انتهت الانتخابات الرئاسية في تركيا مايو 2023، بفوز كبير لرجب أردوغان، رغم الأزمات التي هزت أركان حكمه، وأوصلت الليرة التركية الى انخفاض تاريخي، بعدما دخل في فترات سابقة مسارات لم تجلب الخير السياسي، منذ انحيازه للمشروع الأمريكي التآمري على المنطقة العربية، وغزو سوريا واحتلال بعض أراضيها، وكذا التدخلات المتلاحقة في شمال العراق، الى جانب عواصف داخلية.
فوز أردوغان لفترة حكم خمس سنوات مضافة، ستضعه الرئيس الأطول حكما في تاريخ تركيا الحديث، تحقق رغم انه خسر المدن الكبرى وخاصة العاصمة السياسية أنقره والعاصمة العملية إسطنبول، وأزمير، فيما كانت المفاجأة فوزه بمناطق التضرر من الزلزال، وخاصة غازي عنتاب، حيث راهنت المعارضة أن تكون نقطة اختراق لها، فحدث عكسها تماما.
من الظواهر الملفتة في فوز أروغان بدورة جديدة، بروز العامل الخارجي كعنصر رئيسي، بل ربما مركزي في تحقيق ذلك، في ظاهرة تستحق الانتباه، فقوى الدفع التي حسمت كثيرا "الربح الانتخابي الأردوغاني"، تجسد في عناصر رئيسية خارجية ومنها:
* دعم روسي صيني غير مسبوق لتركيا في ملفات مختلفة.
* دعم عربي وخاصة خليجي مالي وضخ أموال بشكل استثماري.
* موقف غربي وخاصة أمريكا، داعم الى المعارضة ومرشحها كيليجدار أوغلو.
* اللقاءات الرباعية: روسيا، سوريا، تركيا وإيران.
* انفتاح محسوب مع مصر وخاصة لقاء السيسي – أردوغان على هامش افتتاح كأس العالم في الدوحة، برعاية أمير قطر تميم.
* التعامل السياسي الخاص في حرب أوكرانيا، علاقة مميزة جدا مع روسيا، وباب أكثر من نصف مفتوح مع أوكرانيا.
عناصر كانت حاسمة في عودة أردوغان الى القصر الرئاسي، يبرز من بينها، العامل العربي كأكثر عوامل الفوز، كونه تجسد في تقديم دعم مالي مباشر، في ظل أزمة اقتصادية كارثية، ترافقت مع زلزال مدمر، كاف لأن يطيح بأي رئيس، ولكن وبشكل مفاجئ، كان تدخل دول عربية وخاصة "السعودية – الإمارات"، بتقديم الدعم المالي الكبير، رغم ما كان بينهم سابقا، لعب دورا حاسما في تحقيق تلك النتيجة السياسية.
بالتأكيد، الدعم الاستثماري العربي، ليس "عملا خيريا" ابدا، وليس تعاطفا إنسانيا، لكنه جاء في سياق حسابات سياسية جديدة تتبلور في المنطقة، تتوافق والتطورات العالمية بانتهاء "العهد القطبي الواحد"، والذهاب الى "تعددية المراكز"، وتأكيدا على خطوات تم القيام بها، وفق تلك الرؤية الحديثة، مثلت مظهرا تمرديا على الموقف الأمريكي.
الدعم العربي، وخاصة السعودية – الإمارات (قطر متوافقة مع أردوغان منذ توافقهم لدعم مشروع أوباما الإسلاموي)، شكل قوة دفع لأردوغان، لكنه أيضا، أكد أن مسار "الاستقلالية" النسبية الذي انطلق بعيدا عن مسار التبعية التاريخي للولايات المتحدة، مستمر، ويتعزز، بعد فتح الباب لعلاقات متوازنة مع إيران، وعودة العلاقة مع سوريا، وتطور سريع جدا في العلاقات الشاملة مع روسيا والصين.
السؤال، هل يعيد أردوغان تموضع تركيا سياسيا وفقا لعناصر الفوز الخارجية، وخاصة علاقاتها العربية، والذهاب نحو حل الأزمة مع سوريا والكف عن دعم وتبني حركات إسلاموية معادية لدول الحكم وخاصة مصر، بعدما أدرك أن الولايات المتحدة وبعض أوروبا، لن تنقذه من أزمة اقتصادية عميقة، أم يعود لما كان، وعندها ستكون الخسائر مركبة سياسيا واقتصاديا.
المؤشرات الأولية بعد الفوز ترجح أن أردوغان أدرك جيد، ان خياره السياسي نحو الدول العربية، وقطع الصلة بماض ألحق بتركيا ضررا كبيرا، وأن تطبيع العلاقات معها ضرورة لا بد منها، وجزء منها حل الوجود الاحتلالي لأراضي سورية.
الموقف العربي في دعم أردوغان عنصرا مضافا لعناصر "التمرد السياسي" المتنامي على المشروع الأمريكي العام...فهل يستمر نحو خلق قواعد عمل تضع المنظومة العربية ضمن خارطة مراكز التأثير العالمي الجديدة..تلك هي المسألة!
ملاحظة: ما نشر حول تقرير الأمم المتحدة واتهامها لدولة الاحتلال بعمليات تجنيد أطفال فلسطينيين واستغلالهم، وثيقة قانونية وسياسية يجب أن لا تمر مروا عابرا...دولة العدو تحركت فورا لكسر عناصر التقرير..يا ريت الرسمية الفلسطينية ما تنام بالعسل بأنه الأمور عال العال..لا بدها هزة بدن وبلاش بلادة!
تنويه خاص: ما حدث في مباراة فريقي "الوحدات" و "الفيصلي" يجب تطويقها فورا، وألا يتم علاجها "سبهللي"، فما كان يمثل تحريكا لـ "فتنة" تم قبرها من زمن يمكن لعدونا القومي تغذيتها...بدها حركة وبرقيا!