بقلم: سميح خلف

بن غفير ومن حوله

سميح خلف
حجم الخط

غزّة - وكالة خبر

بن غفير ليس شخصا متطرفا فقط او استطاع ان يجمع عقلية التطرف والفاشية الصهيونية بل هو يعكس طبيعة الحركة الصهيونية التي نشأت عليها مرورا بقيام دولة ما يسمى اسرائيل وما بعدها من مشاريع وبرامج ، "حقيقة" كسبت فيها اسرائيل في تحقيق اهدافها في كل مراحلها وجولاتها سواء مع الاقليم او استراتيجيا في توغل الاستيطان والتغيير الديموغرافي على الارض الفلسطينية سواء المحتلة عام 48 او 67 هذا هو بن غفير الوجه الحقيقي لما يسمى اسرائيل بعيدا عن لغة المتفائلين و المتعاونين مع من يسمى العلمانيين في دولة الاحتلال لتغيير واقع هذه الدولة التي بنيت على تسويق الوجه الديمقراطي ، و الحقيقة الثانية ان هؤلاء العلمانيين يقفون سواء كانوا في الحكم او خارجه مؤيدين ومشاركين في كل الجولات سواء في حروبهم مع دول الاقليم او في مواجهة الشعب الفلسطيني .

عندما يقوم الجيش الاسرائيلي والمستوطنين باقتحام مدن الضفة و مخيماتها وممارسة القتل وتقطيع الاشجار لم يختلفوا على النهج والسلوك اذا كان خاص باضعاف الجبهة الفلسطينية او تحقيق النصر على كل دولة في الاقليم تبنت فكرة تحرير فلسطين او تحقيق الامن امام المشروع الصهيوني ، وعندما تقوم طائرات الاحتلال بقصف منازل الامنين في غزة بدعوى مطاردة وملاحقة النشطاء والقيادات سواءا سياسية او ميدانية وبما يخل القانون الدولي و العرف الانساني لم يختلف العلمانيين مع المتشددين الصهاينة فالوجه الحقيقي لهذه الدولة هي الحقيقة الطبيعية لوجودها بوجود المتطرفين التلموديين بفاشية جديدة تريد ان تحقق اهدافها فيما يسمى ارض الميعاد ، و من هنا كان تعليق رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين ناتنياهو على كلمة عباس في الجمعية العامة عندما قال بأنه لا وجود لما يسمى اليهود في الاقصى ردت اسرائيل برئيس وزرائها "اننا الان في الاقصى و هذا يثبت ان هذه المدينة لنا ووجودنا منذ ثلاثة الالاف سنة" و رد بن غافير باقتحامه الاقصى و من قبلها فيما يسمى مسيرة الاعلام التي دخلت من باب العمود الى حائط البراق مرددة "الموت للعرب" .

لم يشفع للعرب سواء بمنظور التقلبات الاقليمية والدولية او لمن يريد الانفكاك من القضية الفلسطينية وبعدها القومي او بمنظور المصالح في مرحلة المتغيرات الدولية والاقليمية بأن قاموا بالتطبيع ، فالفاشية الجديدة التي يمثلها بن غفير وسمورتيتش و ناتنياهو لم يفهموا ان صراعهم مع الشعوب العربية صراع دائم و ان كان في طليعتها الفلسطينيون .

تحدى بن غفير و الفاشية الجديدة في اسرائيل كل ما صدر عن الفصائل من تحذير و القاء "المسؤولية على الاحتلال" وتحدى ايضا مقررات القمة العربية وتصريحات وزراء الخارجية ايضا المحذرة من تمادي اسرائيل في سلوكها في القدس التي قالوا عنها انها تدمر عملية "السلام " و كأن اسرائيل او الوجه الحقيقي لاسرائيل يريد السلام والمتغابون او الاغبياء او الضعفاء لا يفهمون ان هذا الاحتلال قائم على الحرب وهذه نظرية وجوده الغربية عندما اقاموا هذا الكيان ، وتحدى بن غفير وناتنياهو الرؤساء والملوك العرب عندما اقتحم المسجد الاقصى وتمسك مؤتمر القمة "بالمبادرة العربية" التي اعلنت منذ 2003 ، مبادرة الملك فهد رحمه الله هكذا هو الواقع ، اما السلطة الفلسطينية و على غرارها مؤتمر القمة العربي فتكتفي بالمناشدات والضغط على امريكا لتضغط على اسرائيل لتكف عن اجراءاتها في الضفة الغربية وقطاع غزة ولم تتخذ القمة العربية اي قرار فعلي لفك حصار غزة مثلا او لوقف عملية الابريهايد في القدس والتغيير الديموغرافي وسحب الجنسية وخفض المساعدات والتمويل لصحة والمدارس العربية في القدس ، و لم تلزم تلك الدول اسرائيل باقتحامات الاقصى او وقف تهويد الحرم الابراهيمي في الخليل او حماية الاسرى في السجون الاسرائيلية.

الحقيقه سبب استمرار وجود هذا الاحتلال ان كل اجراءات المنظومة الاقليمية او الدولية اجراءات ورقية امام سلوك الاحتلال باستثناء غزة التي تصنع شيئا مخالف و ان لم تحقق انجاز ملحوظ سوى الرعب الامني لدولة الكيان و كل العمليات في الضفة الغربية فهي دولة لم تحقق الامن لها عبر مسيرتها على هذه الارض "و هذا حققته غزة" بصرف النظر عن الانقسام و خطورته و جريمته وخطيئته على الواقع الفلسطيني بمسببات انقسام سياسي و سيادي قد يكون لاسرائيل مصلحة في استمراره لتقع الضفة كاملة تحت شهية الاحتلال ، و هنا لا خيارات امام الطرفين الحاكمين في سلطة ملتزمة في الضفة و سلطة في غزة تحكمها معايير سياسية و امنية ومصالح مع دول الاقليم والعالم مثلها مثل السلطة وان اختلفت البرامج والمواقف والاعدادات باستثناء "حركة الجهاد الاسلامي" التي ليس لها اطماع في الحكم او السلطة فقد تكون حماس قد فقدت كثير من حاضنتها وشعبيتها لانغماسها في السلطة والحفاظ عليها وعدم وجود حالة اشتباك مستمرة مع الاحتلال في غزة و كما ترى حركة الجهاد التي خاضت ثلاثة حروب بمفردها مع الاحتلال.

وأريد ان انوه هنا ان الساحة الفلسطينية بنخبها تزخر بأكبر عدد من المحللين السياسيين و البارعين في الوصف من اكثر من اي دولة اخرى و هذا يظهر مربعات الفشل و العجز يعني "طق حنك" بدون اي تأثير فعلي على فئات الحكم.

أما المحلل السياسي جدعون ليفي فسأكتفي في نهاية هذا المقال لما قاله في مقاله اخيرا عن جولات الحروب مع غزة وتدميرها للبنية الاقتصادية لدولة الاحتلال و ما اعطى الوصف حيث قال "قد فهمنا الدرس ، هؤلاء المتوحشين اهل غزة هم ليسوا جيوش عربية منهارة فهم لا يجدون قوت يومهم ولا هم بأصحاب مال نستطيع ان نؤدلجهم كالخراف المشكلة في عقيدتهم و ايمانهم التام بأن الارض لهم و ليس لنا .. امريكا لن تنفعنا في نهاية المطاف والرؤساء العرب لن يساندوننا لعجزهم في اوطانهم ولكره الشعوب لهم اعتقد ان "النهاية قريبة ".