم وليد الهودلي

 

لا فرق بين أن تأتي بالناس إلى أفران الغاز كما فعل بهم هتلر، وبين أن تأتي بالنار وتصبها على رؤوس الناس وتدخلها إلى أعماق بيوتهم الامنة، وهنا استذكر ما قاله ابراهام بن بورغ في كتابه:" لننتصر على هتلر"، حيث يعترف بأن هناك داخل كلّ اسرائيلي هتلر وهذا ما دفعهم لممارسة الظلم والطغيان على الشعب الفلسطيني، لقد تحوّلت الضحيّة إلى جلاد شرس وليتهم مارسوا دور الجلاد وهذا الاجرام اللعين على من فعلها بهم، لقد صبّوا جام أحقادهم والغضب الذي يغلي في صدورهم على الشعب الفلسطيتي الذي لا ناقة له فيها ولا جمل.


بن غفير شخصية شديدة التطرف مسكونة بالحقد والهوس والمزايدة على غيره من جمهوره المتطرف وقد نجح في جر بقية العصابة المتطرفة أصلا إلى مربعه الأسود، فكان هذا العدوان الشرس الذي كان أغلب ضحيّته من الأطفال والنساء والناس الذين لا علاقة لهم بما أعلن من أهداف عدوانية، ثم يتبجّح ويعتبر ذلك إنجازا لحكومته، فأيّ صلف هذا وأية غطرسة؟ ولماذا تجدهم دوما يمثّلون دور الضحية ويثيرون ما فعلته بهم النازيّة فيما عرف بالهولوكوست أو المحرقة؟


ماذا يعتبرون ضرب شقّة سكنية بالصواريخ والتي من المعروف مسبقا أنها ستقتل أطفالا وستصيب أناسا في الشقق المجاورة وسترعب منطقة سكنية بأكملها، لماذا يصمت العالم الحرّ على هذا الهولوكوست المتنقّل الذي تفتتحه النيران القاتلة والحارقة في المكان الذي تسقط فيه صواريخهم؟


وهنا قد يسأل سائل وماذا عن صواريخكم؟ لنردّه الى السؤال من الضحية الاحتلال أو من يدافع عن نفسه من جرائم الاحتلال؟ وكيف تضع حدّا لجرائمهم ، هل ينفع ذلك الاسترحام واستدرار العطف العالمي الذي بدوره سيكبح جماحهم ويثنيهم عن ممارسة هذه الجريمة المفتوحة؟ أم هل سنراهن على أخلاق الاحتلال وأنه من الممكن أن يتحوّل في يوم من الأيام الى احتلال محترم؟!


لقد جُرّب كل هذا ولم يجد نفعا، لم يستجب لعشرات القرارات التي أصدرها مجلس الامن وهيئة الأمم، ضرب بها بعرض الحائط، أتته فرصة ذهبية: "اتفاقية أوسلو" التي منحته 78% من البلاد وتركت للفلسطينيين البقية، ألا أنه استمرّ في اشباعها استيطانا وعدوانا وبقي موغلا في ممارسة جرائمه بكلّ صنوف الاجرام: قتلا واعتقالا واعتداء على كل تفاصيل الحياة الفلسطينية.


لقد حوّل هذه الحياة الى جحيم واستمرّ في العربدة وممارسة غطرسة القوّة، ثمّ ليعتلي سدّة الحكم عندهم بين الحين والأخر من هو أشدّ جنونا وتطرفا مثل هذا البن غفير فيجرّهم الى المربع الأكثر فسادا وجريمة،.. لقد أثبت أن الشعب الذي يدخل في خياراته مثل هذه الشخصيات هو شعب يزداد مع الزمن حقدا وكراهية وقدرة عالية على ممارسة العدوان بكلّ أشكاله. فمشكلتنا ليست مع أفراد تسلّلوا للحكم وإنما مع هذه الزمرة البشرية التي رضيت لنفسها هذا الدرك الأسفل في عالم الجريمة السفلي والأسود.


ومع هذا فلم تجر الرياح بما تشتهيه سفنهم ليحكموا شعبا مهزوما مستسلما مسكونا بالخوف والذلّة والمسكنة، بل كان لهم أن هذا الشعب الفلسطيني قد ضربت عليه العزّة والكرامة والشعور العالي بالسيادة ورفض الذلّ والمهانة، فكانت هذه المقاومة الباسلة التي نجحت في صناعة معادلة الرعب والالم المتبادل وصراع الادمغة، ونجحت في هذا بامكانياتها المتواضعة جدا في واقع محاصر. ،، كيف خرج لهم من ينجح في لجم عدوانهم وإدخالهم في حسابات عسيرة أمام أي عدوان يفكّرون به، وإن مارسوه جرّ عليهم وبال جريمته مما يدفعه لاعادة حسابه فورا.


لقد اكتشف الشعب الفلسطيني أنه لن ينفعه أحد ولا رأي عام عالمي ولا عواطف الجماهير العربية وأحرار العالم ( رغم أهميّة هذا الامر)،، لن ينفعه سوى أن يشمّر عن ذراعه ويدخل صراع الادمغة بكل ما أوتي من قوّة، وقد نجحت مقاومة الشعب الفلسطيني في هذا أيما نجاح، لقد شكّلت القوّة الرادعة التي يحسب لها الاحتلال ألف حساب، وشكّلت توازنا قويّا مع هذا الاحتلال. وهذا ما نراه مع كلّ حرب يحاول فيه هذا الاحتلال فرض هيمنته وإرادته فيفشل فشلا ذريعا بفضل الله ثم بما نجحت فيه مقاومتنا من قدرة عالية على لجم تطرفه النكد ومنعه من الوصول الى أهدافه.