يتصاعد غضب اليمين "الإسرائيلي" مع فشل المنظومة الأمنية للاحتلال في وقف عمليات إطلاق النار بالضفة الغربية، والتي لم يكن آخرها، ما جرى فجر الجمعة إصابة جندي إسرائيلي قرب نابلس، والذي يُطالب بشن عملية عسكرية واسعة على غرار السوق الواقي في العام 2002 التي أدت لوقف العمليات الفدائية هناك، حتى إعادة تفعليها خلال العامين الأخيرين من خلال كتيبة جنين وعرين الأسود في نابلس وطولكرم وجنين.
62 عملية إطلاق نار في مايو فقط
ووفقًا لإحصاءات الاحتلال الإسرائيلي، بلغت عمليات إطلاق النار خلال شهر مايو/ أيار المنصرم، 62 عملية، بعضها كان من خلال استهداف المستوطنين أو المستوطنات بذاتها، أو الجيش الإسرائيلي على الطرق والمحاور أو حتى خلال اقتحام ع لبعض المناطق.
مع الإشارة إلى أنّه في الأسبوع الأخير من مايو، شهد مقتل مستوطن قرب طولكرم، فيما أصيب جندي فجر الجمعة، وتعرض مركبات ومواقع عسكرية إسرائيلية لسلسلة عمليات إطلاق نار.
وكان الأسبوع الأخير الذي ينتهي اليوم متوترًا بشكل خاص بعد مقتل مستوطن قرب طولكرم، وإصابة جندي إسرائيلي فجر اليوم، وتعرض مركبات ومواقع عسكرية إسرائيلية لسلسلة عمليات إطلاق نار.
وتقول صحيفة معاريف في تقرير تحليلي لمراسلها ومحللها العسكري تال ليف رام: "إنَّ إسرائيل في حال زادت خطورة العمليات الفلسطينية وأدت لوقوع قتلى وجرحى، فإنّها قد تلجأ لتنفيذ عمليات عسكرية أوسع تستمر عدة أيام ضد تمركز الخلايا المسلحة خاصة في نابلس وجنين، وقد تمتد لمناطق أخرى مثل مخيم نور شمس في طولكرم والذي بدأ يظهر في الصور مؤخرًا باتساع نطاق النشاطات من داخله".
ما سبق يطرح تساؤلات، حول الأمر الذي يدفع "إسرائيل" لتوسيع عملياتها العسكرية، هل اليمين الإسرائيلي أم خطط أمنية تُحكمها؟، وأين موقع السلطة مع استمرار دخول الاحتلال لعمق الضفة الغربية؟ وهل ترد غزة حال توسيع العمليات العسكرية في الضفة؟.
لا حروب مع دول خلال الخمس سنوات القادمة
من جهته، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي، أنَّ "اليمين الإسرائيلي يُطالب منّذ زمن، بشن عملية عسكرية في الضفة الغربية؛ لكِن عمليًا ليس له تأثير بقرار شن عمليات عسكرية ضد الفلسطينيين في الضفة وغزة"، لافتاً إلى أنَّ العملية العسكرية التي تمت بغزة جاءت بناءً على رؤية عسكرية محضة؛ باعتبارها فرصة للإعلان عن انتصار داخلي إسرائيلي على الفلسطينيين.
وأوضح عليان، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنَّ "إسرائيل مُنذ العام 2015 وضعت استراتجيتها الأمنية لخمس سنوات، أيّ حتى العام 2020، وتنص على عدم الدخول في حروب مع دول خلال الخمس سنوات القادمة، بل مع منظمات ومجموعات تملك دول ومع مجموعات لا تملك أراضي، بمعنى مع حزب الله في لبنان أو حماس في غزّة، مع إمكانية مواجهة مجموعات في الضفة التي لا تمتلك أراضٍ".
استراتيجية "القتل لأجل القتل فقط"
وأشار الهندي، إلى أنَّ خطة السنوات الخمس سابقة الذكر، كانت تقول إنّه "يجب ممارسة القتل من أجل أمرين، الأول هو منع اندلاع انتفاضة ثالثة؛ لأنّها تُدرك أنَّ الانتفاضات ذات الطابع الشعبي، تضطر فيها لدفع ثمن سياسي للفلسطينيين، أما الأمر الثاني فهو ردع الفلسطينيين".
