حكومة إسرائيل تتخبط في الرمال المتحركة

معاريف
حجم الخط

في هامش الاخبار، كالمعتاد، عقد معهد بحوث الامن القومي، الاسبوع الماضي، ندوة متعددة المشاركين بحثت فيها المسائل الامنية والسياسية الاهم المتعلقة باسرائيل في المحيط المتغير جدا. من المؤسف أن يكون صوت وسائل الاعلام قد اختفى بالذات في المسائل الاكثر حساسية. وهذه ليست المرة الاولى. بالصدفة كان المعهد نفسه قد اصدر كتابا سميكا يسمى «التقويم الاستراتيجي لاسرائيل، 2015 – 2016». وغني عن البيان أن وسائل الاعلام لم تعنَ بذلك بما يكفي، ان لم يكن تجاهلته. 
يجدر البدء باستنتاج «التقويم الاستراتيجي» كما يظهر في شروحات المحررين: الاستنتاج الذي يستخلص من صورة الوضع، والتي ترسم التحليلات الواردة جوانبها المتنوعة، هو انه من أجل ضمان مستقبل دولة اسرائيل – سواء في الجانب الامني ام في الجوانب السياسية والاقتصادية – فان عليها ان تبحث وتعثر على الفرص في محيطها القريب والبعيد. وعلى هذا الجهد أن يكون فاعلا، وان يتم في ظل الوعي بالاثمان التي سينطوي عليها بوضوح تحقيق الامكانية لخلق محيط اقليمي ودولي اكثر راحة لاسرائيل. وكل هذا دون أن تأخذ على عاتقها مخاطر أمنية وفي ظل تخطيط رد على المخاطر التي حتى تحسين العلاقات المستقبلية بينها وبين الدول والمنظمات في المنطقة لن يلغيها بالضرورة». 
سياسة حكومة اسرائيل هي سياسة جامدة، سياسة اقعد ولا تفعل شيئا. ليس للحكومة أي استراتيجية للمدى البعيد الا موضوع «المناطق»، وان كان حتى في هذه المسألة، على الاقل ظاهرا، لا يوجد توافق بين عناصر الائتلاف. وليس الموقع أعلاه فقط يقول انه لا توجد سياسة واضحة وكله ما هناك هو ارتجال واحد كبير بل وزير كبير في الكابنت، هو بينيت. وهذا ليس هو الوزير الذي أقدره. بل العكس. غير أن قوله حول انعدام عملية فكرية مثمرة ومعمقة في مواضيع الامن القومي، أو على حد تعريفه الجمود الفكري، هو قول صحيح. فحكومة اسرائيل تسير بقوة القصور الذاتي دون أن تقرر لنفسها أهدافا واضحة على المستوى السياسي. وللحقيقة، فهذا ليس اكتشافا صاخبا. فحص معمق للتاريخ الاسرائيلي يثبت بان كل هذا يمر كالخيط الثاني على مدى السنين. وفي الوقت نفسه ينبغي التشديد على أن بينيت يعرف كيف يشخص جيدا «مرض» الحكومة. ولكن المشكلة هي أنه ورفاقه يقترحون «علاجا» فيه ما يوقع مصيبة على اسرائيل. 
بينيت، آييلت شكيد، واوري ارئيل هم مملون بالسياسة، ونتنياهو ينجر وراءهم الى الطين المتحرك جدا المتمثل بالعزلة الدولية، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من معنى. فرفض امكانية الدولتين كسياسة حكومية هو مصيبة لاسرائيل. من يقول هذا صراحة هو غالنت في ندوة معهد بحوث الامن ذاتها: «بعد عقد سيجلس غرب الجرف السوري – الافريقي ثمانية ملايين يهودي وثمانية ملايين غير يهودي. ومن تلك اللحظة سنصبح هناك أقلية يهودية في هذه المنطقة لاول مرة منذ سنوات طويلة جدا... واجبنا هو الحرص على ان تتحقق رؤيا الدولتين في هذه المنطقة». هذه هي اقوال لواء احتياط يعرف الوضع جيدا.
الوضع الامني الاقليمي والواجب الملقى على اسرائيل في ايجاد الشركاء في المنطقة ممن هم مستعدون للقتال معها ضد ايران وفروعها يستوجبان حل المسألة الفلسطينية. هذه فرصة، ومن لا يتبناها من شأنه أن يجد نفسه في مشكلة عسيرة للغاية. رئيس الاركان هو الاخر قال هذه الاقوال في الندوة ذاتها. معقول انه يعرف شيئا ما في الامن. 
ظهور نتنياهو ورفاقه على التلفاز والخطابات المثيرة للشفقة والشعارات القديمة لن تجلب الامن لاسرائيل. فهل حكومة اسرائيل قادرة على السير في الاتجاه الصحيح؟ من المشكوك فيه جدا.