في الذكري التاسعة والخمسون لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية التي مثلت منذ تأسيسها إطارا وطنيًا تمثيليا جامعا ضم القوى والاتحادات الشعبية، والتنظيمات الفلسطينية في كافة اماكن تواجدها وتبنت مشروعا وطنيا تحرريا فلسطينيا تم توثيقه في الميثاق الوطني الفلسطيني سنة 1968، غير انه ومنذ اتفاق اوسلو سنة 1993، بدأ التراجع وبشكل مضطرد في دور المنظمة، بفضل توجه السلطة لبناء سلطة تحت الاحتلال، على حساب النضال من اجل انهاء الاحتلال وانجاز الحقوق الوطنية.
وبالتوازي مع مسار اضعاف المنظمة وتهميش دورها، ازدادت جرائم الاحتلال الإسرائيلي وفي المقابل لم يتجاوز موقف السلطة سوا الاستنكار والشجب والانتظار مع استمرارها في الالتزام بالتنسيق الامني مع الاحتلال، مخالفة لإرادة الشعب ولقرارات الاجماع الوطني في سحب الاعتراف وقف التنسيق الامني، وانجاز الوحدة الوطنية التي اعاقها الرئيس كما عطل مسار اجراء انتخابات فلسطينية شاملة، ما ساهم في تكريس حالة الاقصاء والتفرد، وتحويل اللجنة التنفيذية للمنظمة الى لجنة استشارية، واجهاض تشكيل الإطار القيادي المؤقت، واعتبار المجلس المركزي المعين بدون توافق قائم بأعمال المجلس الوطني، وقد وساهم تهميش دور منظمة التحرير في تراجع مكانة القضية ووفر المناخ لطرح بدائل كصفقة القرن والسلام الاقتصادي وتقليص الصراع، وتسريع التطبيع .
وبدلاً من إعادة ترتيب البيت الداخلي لتعزيز المواجهة لمخططات الاحتلال، تم الانشغال في تعمق الحكم الفردي التسلطي وإجراء ترتيبات لتطويع المنظمة والسلطة لما هو قادم في إطار الصراع على الخلافة لتكريس هيمنة طبقة سياسية محددة مرتبطة مصالحها مع الاحتلال الإسرائيلي. وفي الوقت الذي يجمع العالم والفلسطينيين على ان دولة الاحتلال أغلقت كل افاق للتسوية، للأسف لم تصل قيادة السلطة إلى هذا الاستنتاج، بل ساهم قبولها بالأمر الواقع في التحول لسلطة معيقة لعملية التحرر الوطني.
تتطلب الحالة المركبة والمعقدة للأوضاع الفلسطينية والدولية والإقليمية وصعود الفاشية العنصرية الإرهابية في دولة الاحتلال العمل الجاد لإعادة بناء المنظمة على أسس الشراكة والديمقراطية، عبر اجراء انتخاب مجلس وطني يمثل كل الفلسطينيين، وفقا لمبدأ التمثيل النسبي، وعبر التصويت الالكتروني، أو بالتوافق الديمقراطي حال تعذر إجراء الانتخابات، مع مراعاة المستجدات وأوضاع كل تجمع فلسطيني.
فالبدائل امام الفلسطينيين اليوم تتمثل في استمرار المقاومة المتدرجة وصولا لانتفاضة شاملة، وإعادة بناء منظمة التحرير كمهمة وطنية لا يجوز أن تؤجل ويجب أن تحشد لها كافة القوي الشعبية لبلورة كتلة شعبية وتيار وطني عابر للجغرافيا والفئوية يقود حرك شعبي ضاغط ومستمر لحين إنجاز مهمة انتخاب مجلس وطني يعيد بناء كل مؤسسات المنظمة، ويعهد إليه الاتفاق علي المشروع الوطني والاستراتيجية النضالية وانتخاب قيادة موحدة للشعب الفلسطيني تتابع نضال الفلسطينيين على كافة المستويات من اجل العودة وتقرير المصير.
ختاماً ليكن العام الستون عام إعادة بناء المنظمة علي اسس الشراكة والديمقراطية وانتخاب مجلس وطني يمثل الكل الفلسطيني.