وبيّن أنَّ استراتيجية الاحتلال للعام 2015، كانت تعتمد على القتل لتحقيق أهداف سياسية، مُستدركاً: "أما الاستراتجية الجديدة، فهي بذات البنود السابقة، مع إضافة بند مهم وهو ممارسة "القتل لأجل القتل"، أيّ الدخول على كل منطقة فلسطينية وممارسة القتل، وفي هذا السياق يمكن قراءة ما يجرى في الضفة منذ عام 2000 حتى اليوم".
واستغرب الحديث عن عمليات عسكرية في الضفة. مُعتبراً أنَّ المطالبات بعملية "سور واقي" جديدة أو محدودة غير واقعي؛ لأنّها عمليًا تُمارس القتل والتدمير من خلال اجتياح القرى والمدن.
قرابة 150 ألف قطعة سلاح في أيدي مقاومي الضفة
وأكمل الهندي: "لكِن أحد الأسباب التي تتذرع بها لعملياتها العسكرية، هو وجود أسلحة في الضفة، مُتطرقاً إلى تقديرات تُشير إلى وجود 150 ألف قطعة سلاح غير الموجودة لدى السلطة الفلسطينية هناك.
ولفت إلى أنَّ "إسرائيل" عندما فتحت المجال لتصدير السلاح للضفة الغربية كانت تعتقد أنّه سيذهب للقتال الداخلي كما خططت أنّ يحدث أيضاً للفلسطينيين في أراضينا المحتلة عام 1948، لكِن قطع السلاح التي تم تصديرها من إسرائيل للضفة، لم يستخدمها الشعب الفلسطيني في صراعات داخلية سواء مع السلطة أو مع الناس فيما بينهم؛ وبالتالي "إسرائيل" تخشي في حال اندلاع "ثالثة" أنّ يتوجه لها هذا السلاح، ولذلك ذهبت باتجاه "ضربات وقائية" بحق الفلسطينيين أساسها "القتل لأجل القتل".
إضعاف سلطة رام الله وتقوية سلطة غزة
وبالحديث عن هدف "إسرائيل" من توسيع عملياتها في الضفة؛ خاصةً أنّها تملك الدخول والخروج يوميًا في القرى والمدن بالضفة وقد عزز الأمر ضعف السلطة هناك، رأى الهندي، أنَّ "الجهة التي أضعفت السلطة الفلسطينية بنسبة أكثر من 80% هي إسرائيل مع أهمية الإشارة إلى حرص "إسرائيل" على وجود سلطة في غزّة بنسبة 300%، مع عدم حرصها على وجود سلطة في رام الله بنسبة 40%؛ لأهداف سياسية لها".
ونوّه إلى أنَّ "إسرائيل" تُحارب السلطة في رام الله من خلال خصم الأموال وعدم المفاوضات معها وكثير من التفاصيل التي لها علاقة في إضعاف السلطة بالضفة، مُردفاً: "إسرائيل لها هدف من ذلك مكون من شقين، الأول هو ذهابها نحو سياسية الكانتونات وبالتالي لا يلزمها قيادة وطنية للشعب الفلسطيني، وإنّما تحتاج لقيادات ذات طابع محلي، والخيار الثاني تدفع لإنشاء سلطة فلسطينية بدون طموح سياسي، أي خدماتية".
عملية في الضفة.. إسرائيل تضرب غزة وليس العكس
أما عن إمكانية تحقيق "إسرائيل" الردع من خلال عملياتها العسكرية المتواصلة في الضفة، قال الهندي: "إنَّ إسرائيل تُدرك أنَّ كل عملية تشنها ضد الفلسطينيين لها ردود أفعال خارج المنطقة وبالذات اتجاه المستوطنين؛ لذلك الردود الفلسطينية على العمليات الإسرائيلية بالنسبة لجيش الاحتلال محتملة".
واستدرك: "لكِن إذا كانت الردود على شكل عمليات جماعية في شوارع الضفة، فمن الممكن وقتها أنّ تُعيد إسرائيل دراسة ما تقوم به ضد الفلسطينيين"، مُعتقداً أنَّ زيادة المقاومة ستُقللمن خسائر الفلسطينيين.
وبشأن احتمالية رد غزّة على أيّ توسيع محتمل للعملية العسكرية في الضفة الغربية، قال الهندي: "إنّه وبعيداً عما يُدار في وسائل الإعلام، فإنَّ الجهاد الإسلامي دخلت المعركة الأخيرة منفردة؛ وبالتالي ما يجري في الضفة لن يكون له ردود فعل من غزّة والعكس صحيح، ومن الممكن في ظل الحديث عن العمليات في الضفة، أنّ تقوم "إسرائيل" بتوجيه ضربة لغزّة.